كلام السحر وسحر الكلام
من كلام السحر يأتي سحر الكلام، فهل شهرذاد وشهريار أحقّ بالاهتمام من يأجوج ومأجوج وذي القرنين؟ في جانب من العقل العميق بعض ما فينا تستهويه الأساطير. وبعض ما فينا تستهويه حكايات الغيب. ولأنّ ما فينا يؤمن بروايات الكتب السماوية وبعض السِّيَر التي وردت فيها عن قصص الأنبياء، وسِيَر البشرية منذ آدم، وما توحي به من القيامة والآخرة وتوقعاتهما، نجد أنفسنا مسحورين ومأخوذين بالإسقاطات.
يستهوينا الجانب الغيببي كثيراً في لحظات استثنائية مصيرية تتزاحم فيها أحداث كبرى. ويتحوّل إلى جذب مغناطيسي للغوص في عمق تشابه الروايات، مع الوقائع، ولا يعود المنطق العلمي يعنينا كثيراً في لحظة الدهشة. ونصير كحضور سهرة من سهرة الحكواتي يروي سيرة عنترة أو الزير المهلهل. كمثل ما تفعله بها الحكايات المكرورة التي ترد في الروايات المشتركة بين التوراة والإنجيل والقرآن، حكاية يأجوج ومأجوج والملك العادل ذي القرنين.
تلتقي التوصيفات عند وصف يأجوج ومأجوج ببشر أشداء يثيرون الرعب، يظهران للوجود فجأة ويتكاثران و«من كل حدب ينسلون».
منطقة يأجوج ومأجوج بين السدّين، وما ذهب إليه الرواة تفسيراً عن القصد بالسدّين جبلان، يفترض أنّ الرواية تتحدث عن مرحلة لا سدود فيها ليستعمل النصّ مفردة السدّ بدلاً من الجبل، علماً أنّ رواية سد مأرب سابقة تاريخياً لنزول النصّ في القرآن.
المنطقة بحسب الرواية تحيطها ثلاث علامات، قربها من بلاد فارس ووجودها بين السدّين، وفوّهات النار التي افترض المؤرّخون أنها أرض بركانية، وعلامة ثالثة هي إمكانية تواصلها مع بيت المقدس حيث يطلق يأجوج ومأجوج سهامهما نحو السماء.
وجها يأجوج ومأجوج كالتروس النحاسية، وشكلهما غريب وطبيعتهما دموية، ويخرجان من بعد انحباس ليس بالضرورة أن يكون مكانياً كما ليست فوهات النار بالضرورة بركانية، بل آبار نفط، والسدّان ربما كانا الموصل والرقة، ويأجوج ومأجوج «داعش» و«النصرة». ويأتي ذو القرنين وهو ملك عادل، تقف معه الأمم بعدما حاربته ووقفت ضدّه وتعرض عليه أموالاً ليقاتل يأجوج ومأجوج، وهو نزيه ومستقيم ومحبّ للناس يقولون أنه عربي من أصول يمينة. غالبية العرب طبعاً من أصول يمينة، على رغم ما تذكره روايات عدّة عن أنه قورش ملك الفرس أو الاسكندر الأكبر.
في حديث عن يأجوج ومأجوج أنهما يصلان بحيرة طبرية وهما بذلك ليسا مغولاً ولا تتار، بل لقرب تمركز «داعش» و«النصرة» في الجولان.
شخصية المنقذ ذي القرنين الحاكم العادل الشجاع يصفها المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة ببيتين من الشعر فيقول:
فما ملك العراق على المعلى
بمقدار ولا الملك الشآم
أسد شاص ذي القرنين حتى
تولى عارض الملك الهمام
هو أسد في الروايات ولِمَ لا يكون هو الأسد الذي يدافع عن الإنسانية جمعاء من بوابات الشام وحلب وقاسيون؟