موتوا في غيظكم… «انتصار ثان ونص»

رامز مصطفى

عندما انتصر حزب الله عام 2006 على الكيان «الإسرائيلي» وألوية جيشه المعتدية على لبنان، خرج من يصرخ عالياً «لمن سيهدي حزب الله نصره هذا؟» وفي المقابل هناك من خرج ليتساءل: «عن أيّ نصر يتحدث حزب الله، ولبنان قد عمّه الدمار والخراب؟»

هؤلاء جميعاً كانوا ولا يزالون من أصدقاء الإدارة الأميركية حتى لا نقول غير ذلك، وهم الذين تحلّقوا حول وزيرة الخارجية الأميركية كوندليزا رايس، أثناء زيارتها لبنان خلال العدوان «الإسرائيلي» عليه، ينتظرون منها «تطميناً» ما، بأنّ المقاومة في طريقها نحو الهزيمة، لكن رايس التي خاب أملها في أن تحقق «إسرائيل» نصرها على المقاومة، خيّبت آمالهم أيضاً.

هؤلاء… وعلى الرغم من إقرار لجنة «فينوغراد» للتحقيق في النتائج الكارثية التي مُني بها «الجيش الإسرائيلي»، والتي اعترفت في تقريرها بشكل واضح بأنّ «إسرائيل» وجيشها وجبروت صنوف أسلحته البرية والجوية والبحرية قد تلقت هزيمة نكراء على يد حزب الله، هؤلاء لم يعترفوا بانتصار حزب الله، وعملوا ولا زالوا على تبهيته.

اليوم ذات المشهد يتكرّر مع الانتصار الذي حققه حزب الله في معركة جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع والقلمون الغربي، مع شريكيه الجيشين السوري واللبناني البطلين. فمع كنس قوى الظلام والإرهاب المتمثلين بالنصرة وداعش من تلك المناطق، بدأت أصوات من هؤلاء، التشكيك بهذا المنجز الإستراتيجي الهامّ في إلحاق الهزيمة بتلك المجموعات ومن يقف وراءهم من مشغلين ومموّلين ومحرّضين والدّاعين لهم خفاء وعلانية بالانتصار على حزب الله، ومن ثم على الجيشين السوري واللبناني. أليسوا هؤلاء هم أنفسهم من عملوا على تحريض المجتمع الدولي من أجل تطبيق القرار 1701 على الحدود الشرقية مع سورية، من أجل قطع التواصل بين سورية والمقاومة في لبنان، وهذا مصدر قلقهم وخيبتهم مع هزيمة النصرة وداعش في الجرود اللبنانية السورية.

البعض من هؤلاء لم يعطوا أنفسهم فرصة التأمّل وقراءة المشهد « الإسرائيلي « المُصاب بالفزع والهلع نتيجة التطورات وتسارعها في الساحة السورية، وما تحقق على الحدود الشرقية للبنان، التي أصبحت بالكامل نظيفة من أية مجموعات إرهابية. وهذا ما دفع نتنياهو إلى شدّ الرحيل إلى الإدارة الأميركية التي نصحته بالتأقلم مع تلك التطورات، مشيرة عليه الذهاب إلى الرئيس الروسي بوتين ليعرض مخاوفه من تلك التطورات، وبالتالي الحضور المتنامي لإيران وحزب الله في سورية. ليجد نتنياهو ومدير موساده أنّ الردّ الروسي كان صادماً لجهة الوضوح في المواقف إزاء العنتريات والتهديدات الجوفاء التي أطلقها نتنياهو بشنّ عملية عسكرية ضدّ سورية واستهداف الوجود الإيراني ومصالحه هناك.

كلّ تلك المؤشرات والدلائل والتطورات، وبالتالي التغيير الحاصل في سقوف الخطاب السياسي لما تسمّى نفسها بـ»المعارضة»، وتحديداً تلك العاملة تحت العباءة الخليجية، وبالتالي تصريحات السفير روبرت فورد قائد ثورتهم المزعومة لصحيفة «ذا ناشيونال»، لن تقنع البعض من هؤلاء المشكّكين والمتهمين لحزب الله، والواضح لو أنّ هذا الحزب العظيم بسيّده وقيادته ومجاهديه حرّر فلسطين فسيخرجون مجدّداً للتشكيك في تحريره لفلسطين. فمن ارتضى لنفسه أن يتنعّم من مبلغ 500 مليون دولار الذي رصدته الإدارة الأميركية بهدف شيطنة حزب الله وتشويهه، لن يتوانى عن فعل أيّ شيء بهدف إبقاء حضوره ولو تحت مظلة وعباءة المشغل وولي نعمته.

إنه «الانتصار الإلهي الثاني ونص» كما قال الرئيس بري في خطابه في مهرجان السيد موسى الصدر. هذا الانتصار الذي جاء على صورة لبنان العربي المقاوم، وعلى صورة سورية قلعة العروبة والصمود والمقاومة، مبروك انتصاركم، ومباركة تلك الدماء التي سقطت في سبيل عزة وكرامة أمتنا، والذوْد عن ترابها التي كانت وستبقى أرضاً طهوراً من دنس هؤلاء الظلاميّين الإرهابيّين الوجه الآخر للإرهاب الصهيوني على أرض فلسطين.

كاتب وباحث سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى