ميركل تعرض وساطتها لإنهاء الأزمة الكورية وغوتيريش يعتبرها الأخطر منذ سنوات
أشاد الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بجهود علماء وخبراء بلاده النوويين الذين ساهموا بإنجاح التجربة النووية الأخيرة، وأوعز إليهم بتطوير السلاح النووي.
ودعا الزعيم الكوري الشمالي أيضاً العلماء والمهندسين النوويين إلى «توسيع النشاط العلمي من أجل تعزيز قوات بلاده النووية»، مؤكداً أنّ «اختبار القنبلة الهيدروجينية الأخير هو انتصار عظيم للشعب الكوري الشمالي».
جاء ذلك، أثناء مأدبة غداء أقيمت، أول أمس، بمناسبة الذكرى الـ69 لتأسيس كوريا الشمالية، وعلى شرف العلماء والمهندسين النوويين الذين شاركوا في إجراء اختبار القنبلة الهيدروجينية الأخير، التي يمكن تحميلها على صاروخ باليستي عابر للقارات.
وكانت كوريا الشمالية أعلنت، يوم 3 أيلول، عن نجاح اختبار قنبلة هيدروجينية.
وتأتي هذه التجربة النووية الكورية الشمالية الـ6، بعد مرور سنة واحدة على التجربة النووية الـ5 التي جرت في 9 أيلول العام الماضي.
في هذا الصّدد، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش «قلقه البالغ»، إزاء مضاعفة كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية، أخيراً، معتبراً هذه الأزمة «الأخطر التي نواجهها منذ سنوات».
وقال غوتيريش في مقابلة مع صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» إنّ «المسألة المركزية هي بالطبع دفع كوريا الشمالية لأن توقف برنامجها النووي والباليستي، وأن تحترم قرارات مجلس الأمن الدولي».
وأضاف: «لكن يجب أيضاً الحفاظ بأي ثمن على وحدة مجلس الأمن الدولي، لأنه الأداة الوحيدة التي يمكنها أن تقود مبادرة دبلوماسية لديها حظوظ بالنجاح».
وتابع: «حتى الآن شهدنا حروباً اندلعت بعد قرار دُرس بعناية. لكننا نعرف أيضاً أن هناك صراعات أخرى، بدأت من خلال تصعيد ناجم عن عدم تفكير. نأمل أن تضعنا خطورة هذا التهديد على طريق العقل قبل فوات الأوان».
من جهتها، أبدت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، استعدادها للتوسط في حل الأزمة مع كوريا الشمالية، وقالت «إنها مستعدّة للمشاركة في مبادرة دبلوماسية لإنهاء برنامج بيونغ يانغ النووي والصاروخي».
واقترحت ميركل «عقد مباحثات مع كوريا الشمالية على غرار المحادثات النووية الإيرانية، التي أفضت إلى التوصل لاتفاق فيينا».
وقالت ميركل، في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ» نشرت أمس: «إذا كانت مشاركتنا في المحادثات مرحَّباً بها، فسأقول نعم في الحال».
وأعادت ميركل التذكير بالمفاوضات التي أدت إلى التوصل لاتفاق نووي تاريخي بين إيران والقوى العالمية في العام 2015، والتي شاركت فيها ألمانيا والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تتمتع بحق النقض الفيتو ، وأسفرت عن موافقة إيران على كبح نشاطها النووي مقابل رفع غالبية العقوبات الدولية عنها.
وقالت ميركل إن تلك كانت «دبلوماسية استغرقت وقتاً طويلاً لكنها كانت هامة» وكانت لها «نهاية طيبة»، العام الماضي، في إشارة إلى وقت تنفيذ الاتفاقية.
وأضافت: «من الممكن تصور استخدام صيغة كهذه لإنهاء الصراع مع كوريا الشمالية. ويتعين على أوروبا وعلى ألمانيا على وجه الخصوص أن تلعب دوراً نشطاً للغاية في ذلك».
وقالت إنها تعتقد أن الطريق الوحيد للتعامل مع البرنامج النووي لكوريا الشمالية هو التوصل إلى حل دبلوماسي، وأكدت «أن سباقاً جديداً للتسلح في المنطقة لن يكون في مصلحة أحد».
ومن المتوقع أن تفوز ميركل بفترة ولاية رابعة في انتخابات تجرى يوم 24 أيلول الحالي، حيث تعطي استطلاعات الرأي المحافظين بقيادتها تفوقاً يزيد عن 10 على منافسيهم الديمقراطيين الاشتراكيين.
وتحدّثت ميركل مع زعماء، من بينهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، بخصوص كوريا الشمالية في الأسبوع الماضي. وقالت الصحيفة، دون أن تذكر مصادرها، «إن ميركل ستتحدّث هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم بشأن الأزمة مع كوريا الشمالية ومواضيع أخرى».
من جهته، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أمس، «إن سلوك كوريا الشمالية الطائش يمثل تهديداً عالمياً ويتطلب رداً عالمياً».
ورغم أنّ الحلف ليس طرفاً مباشراً في الأزمة التي كانت آخر فصولها إجراء سادس وأقوى تجربة نووية في كوريا الشمالية قبل أسبوع، لكنه دعا بيونغ يانغ مراراً إلى «التخلي عن برامجها النووية والباليستية».
وقال ستولتنبرغ: «إنّ سلوك كوريا الشمالية الطائش تهديد عالمي ويتطلب رداً عالمياً ويشمل هذا حلف شمال الأطلسي بالطبع».
