«السفر إلى الجنّة»… حبٌّ وحسدٌ ومؤامرات

سلوى الطريفي

العنوان الجاذب للقراءة، يجعلك تتساءل كيف نسافر إلى الجنة؟ ولِمَ؟ وأين؟ ومتى؟

الروائية الفلسطينية وفاء عمران، التي استطاعت أن تُجسّد حياة الشعب، وتنقل معاناة الشباب والفتيات وتصوّر رحلة العذاب التي يحياها كلّ شاب أو فتاة، جعلتنا نتخيّل حياة «سلمى» بطلة القصة ، و«سمير» الجندي المجهول، الذي ما لبث أن بدأ حياة سعيدة في الأولى حتى تبدّلت حياته في الأخرى مسافراً إلى الجنة.

بدأت معاناة «سلمى» الجميلة التي كانت تحسدها أختها «عائشة» على حبٍّ ودلالٍ أغدق بهما والداها عليها، حيث تصغرها سنّاً، وتفوقها جمالاً وعلماً.

توضح لنا الكاتبة من خلال الأحداث أنّ الحال لا يدوم، ولا بدّ أن يتبدّل ويتغيّر.

بدأت الكاتبة قصّتها من ولادة «سمير»، وانتظار والديه له بعد سنوات عدّة من الزواج حتى مماته. كما نقلتنا إلى عالم الأحياء والأموات، وسعادة الشهداء بـ«الرحيل إلى الجنّة».

تروي لنا قصّة «سمير» كيف وُلد وتعلّم، فكان إنساناً يحبّه الجميع. أنهى الدراسة الأكاديمية والتحق بالجامعة قبل أن يختار شريكة حياته، الفتاة الجميلة، التي تدرس معه في الجامعة نفسها، تسكن معه في البلدة عينها. إنها «سلمى»، يتّفقان على موعد الزفاف، ويخطّطان لحياتهما الزوجية، لكن الآمال انهارت تحت وطأة الظلم، ولم ترَ تلك اللوحة الجميلة التي رسمها «سمير» النور، فقد تبخرت كل الأماني باستشهاد «سمير» عاى إثر اغتياله. تحوّلت حياة خطيبته «سلمى» إلى جحيم بعد استشهاده، وزواجها المفاجئ من «عزيز» صديق «سمير»، من دون علمها بأنه السبب وراء حادثة الاغتيال.

تصوّر لنا الكاتبة حياة «سلمى» بعد الزواج وإنجاب طفل رغم عدم حبّها لـ«عزيز» وعدم الارتياح معه. كانت تحاول جاهدة الهروب منه بمساعدة صديقتها «منى» التي تآمرت مع «عزيز» ضدّها. وهنا تصل حبكة القصة إلى قمة التأزّم، حيث يتحقق هدف الكاتبة في إثارة حفيظة القارئ وتشويقه لِما سيأتي بعد.

تبهرنا الكاتبة بكشف «سلمى» حقيقة «عزيز» المتخاذل الخائن لوطنه وشعبه، المدمّر لحياتها. كما تكشف خبث صديقتها «منى»، بعد أن ائتمنتها على الأموال التي حصلت عليها من والد «سمير» كحقّ لها بعد استشهاد خطيبها. فقد علم «عزيز» بقصة المال بعد هروب «سلمى» إلى منزل والدها وإخفائها هذا المال. فقد باعت كلّ الذهب الذي تمتلكه. أصبحت تشعر بأنها عالة على والدها، لا سيما أن لديها طفلاً، فقد تمّ هروبها من منزلها بمساعدة أختها وأخيها، كما أنها اضطرت للبحث عن فرصة عمل، حتى وجدت عملاً في محل للخياطة، وواجهتها مشاكل كثيرة ربما كانت بغنى عنها.

توضح الكاتبة كيف نخرج من «جنّة الدنيا» إلى «جنة الآخرة»، أو ربما من «جنّة الدنيا» إلى «جحيم الآخرة» أو من جحيم إلى جحيم.

تُبيّن الكاتبة كيف أصبحت حياة «عائشة» أخت «سلمى» التي كانت تحسدها على جمالها وعلمها، تقدّم لخطبتها ابن خالتها، صاحب الجمال والمال والعلم، بينما تزوّجت «سلمى» من رجل عديم الأخلاق لا جاه ولا مال ولا حتى علم يتميّز به.

تُبيّن لنا الكاتبة أنّ «الجنّة» ليست في ما نملكه من مادة. وتعلّمنا ألّا نقيس سعادتنا بما نملك، وألّا ننظر إلى نِعَمِ غيرنا وما في أيديهم. كما أنّ درساً مُهمّاً قد يُستفاد منه في هذه الرواية: «عليك ألا تضع ثقتك الصماء في الآخرين، بل عليك التأكد من كونهم أصحاب ثقة ومحلاً للأمان».

ختاماً، يبقى القول إنّه كان لأسلوب الكاتبة الناجح في تصوير الأحداث وسردها بطريقة مشوّقة مجال يترك لك مساحة تسبح فيها في عالم الخيال.

أديبة وإعلامية فلسطينية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى