لماذا يخشى «الإسرائيليون» من الغارة على مصياف؟
ناصر قنديل
– أربعة تحذيرات أطلقتها أربع صحف «إسرائيلية» مهمة من الغارة على مصياف والتزامن بينها وبين المناورات الحربية النوعية على الحدود الشمالية، والكتّاب هم أبرز محللي «إسرائيل» للشؤون العسكرية والاستراتيجية، تسيفي برئيل واليكس فيشمان ويوسي يهوشاع ورئيس هيئة الأمن القومي يعقوب عميردور. وتوزعت التحذيرات بين أن يكون الهدف دخول «إسرائيل» على خط صياغة الوضع السوري الجديد مبرّراً لزيادة الحضور الإيراني، واقتراب حزب الله من الحدود، كما قال برئيل، وأن يكون التقدير للثقة بالنفس مبالغ به ويؤدي لاسترخاء تصنعه مثل المناورات «الإسرائيلية» الحالية، وهي ثقة زائفة إذا قارنّا ما جرى عام 2006 بما يمكن أن يجري في حرب مقبلة، كما يقول فيشمان مضيفاً، أنّ المناورات ارتكزت على فرضية حرب قوامها هجوم بري لحزب الله، بينما المرجح برأيه ان يستدرج حزب الله «إسرائيل» لحرب داخل لبنان وسورية، أما التحذير الثالث، فقدّمه يهوشاع قائلاً، إذا كان الهدف كما تقول القيادة العسكرية والأمنية هو منع التسهيلات الممنوحة لإيران لبناء صناعات عسكرية نوعية في سورية، فإنّ التزام «إسرائيل» بمعادلة الردع مع حزب الله وعدم استهدافه في لبنان يقول للإيرانيين اذهبوا إلى لبنان لبناء مصانعكم فلن نضربها، أما يعقوب عميردور رئيس هيئة الأمن القومي فيقول لصحيفة «إسرائيل هيوم»، إنّ كلّ شيء مخطط ومبني على فرضية غير أكيدة، وهي أنّ حدود ردّ الرئيس السوري هي منعنا من التحليق في أجواء سورية، ولكن مَن يضمن عدم الردّ؟
– تكفي قراءة هذه التحليلات التي حفلت في بعض سطورها بالإشادة بالعملية «الإسرائيلية»، للدلالة على عدم الاستسلام والإصرار على المبادرة، لتقول إنّ «إسرائيل قلقة ومربكة وغير واثقة من صحة ما قامت به ولا من فعاليته ولا من درجة الأمان التي يوفرها، وأنّ هذه القراءات تكفي للقول إنّ العملية أقرب للتعبير عن اليأس والإحباط والعجز في المقابل عن الصمت، لكن لا شيء مضمون، خصوصاً في ظلّ الغموض الروسي الذي تجمع عليه التحليلات «الإسرائيلية» كلّها، مقابل وضوح الأفعال الروسية بالدعم المفتوح للدولة السورية لتحقيق انتصاراتها من جهة، ولعدم القبول بتلبية أيّ مطالبة «إسرائيلية»، بتقييد حضور إيران وحزب الله.
– السيناريو يفتتحه «الإسرائيليون»، لكنّهم هذه المرة لا يملكون التحكم به، فهو كما يقول المحللون وقف على كيف سيتعامل الأطراف الأربعة الذين يقفون على الضفة المقابلة، روسيا وسورية وإيران وحزب الله، وهي أربعة أطراف يسلّم «الإسرائيليون» بأنها أقوى من «إسرائيل» في سورية، وأنّ الضربة «الإسرائيلية» أزعجتها جميعاً فهي تحدٍّ لروسيا، واستفزاز لإيران، واعتداء على سورية، والعنوان الدائم الاستعداد بوجه حزب الله، فما فعلته «إسرائيل» عملياً قبيل دخول اللحظات الأخيرة من نهاية الحرب في سورية، أن تمنح حزب الله وسورية وإيران حجة قوية للقول إنه يستحيل ضمان استقرار أيّ نصر أو حلّ في سورية من دون ردع «إسرائيل» عن المشاغبة على هذا الاستقرار، وسيلقى هذا إصغاء روسياً، ولن يكون ضرورياً أن تشارك روسيا في الردّ، بل يكفي أنها تتفهّم ذلك وتراه من ضمن رؤيتها لضمان الاستقرار في سورية، وهكذا يفتتح «الإسرائيليون» مساراً سيصل في نهاية نفق التصعيد لفتح ملف الجولان والاحتلال «الإسرائيلي» له بدلاً من فتح ملف وجود حزب الله في سورية، وربما تجد «إسرائيل» نفسها مع ردّ وردّ على الردّ أمام مواجهة متصاعدة على الحدود لا يوقفها قرار دولي تقليدي بالعودة إلى فكّ الاشتباك ودور قوات الإندوف بل إلى إطلاق مسار لا ينتهي بأقلّ من فرض انسحابها من الجولان.