ورداً على سؤال عما إذا كان تعرض جزيرة غوام الأميركية في المحيط الهادي لهجوم سيؤدي إلى تفعيل المادة الخامسة من اتفاقية حلف شمال الأطلسي، قال ستولتنبرغ «لن أتكهن بشأن ما إذا كانت المادة الخامسة ستطبق في مثل هذا الموقف». وتنص هذه المادة على أنّ «أيّ هجوم على دولة عضو بالحلف يُعد هجوماً على الدول الأعضاء كلها».
وأضاف ستولتنبرغ «نركز الآن تماماً على السبل التي يمكننا من خلالها المساهمة في حل سلمي للصراع، متابعاً: «ليس ثمة حل سهل لمثل هذا الموقف الصعب لكن علينا في الوقت نفسه مواصلة العمل في سبيل حل سياسي والاستمرار في الضغط أيضاً بالعقوبات الاقتصادية».
وتأهبت الولايات المتحدة وحلفاؤها لاحتمال إجراء تجربة إطلاق صاروخ باليستي طويل المدى آخر أول أمس، بمناسبة الذكرى التاسعة والستين لتأسيس كوريا الشمالية، لكن لم تصدر استفزازات جديدة وسط فعاليات عديدة في الشمال بهذه المناسبة.
في ما قال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون «إنه يشعر بالقلق الشديد»، مضيفاً: «نفعل الآن ما يمكننا فعله لإيجاد حل دبلوماسي وما ينبغي فعله هو تفادي تدهور الوضع إلى أي شكل من أشكال الصراع العسكري بأية حال».
وتابع بالقول: «الدفاع عن الأراضي والقواعد الأميركية والشعب الأميركي مسؤولية الولايات المتحدة تماماً، لكن هذا الأمر يتعلق بنا أيضاً فلندن أقرب إلى كوريا الشمالية من لوس أنجليس».
وأشار إلى أنه «لا يعتقد أن كوريا الشمالية تملك في الوقت الحالي صاروخاً قادراً على قصف لندن، لكنه قال إن برنامجها الصاروخي يتسارع ومدى صواريخها يزيد».
يذكر أنّ البعثة الأميركية في مجلس الأمن الدولي طلبت الجمعة رسمياً من المجلس، التصويت يوم الاثنين المقبل على مشروع قرار ينص على فرض عقوبات إضافية على كوريا الشمالية، رداً على تجربتها النووية الأخيرة.
وينص المشروع الأميركي على «السماح لكافة الدول باعتراض وتفتيش السفن الكورية الشمالية المشمولة بالحظر في أعالي البحار».
ويحظر المشروع استيراد كوريا الشمالية النفط ومشتقاته والغاز الطبيعي، ويؤكد على «ضرورة أن تمنع كل الدول إمدادات النفط والغاز المباشرة وغير المباشرة إليها».
كما يحظر على كوريا الشمالية «تصدير الأنسجة ومنتجات النسيج والفحم، مباشرة أو غير مباشرة، إلى أية دولة».
ويحظر أيضاً دفع الأموال إلى عمال من كوريا الشمالية في تنفيذ أعمال ومشاريع خارج بلادهم، وهو ما يعتقد أن كوريا الشمالية تستخدمه كموارد لتمويل برامجها النووية والباليستية.
وذكرت مصادر دبلوماسية، «أن مجلس الأمن عقد الجمعة اجتماعاً على مستوى الخبراء، لدراسة مشروع القرار الأميركي»، وأنّ الصين وروسيا اعترضتا خلاله على «معظم الإجراءات التي ينص عليها، باستثناء الحظر على استيراد المنسوجات الكورية الشمالية».
وصرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الجمعة بأنه «من المبكر جداً» اتخاذ موقف من عقوبات محتملة على بيونغ يانغ، معتبراً أنه «لا بديل» عن الحوار معها.
وأجرت بيونغ يانغ الأحد الماضي تجربة نووية سادسة، قالت «إنها لقنبلة هيدروجينية متقدمة، يمكن تثبيتها على صاروخ بعيد المدى».
على صعيد آخر، احتجّ السفير الكوري الشمالي لدى المكسيك كيم هيونغ غيل، على قرار طرده، قائلاً: «إنّ برنامج بلاده النووي جاء نتيجة لسياسة واشنطن، وليس له صلة بالمكسيك».
ووصف السفير كيم هذا القرار، بأنه «خطوة جاهلة»، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام مكسيكية.
وأعرب كيم عن «أسفه واعتراضه على القرار غير القانوني»، واصفاً إياه بأنه «غير أخلاقي»، مؤكداً أنّ «بلاده تمتلك أقوى سلاح نووي، على الرغم من العقوبات المفروضة عليها».
وقال السفير كيم، «إن بلاده ستواصل تعزيز الأسلحة النووية، ما لم تتخلَّ الولايات المتحدة عن سياستها العدائية ضدّها».
وكانت السلطات المكسيكية أعلنت يوم 8 أيلول، أن «سفير كوريا الشمالية المعتمد لديها كيم هيونغ غيل، شخص غير مرغوب فيه»، وأمهلته 72 ساعة لمغادرة أراضيها، وذلك احتجاجاً على تجربة بيونغ يانغ النووية الأخيرة، وإطلاقها سلسلة من الصواريخ الباليستية.