رندة برّي مُكرّمةً من «مؤسّسات أمهز التربوية»: الغرس الطيب يوقد مشاعل العلم والإبداع ويؤسّس لمستقبل واعد بكلّ ما يحمله ذلك من تحدّيات
كرّمت «مؤسّسات أمهز التربوية»، عقيلة رئيس مجلس النواب، رندة عاصي برّي، في احتفال أقامته في قصر الأونيسكو، وتخلّله تخريج طلاب المؤسّسات الناجحين في الشهادات الرسمية ـ دورة «التميّز والإبداع» للسنة الدراسية 2016 ـ 2017.
حضر الحفل الوزير السابق رئيس حزب الاتحاد عبد الرحيم مراد، مدير عام «مؤسّسات أمهز التربوية» الدكتور هشام أمهز وأفراد الهيئات التعليمية والإدارية وفاعليات تربوية وشخصيات اجتماعية وثقافية ولجان الأهل.
بعد النشيد الوطني، ونشيد «مؤسّسات أمهز التربوية»، قدّمت للحفل مسؤولة الإعلام في المؤسّسات سوزان الخليل، فرحّبت ببرّي وتحدّثت عن مسيرة المؤسّسات منذ تأسيسها ورسالتها التعليمية ودورها في تنشئة الأجيال.
أمهز
وبعد عرض فيلم خاص عن المؤسّسات، ألقى الدكتور هشام أمهز كلمة توجّه فيها إلى المُكرّمة قائلاً: اِسمحي لي أن أسمّيك امرأة الإنجازات، فعملك في الشأن الاجتماعي أولاً، قد بلسم جراحات وخفّف آلاماً عبر الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين التي تقدّم الرعاية والعناية والخدمة والتقديمات لكلّ من هم بحاجة إلى ذلك من ذوي الاحتياجات الخاصة، من دون تفريق أو تمييز مناطقي أو مذهبي، جعلتها مركزاً ينشر خدماته على أبناء الوطن ومثالاً للوطنية الحقيقية الهادفة إلى خدمة الإنسان.
وعملك في الشأن التربوي ثانياً، قد خفّف عن كثيرين من أبناء الجنوب أعباء التنقل عشرات الكيلومترات للوصول إلى جامعة يكمل فيها الطالب دراسته، فقامت جامعة «فينيسيا» الصرح الأكاديمي العلمي في الجنوب اللبناني. ومما لا شكّ فيه أنّ هذه الجامعة ستكون جسر عبور نحو التقدّم والتطوّر.
وأشاد أمهز بعمل برّي في اللجنة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، قائلاً إنّه أعطى المرأة اللبنانية دفعاً كبيراً لتكون شريكاً فاعلاً في المجتمع وفي التربية والثقافة والاقتصاد والسياسة، على اعتبار أن المرأة نصف المجتمع ولا يمكن إلغاء هذا النصف.
وأعقب الكلمة عرض فيلم تحدّث عن إنجازات برّي على الصعد التربوية والإنسانية والاجتماعية والرعائية والبيئية، ومساهماتها في قضايا المرأة ومجالات أخرى.
برّي
وأخيراً، ألقت برّي كلمةً قالت فيها: إنه لشرف كبير لي أن اقف اليوم مكرّمةً من قبل «مؤسّسات أمهز التربوية»، التي منحتني الفرصة لأؤكّد مجدّداً دعمي العطاء التربوي والتفاني في رسالة التعليم، لما لهذا الأمر من بالغ الأثر في نهضة الأمم وارتقائها. فقد أثبتت مؤسّساتكم من خلال أدائها أن العطاء الصادق والمثابرة يساهمان في إنشاء جيل متحفّز للعلم وراغب في التفوّق والتميّز في شتّى المجالات.
اليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود ونيف من العمل، أشعر بعزم إضافيّ ومسؤولية مقدّسة تدفعني إلى الاستمرار في تحقيق مزيد من الإنجازات والمساهمات من أجل تحقيق التوازن المطلوب بالحدّ الأدنى. فعلى الأقل وبدعم مطلق من الرئيس نبيه برّي، استطعنا أن نكون حاضرين وبقوّة حيث غابت السلطة والدولة، رغم ضعف الإمكانيات، خصوصاً في الملفّات المتّصلة بحقوق المرأة وتمكينها على مختلف المستويات، ومع ذوي الاحتياجات الخاصة ودمجهم اجتماعياً وتعزيز قدراتهم للوصول إلى أفراد منتجين، لا بل مبدعين، وفي الثقافة والتراث وحمايتهما، وفي التربية وأهمية الاستثمار عليها، كما في البيئة وتحصينها، ومع الشباب واحتضان آمالهم وطموحاتهم في التعليم المتميّز والمتقدّم فكانت جامعة «فينيسيا»، وأطلقنا حقنا بإرادة الفرح والحياة بمهرجانات فنية بمفهوم يعزّز الحوار الحضاري والثقافي بين الأمم، وغيرها من العناوين التي لا يتّسع المجال لتفصيلها. فمنذ البدايات، ورغم كافة الصعاب والمعوقات التي واجهتنا، لم نُحبَط ولم يهزمنا اليأس بل حثّنا على تقديم المزيد والمزيد من العطاء والعمل في سبيل خدمة الوطن والإنسان.
وأضافت: إن هذا التكريم الذي يجمعنا اليوم تحت شعار التميّز والإبداع اللذين يمثّلان أهمّ دعائم النجاح، يجب أن يكون خطوة لتحفيزنا على المزيد من العمل. فالتحدّي الأكبر ليس بالوصول إلى النجاح بل بكيفية الحفاظ عليه. فالنجاح ليس وليد الصدفة أبداً، بل هو ثمرة طيّبة المذاق تأتي بعد إيمان وجهد ومحبّة للعمل الذي نأخذه على عاتقنا. وتأكيداً على ما أقول أعرض عليكم بعضاً مما قاله جبران خليل جبران في كتاب «النبي»: «بالعمل تحقّقون جزءاً من حلم الأرض البعيد، جزءاً خُصّص لكم عند ميلاد ذلك الحلم فإذا واظبتم على العمل النافع تفتحون قلوبكم في الحقيقة لمحبة الحياة. لأن من أحبّ الحياة بالعمل النافع تفتح لها الحياة أعماقها وتدنيه من أعظم أسرارها».
أيها الطلاب، ها أنتم اليوم تحصدون بعضاً من زرعكم، الذي ما كان لينبت عنوة بل جاء معمّداً بشقاء أيام وليال، وبدموع أمّ عجنت الحياة بماء روحها لترى هذا اليوم، وبشموخ أب أفنى عمره من أجل هذه اللحظات.
وتابعت متوجّهة إلى الطلاب: ها أنتم على أبواب مرحلة جديدة تختبرون فيها مزيداً من التحدّيات والصعاب، وعليكم أن تأخذوا في الحسبان عدداً من التوصيات والتوجيهات الأساسية لسلوك طريق التميّز والإبداع:
أولاً: إن الدول المتقدّمة في عصرنا الحديث لم تصل إلى هذا المستوى من التطوّر في العلوم والفضاء والتقنية إلا بجدّية أبنائها وتفانيهم ومحبّتهم لعملهم ولأوطانهم، وخير دليل على ذلك اليابان.
ثانياً: لا شكّ في أن كلّ واحد منّا انتابه في يوم من الأيام الشعور بالألم والحسرة بسبب فشل أو خيبة أمل تعرّض لهما في حياته الخاصة أو في عمله، هنا علينا أن نعي أن المشكلة ليست في التعثّر بحفر الحياة المتناثرة هنا أو هناك، ولكنها تكمن في أن نبقى أسيري هذا الفشل من دون حراك أو معاودة المحاولة مجدّداً.
ثالثاً: وعي أهمية العمل التطوّعي باعتباره رافداً أساساً للتنمية الشاملة، يعكس مدى وعي المواطن دورَه في نهضة بلاده ورفعتها. لذا يجب الحرص على إدراج العمل التطوّعي كعلم يدرّس في المؤسّسات التربوية باعتباره عاملاً مهمّاً في اكتساب شعور الانتماء إلى الوطن.
