رهانات نتنياهو تسقط بالجملة في سورية

راسم عبيدات ـ القدس المحتلة

على ضوء ما يتحقق من إنجازات وانتصارات عسكرية سورية ولبنانية وعراقية، خاصة ما يتحقق على يد الجيش السوري وحزب الله، أُصيبت «إسرائيل» بحالة من الذعر والارتباك هي وحليفتها الاستراتيجية أميركا، وذهب نتنياهو إلى موسكو وواشنطن هو ومسؤول موساده، من أجل الاعتراض على تواجد الجيش الإيراني وحزب الله في سورية، وتحديداً في المنطقة الجنوبية، وبدأ بالصراخ عالياً بأنّ «إسرائيل» ستلجأ إلى الخيار العسكري للدفاع عن أمنها، ووفوده إلى واشنطن وموسكو عادت خائبة، فواشنطن نصحته بالتأقلم مع الواقع الجديد والتوجه صوب روسيا المُمسكة بالملف السوري، وروسيا ردّت على تهديداته وصراخه العالي باللجوء إلى الحرب بدمج منظومة الدفاع الجوي الروسي والسوري في منظومة واحدة، أي بمعنى أنّ الأجواء السورية محميّة بمنظومة صواريخ جوية روسية، وهي ستُسقط أي طائرة تخترق الأجواء السورية ولم تنفع كذلك الضغوط والتهديدات التي مارستها وتمارسها واشنطن على حزب الله وقوات «يونيفيل» الدولية بشأن توسيع صلاحياتها أو نشرها على الحدود السورية ـ اللبنانية خارج إطار التفويض الممنوح لها، ورهان نشرها على الحدود اللبنانية ـ السورية سقط ويسقط باستكمال تحرير كامل الحدود اللبنانية ـ السورية من الجماعات الإرهابية «النصرة» أولاً و«داعش» ثانياً، والضغوطات وحملة التحريض التي تقوم بها أميركا من خلال مندوبتها العنصرية المتطرفة في الأمم المتحدة نيكي هايلي بفشل قوات «يونيفيل» الدولية بمنع تهريب شحنات أسلحة إيرانية لحزب الله ليس من أجل منع الحرب، بل من أجل شنّ حرب على «إسرائيل» لن تجدي نفعاً ولا مؤامرات مرتزقتها من القوات اللبنانية الجعجعية وقوى الرابع عشر من آذار المنهارة والعميلة بعدم تقديم الدعم والمساندة للجيش اللبناني في عملية تحرير جرود القاع ورأس بعلبك، وكذلك التشديد على عدم التنسيق مع القيادة والجيش السوري في هذه العملية، وكانت أميركا قد وبّخت هؤلاء «الأولاد الهُمَّل» من الحديث والإشادة بالانتصار على العصابات الإرهابية، ودعتهم بدلاً من ذلك إلى التركيز على توجيه الانتقادات إلى حزب الله وسلاحه غير الشرعي، ودعوة الجيش اللبناني إلى عدم حسم معركة تصفية جماعة «داعش» الإرهابية من أجل استمرار توظيفها كورقة ضغط في أية مفاوضات قادمة مع دمشق وحزب الله، ولعلّ فتح معركة مخيم عين الحلوة الفلسطيني من قبل الجماعات الإرهابية هناك وحواضنها من تلك الجماعات اللبنانية والفلسطينية والعربية مرتبط بهذه المواقف والخيارات.

