«أبو مصطفى».. بشارة إنجاز أكبر من نصر 2006
هتاف دهام
لأول مرة يسمح حزب الله لأحد قيادييه العسكريين بالظهور العلني منذ ما قبل الأزمة السورية. بعد ثمانية أشهر من حصار تنظيم داعش مطار دير الزور، أطلّ القيادي العسكري في حزب الله «أبو مصطفى» عبر شاشة الميادين قارئاً رسالة مكتوبة، بطلب من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وقيادة الحزب، حيث أكد أنّ «النصر ما كان ليتحقق لولا بسالة الأبطال من الخارج، وكلّ صنوف الحلف الروسي الإيراني السوري».
تؤكد مصادر مقرّبة من حزب الله لـ «البناء» أنّ قرار خروج «أبي مصطفى» إلى العلانية هو سابقة في تاريخ الحزب الذي لا يُظهر وجوه قادته العسكريين. يمثل القرار خطوة أبعد من تموز 2006. أراد السيد نصرالله بعث مجموعة من الرسائل. فالحزب يمارس هذه السياسة، حينما تفرض الضرورة عليه ذلك، ربطاً بمعركة دير الزور وما رافقها، فالنصر يجب أن يتجلى بصورته الكاملة.
لقد كان حزب الله موجوداً في قلب حصار دير الزور الذي امتدّ لثمانية أشهر حين أطبق الحصار على المطار من جميع الجهات، وعزل عن بقية مناطق سيطرة النظام في المدينة عقب أشهر من الغارة الأميركية على جبل الثردة. وكان موجوداً منذ نحو ثلاث سنوات عندما بدأ حصار المدينة وأحيائها. لذلك أرادت حارة حريك، وفق المصادر نفسها، تأكيد أنّ حزب الله شريك عضوي في معركة دير الزور، ليس فقط في معركة فكّ الحصار عن القوات القادمة، إنما أيضاً مع القوات الصامدة في عاصمة الشرق السوري، وتجسيد معادلة أننا نكون حيث يجب أن نكون، وبالتالي تأكيد أنه شريك في التضحية والحصار ومعاناة الناس وفي ضريبة الدم وفي إبراز لحظة الانتصار، وكذلك في مرحلة استثمار نصر محور المقاومة.
حينما يكون حزب الله في دير الزور كمحافظة، فهذا يعني أنه يقاتل داعش في أوسع المحافظات مساحة على حدود العراق، لا سيما أنّ البعد العراقي هو الأهمّ ربطاً بما قيل عن قافلة الجرود من بعض العراقيين وربطاً بالاستثمار الأميركي الإعلامي في إيقاف القافلة وما رافقه، وربطاً بالخطاب الداخلي الذي استهدف حزب الله وحاول النيل منه على خلفية ما سُمّي خروج داعش من الجرود بالحافلات المكيّفة، مع العلم أنّ داعش خرج من موقع سوري إلى موقع سوري أيضاً. فالبوكمال والميادين ودير الزور هي مناطق سورية يقاتل فيها حزب الله إلى جانب الجيش السوري داعش، تؤكد المصادر نفسها.
بعث السيد نصرالله بإطلالة «أبي مصطفى» رسالة لرئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي وبعض الأصوات «النشاز» في العراق التي حاولت أن تضع «تسوية داعش» خارج سياقها. هذه الرسالة تناغمت، كما تقول المصادر، مع تصدّي المرجع الديني الأعلى علي السيستاني ونائب الرئيس العراقي نوري المالكي والحشد الشعبي لإسقاط «مؤامرة» وقع فيها البعض عمداً وتواطؤاً مع الأميركيين والبعض الآخر من دون إدراك للمآل الذي يُرسم للأمور.
إنّ وجود حزب الله في دير الزور يعني أنه في صلب عملية الربط الاستراتيجي بين دول محور المقاومة، وأنّ المعادلات الأميركية في الشرق السوري انتفت لتعود معادلات التواصل بين إيران والعراق ودمشق وبيروت وفلسطين المحتلة، هذا ما تراه المصادر. فدير الزور أهمّ عنصر ربط حقيقي مع العراق، فضلاً عن أنها تمثل ممراً استراتيجياً أساسياً. فإيران سعت لتأمين ممرّ بري حدودي بينها وبين العراق مروراً بجلولاء في محافظ ديالى، فالشرقاط في محافظة صلاح الدين، فتلعفر غرب الموصل، فالأراضي السورية عبر المنطقة الحدودية الواقعة شمال شرق الميادين، فدير الزور ثم تدمر، دمشق، وحمص، وصولاً إلى الساحل السوري على البحر المتوسط.
لقد تمّ إيجاد داعش لقطع هذا الممرّ. اليوم شارفت نهاية داعش فهل يفتتح هذا الممرّ كما هو مخطط له؟