رابعاً: عليكم مسؤولية كبيرة في تغيير النظرة حول كيفية استخدام التكنولوجيا وأنظمة التواصل الاجتماعي عن طريق تطويعها بما يخدم تنمية الفرد اجتماعياً وثقافياً وحضارياً. ما يعنيني هنا هو الإضاءة على سرعة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي حيث فرضت سيطرتها على جميع المجتمعات وأصبح مستخدموها يتجاوزون المليارات. وتعتبر هذه الوسائل سلاحاً ذا حدّين، فهي من ناحية تساهم في زيادة ثقافة المرء وحثّه على التطوّر والإبداع والتأثير إيجابياً، ولكنها على النقيض من ذلك تساهم أيضاً بشكل كبير في فرض سلوكيات وعادات سيئة كثيرة تنمّي بذور العنف والجريمة والأفكار الإيدولوجية المتطرّفة، ما يساهم في تفكيك عددٍ من الأسَر والمجتمعات.
وقالت: إنّ الشريط الذي عُرض اليوم أمامكم يختصر مسيرة عمل اجتماعي وإنساني وثقافي وحياتي وتعليمي شارك فيها آلاف المتطوّعين، الذين لولاهم لما كنّا قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
ورأت برّي أنّ صراع العلم في العالم والمنافسة بات أصعب، قائلةً للطلاب: نجاحكم مهمّ جدّاً وكلّه مهمّ للمراحل المقبلة لأنه يزيل تعب السنين. وأن تنجحوا وتكونوا فاعلين في أيّ مهنة أو اختصاص ليس بالضرورة أن يحتكم أيّ طالب إلى التعليم الأكاديمي أو التعليم العالي، وهذا أمر مهمّ جدّاً ولكن هذا يعني نقصاً في باقي المهن، ذلك أنّ التعليم المهني لا يقلّ أهمية وهو من أولويات الاختصاصات التي يحتاجها الوطن وغالبية الطلاب ينخرطون في الجامعة ويهملون التعليم المهني.
وأشارت إلى أنّ نسبة التعليم المهني في ألمانيا هي 70 في المئة و30 في المئة التعليم الأكاديمي.
وشدّدت على ضرورة تدريب الطلاب ومساعدتهم في الاختيارات. ولفتت إلى الألغام وجرّ العقول وغسل الأدمغة عبر الإنترنت، فليس من السهل أن نترك المجال مفتوحاً على مصراعيه وما من خيار أن نقفل هذا المجال، لكن مسؤوليتنا كأهل أن نعمل على التنبّه حتى يبقى مجتمعنا سليماً.
وختمت برّي: أجدّد شكري لمدير عام «مؤسّسات أمهز التربوية» ولمؤسّسها الأب والمربّي الأستاذ نايف أمهز، والشكر موصول أيضاً لأفراد الهيئات التعليمية والإدارية في المؤسّسات الذين قدّموا الكثير من الجهد والعطاء على مدى سنوات. ولهذه الباقة من المكرّمين دائماً ما يكون مسك الختام، مبارك لكم ولذويكم هذا النجاح، فأنتم اليوم تقطفون ثمار مثابرتكم واجتهادكم طوال سنوات. يجب أن تفخروا بما أنجزتموه، فهذا الغرس الطيب يوقد مشاعل العلم والإبداع ويؤسّس لمستقبل واعد، بكلّ ما يحمله ذلك من تحدّيات.
وتسلّمت برّي من الدكتور أمهز درعاً تكريمية.
ثم جرى عرض مسرحيّ يحاكي الواقع القائم في المنطقة وكانت تحية للجيش اللبناني.
وتحدّث محمد ضاهر بِاسم مجلس الأشراف والهيئة التعليمية مهنّئاً الطلاب الناجحين، مثنياً على مسيرتهم في التطلّع نحو التميّز والتفوّق.
واختُتم الحفل بلقاء إعلامي مع الطلاب المتميّزين والمتفوّقين، ثُم قُدّمت الشهادات للمتخرّجين.