نتنياهو ورهانه ورهان أميركا والغرب الاستعماري وجماعة الخلافة في أنقرة والمشيخات النفطية الخليجية بسقوط الرئيس السوري بشار الأسد ورحيله وخلق سورية الجديدة، التي لا هوية ولا كرامة ولا موقف لها، والضامنة لأمن «إسرائيل» والمتخلية لها عن الجولان المحتل، والمُقسَّمة والمجزأة والمفكّكة جغرافياً على أُسس مذهبية وطائفية سقطت، مع ما ينجز على الأرض باستعادة سورية لوحدتها وعافيتها وتحريرها لمعظم الأراضي السورية، وحزب الله لم يضعف أو يهزم بسبب محاربته في سورية إلى جانب الجيش السوري دفاعاً عن محور المقاومة وحلقاته المترابطة، بل هو ازداد قوة وصلابة وخبرة وتجربة وقدرات عسكرية نوعية كسرت ميزان الردع والتفوق النوعي «الإسرائيلي»، حيث اليافطات التي رفعها مقاتلو الحزب أثناء تحريرهم لجرود عرسال اللبنانية، والتي قالوا فيها «نحن نتدرب بالنصرة تمهيداً لمعركة الجليل» بثت الرعب في صفوف جيش الاحتلال وقيادته، ولعلّ الإطلالات المُتتالية لسماحة السيد حسن نصر الله وتركيزه على الجانب النفسي، قد أصابت القيادة «الإسرائيلية» في العمق، فبعد تهديداته باستهداف خزانات الأمونيا في حيفا، جرى تفكيكها وترحيلها، والآن التهديد باستهداف مفاعل ديمونة النووي، والذي سيصبح عبئاً على دولة الاحتلال، وليس مصدر قوة وردع لها، وأكثر ما يرعب الاحتلال ودولته هو قول نصر الله إنّ الزمن الذي كان فيه «الإسرائيلي» يهدّد وينفذ قد ولى إلى غير رجعة، وهذا زمن الانتصارات لا الهزائم. وكذلك قول الأسد إنّ البوصلة ستبقى فلسطين وتحرير الجولان، ولا تخلّي عن ثوابت سورية ومبادئها ومواقفها، وهي باتت تدرك تماماً أنها في الحرب المقبلة ستكون كما قال سماحة السيد حسن نصر الله، ليس أمام بضعة الآلاف من مقاتلي حزب الله، بل هناك العشرات إن لم يكن مئات الآلاف من المقاومين العرب والمسلمين، سيكونون شركاء في هذه المعركة من اليمن والجزائر وتونس والعراق وسورية وإيران وفلسطين وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، خيار سقوط المقاومة وثقافتها ونهجها الذي كانت «إسرائيل» وأميركا تراهنان على سقوطه في المنطقة العربية والإسلامية، سقط الى غير رجعة، كما سيسقط ويتفكّك الحلف العربي الإسلامي الذي رضي أن يصطفّ خلف «إمامة» ترامب لهذا الحلف في قِمَم الرياض الثلاث التي عقدت في 20 أيار الماضي، ودفعت بموجبها السعودية وغيرها من المشيخات النفطية العربية مئات المليارات من الدولارات «جزية» قسرية لترامب، لكي يؤمن لها حماية عروشها المتهالكة من الانهيار، فها هي الأزمة السعودية والقطرية تتصاعد ولربما تصل حدّ خروج قطر من مجلس التعاون الخليجي والعودة إلى حلف طهران ـ دمشق ـ حزب الله، وقد بدأت أولى خطواتها بعودة فتح سفارتها في طهران، وبثّ قناة الجزيرة مباشر لكلمة الرئيس بشار الأسد أمام مؤتمر وزارة الخارجية والمغتربين، بقولها كلمة الرئيس السوري وليس رئيس النظام والجيش السوري وليس جيش النظام، ومقبل الأيام سيحمل المزيد من التطورات والمزيد من التفكُّك لهذا الحلف، فالحرب العدوانية التي تشنُّها السعودية على شعب اليمن وفقرائه تلتهم جزءاً كبيراً من ميزانيتها وخزينتها، وأزمتها مع قطر وأكلاف تمويل جماعاتها الإرهابية في سورية والعراق وغيرها من البلدان، تعمِّق من أزماتها المالية بشكل كبير، وكذلك ترامب الذي دُفعت له الجزية، أزماته الداخلية تتعمَّق، وباتت الاستقالات والإقالات الواسعة والكبيرة من إدارته، والتظاهرات الكبيرة التي تواجهه وتطالب برحيله على خلفية مواقفه الداعمة لجماعات البيض العنصرية والنازيين الجدد تشكل خطراً جدياً على استمراره في الحكم.

نعم.. خيارات نتنياهو سقطت وتسقط بالجملة في سورية، فالأسد لم يسقط وسورية لم تُقسَّم وحزب الله لم ينهر ويهزم، بل وجدنا أنّ نهج وخيار وثقافة قوى المقاومة ذاهبة نحو التجذُّر والتطور والتوسُّع في المنطقة.

Quds.45 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى