سورية هي الأمة العظيمة القادرة على إحباط الخطة الأميركية لتدميرها
ترجمة وإعداد: ليلى زيدان عبد الخالق
في ما يلي، مجموعة من المقالات والتقارير التي نشرها مركز Global Research متناولاً فيها هزيمة داعش في سورية والانتصارات التي يحققها الجيش السوري على التنظيمات الإرهابية.
كسر الجيش السوري رسمياً حصار تنظيم داعش في دير الزور بدعمٍ من القوات الجوية الروسية. ردّت قوات النمور وهي وحدة من القوات الخاصة التابعة للجيش السوري وتعمل في المقام الأول كوحدة هجومية في الحرب السورية هجوماً مضاداً لداعش على طريق السخنة في دير الزور السريع، وبسطت سيطرتها الكاملة على تلك المنطقة بعد قتال عنيف مع الإرهابيين.
دخلت القوات الحكومية الأسبوع الماضي منطقتي الشعلة وكوباجيب. ومع ذلك، لم يتمكن الجيش السوري من السيطرة على هذه المواقع سوى منذ أيام قليلة بعد أن تمكّن من صدّ جميع هجمات داعش.
وفي الوقت عينه، استمرّ القتال عنيفاً بين حقول خرّاطة وقاعدة اللواء 137، حيث أقامت قوات النمور صلة بجزء من دير الزور الخاضع لسيطرة الحرس الجمهوري.
وكانت القوات الجوية الروسية قد زادت من حجم هجماتها وضرباتها ضدّ إرهابيّي داعش في محيط مدينة دير الزور. وشنّت الطائرات الحربية الروسية الإثنين الماضي أكثر من 80 طلعة قتالية، ودمّرت الدبابات المقاتلة وثلاثة مركبات مشاة مقاتلة وعشرة سيارات مجهّزة بالأسلحة، وقتلت أكثر من سبعين من مقاتلي داعش.
وفي المقابل، قُتل اثنان من الجنود الروس بقذائف الهاون في محافظة دير الزور، وتؤكد المصادر بأنّ هذين الجنديين كانا مع غيرهم من الجنود يرافقون قافلة السيارات التابعة للمركز الروسي للمصالحة، دون تقديم أية معلومات عن موعد وقوع الحادث. وتفيد هذه المصادر أيضاً من محافظة دير الزور عن تورّط عسكري روسي متزايد في العمليات الجارية ضدّ مواقع داعش على الأرض. تنشط القوات الروسية الخاصة في معاركها ضدّ داعش، كمراقبين جويين ومستشارين عسكريين. ويربط بعض الخبراء هذه المكاسب الرئيسية للهيئة ضدّ داعش في وسط سورية مع زيادة المشاركة الروسية. وأعلنت وحدات الدفاع الشعبي الكردية SDF في بيان، تصف فيه الإنجازات الأخيرة، أنّ القوات الديمقراطية السورية التي يقودها الأكراد، قتلت 1244 مقاتلاً من داعش، ودمّرت 28 سيارة مفخخة في اشتباكات وقعت في مدينة الرقة في آب الماضي. وأضافت وحدات حماية الشعب YPG، انّ قوات الدفاع الذاتي قد دمّرت أيضاً ورشة عمل تضمّ الكثير من الألغام المرتجلة، ومصنعاً لإعداد مركبات محمّلة بالقنابل، و3 مركبات عسكرية، وأسقطت طائرة بدون طيار، واكتشفت ثلاثة أنفاق تحت الأرض. ولم يُقتل سوى 101 مقاتلاً كردياً خلال هذه الاشتباكات. ومع هذا، فإنه من المرجح وجود مبالغة في تقدير الخسائر في صفوف داعش والتقليل من الخسائر في قوات الدفاع الذاتي.
وفي الأسبوع الماضي، استولت قوات الدفاع الذاتي على منطقة مورور من داعش في الجزء الجنوبي من الرقة، فيما تصبّ اهتمامها التامّ الآن على محاربة داعش في وسط المدينة.
الانتصارات السورية نافذة أمل كبيرة من الفرص
كتب مارك تاليانو
أيّ زعيم لأيّ بلد كان، يرفض ديكتاتورية واشنطن، سيُعمل فوراً على تشويه صورته. يُتهم هؤلاء القادة بـ «قتل شعوبهم» وربما بأسوأ من ذلك. وخير دليل على ذلك هو تلك الحقيقة النافرة والساطعة التي نعيشها في عصرنا هذا. وإذا ما أخذنا سورية كمثال، فإنّ واشنطن والإرهابيين هم من يقتلون شعب الأسد، وليس الأسد.
ومع ذلك، فإنّ حالة سورية هي واحدة من تلك الحالات غير المألوفة التي يجتمع ويتحقق فيها السلام، العدالة والتمدّن.
وفي حين أنّ واشنطن تريد الفوضى والحرب الدائمة، فإنّ الزمن يتغيّر وتنحسر ديكتاتورية واشنطن الأحادية الجانب حيال الشؤون العالمية. قد يخلق هذا الواقع الجديد بعض الانفتاح للحكومات العلمانية، وذات التعدّدية الدينية والاقتصادات الديمقراطية، والحكومات الديمقراطية كسورية على سبيل المثال، والتي تُطبّق فيها القوانين الدولية، وذلك بفضل سورية.
لم تكن العولمة يوماً مرتبطة بالحرية أو السلام أو الرخاء أو الديمقراطية، بل لطالما كانت متشبّثةً بأنظمة التجارة العالمية، والديكتاتورية، الاستعباد، الحرب والفقر. ولم تكن الطبقة الحاكمة مهتمة يوماً بثروة أو رخاء «الآخر»، سواء في الداخل أم في الخارج.
تفضل الإمبراطورية الأميركية وكتائبها أيّ كندا ، الديكتاتوريات المذهلة، الوهابية المعادية للإسلام، الفوضى والدمار. أما إنذار 9/11 الكاذب، فقد ساعد على الدخول في مرحلة الفترات الاقتصادية والعسكرية المفترسة، أو القمع من الداخل وفي الخارج، وفي تسريع تنامي السرطانات وتغذيتها.
إعلان موت كلّ من أفغانستان وليبيا، المحرقة الفظيعة في العراق، وإعادة إحياء النازية الجديدة في أوكرانيا التي تعكس سياسة الحكومات الفاشية الغربية وأمنها الداخلي، ومواءمة تشريعاتها ما بين الشرطة والدولة هي خير أمثلة وأدلّة على ذلك.
مؤشرٌ واحد على عالم قيد النشوء يحدوه بعض الأمل، كان معرض دمشق الدولي للعام 2017، والذي أُعيد افتتاحه بعد غيابٍ دام خمس سنوات، ما يرمز إلى مستقبل أكثر إشراقاً لنا جميعاً، وأنّ سورية تكسب الحرب ضدّ الإرهاب الدولي، على الرغم من أنّ إرهابيّي الناتو قصفوا مدخل المعرض، حيث قضى تسعة أبرياء فيما أُصيب العشرات.
ولحسن الحظ، فإنّ انتصارات سورية هذه، تضع حداً لما يسمّى بـ «الحرب على الإرهاب».
والآن، وبعد تدفق اللاجئين السوريين العائدين الى مدنهم التي يحبونها، واستمرار تحرير المناطق التي كانت ترزح تحت ظلّ الإرهاب، فإنّ القصة الحقيقية للحرب ما هي سوى انعكاس متزايد لتعصّب المسلمين وتشدّدهم ولفبركات الحكومات الغربية التي ستصبح أقوى بلا شك، أما الحقيقة الأكبر، فهي أنّ مصطلح «الحرب على الإرهاب» الاحتيالي سوف يستمرّ في التطور والصعود.
وفي الوقت عينه، وفي عالم بدا مليئاً بالأقطاب المتعددة، يُفترض أن تُقام تدابير مضادّة لإملاءات واشنطن الجديدة ولهيمنتها الضخمة. ولا بدّ حينها للسلام أن يندلع. وبوسعنا حينها، أن نتقدّم بالشكر والامتنان لسورية ولحلفائها على إتاحتها فرصة التحرير هذه.
سورية لا تزال سليمة وكلّ المتآمرين عليها فشلوا
كتبت بربارة نمري عزيز
إني أتحدث هنا عن سورية. علماً أنني أكتب هذا والأخطار لا تزال محدقةً في بلادي. ولستُ هنا في معرض الدفاع، بل تبيان الحجج الواحدة من الأخرى، وأعتقد أنها حجج جديرة بالاهتمام. ولأنّ الاعتراف يجب أن يحصل وتحديداً من قبل أولئك الذين يعرفون جيداً قيمة القوة الأميركية الرهيبة وتصميم واشنطن على تدمير سورية مهما كان الثمن باهظاً أنّ هذه الأمة الصغيرة امتلكت قدرةً هائلةً على المقاومة. تماماً مثل هؤلاء الساعين على الدوام إلى إقامة دولة فلسطينية دون أن يثنيهم عن عزمهم أيّ شيء ومثل الشعب الفييتنامي الذي استطاع أن يثبت للعالم أنه أمة نبيلة قادرةً على الاعتماد على نفسها.
لم ينتهِ نضال سورية الحالي ضدّ الاعتداءات المتكرّرة بحق أراضيها وشعبها بأيّ وسيلة من الوسائل. وهي لا تزال إلى الآن في حالة من الضعف والوهن الشديدين. يتناثر شعبها في جميع أنحاء العالم، تُستغلّ مهارات أبنائها المتعلمين في الدول التي يلجأون اليها، أما اللاجئون في المخيمات، فهم ينتظرون مصيرهم وغدهم غير المؤكد. فقد الجيش السوري عشرات الآلاف من جنوده، عدا عن الأعداد الهائلة من الجرحى. هرب شبابها من التجنيد. الاقتصاد السوري الذي كان قوياً، أصبح معطلاً وبالكاد يُلحظ. تتعرّض مؤسساتها الاجتماعية لحالة من الاغتراب عن واقعها، فضلاً عن أنّ ثرواتها الثقافية، بما في ذلك مسرحها المعاصر والتلفزيون، قد تضاءلا وتعرّضا للدمار.
ومع ذلك، وبعد أكثر من ست سنوات على الحرب التي تسبّبت بهذا الدمار الهائل، وبعد الكثير من الهدم والضربات ضدّها، وقفت سورية من جديد. فزعيمها صمد أمام سعي واشنطن الدؤوب لمحوه من الوجود. فقد فشلت جميع المحاولات والجهود العسكرية والدبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة للإطاحة بحكومته، حتى أنّ جامعة الدول العربية قد طردت بلاده من عضويتها علماً أنّ سورية هي من الأعضاء المؤسّسين لهذا الصرح.
ليست فقط سورية التي لا تزال سليمة، وإنْ كان قد أصابها الشلل على مستويات عدّة. فهي رغم كلّ ما مرّ ويمرّ بها تمكنت من الحفاظ على علاقات جدية مع بعض القوى الداعمة لها من إيران وروسيا حتى الصين. فانتصاراتها العسكرية التي تمكنت من تحقيقها على مدى العامين الماضيين، مذهلة بكافة المعايير، على الرغم من ارتفاع كلفة هذه الانتصارات، نظراً إلى المعارضة الهائلة التي تتعرّض لها. قارن ذلك بعجز الجيش الأميركي في أفغانستان .
إنّ هذه الأمة السورية قد واجهت الهجمات الشرسة من جيرانها العرب المدعومين من الولايات المتحدة الأميركية، مثل تنظيمي داعش والقاعدة، والمتمرّدين المحليين، الذين اصطفّت دول الخليج متبارزةً في دعمهم إلى جانب الغرب، تركيا على الحدود الشمالية، و«إسرائيل» والأردن على الجبهة الجنوبية، فضلاً عن القصف الجوي بالطائرات الإسرائيلية والأميركية. ضربة جوية واحدة كانت كفيلة بقتل العشرات وتشويه المئات من الجنود السوريين . ما هي تلك المعارضة التي تجنّدت فقط للقضاء على دولة لا يتجاوز تعداد سكانها الـ 25 مليوناً!!! وكلّ هذا دون تفعيل للانتقام السوري أو الروسي ضدّ «إسرائيل» أو الولايات المتحدة الأميركية.
ومما لا شكّ فيه، أنّ الانتصارات العسكرية السورية لم تكن لتكون ممكنة لولا الدعم الجوي الروسي. فالمساعدة الدبلوماسية الروسية حاسمة أيضاً: أولاً، لناحية إزالة التهديدات الكيماوية، وقبل ذلك، في منع مجلس الأمن الدولي من دعم الأجندة الأميركية المناهضة للنظام.
وإبان بداية الأزمة عام 2011، وحين كنتُ لا أزال مقيمةً في دمشق، تمكنت من التحدّث لفترة طويلة مع زميل لي، وهو بيروقراطي يمتلك خبرة في المسائل الحكومية. صُدمتُ حينها بثقته المطلقة بالفيتو الروسي الصيني الذي كان قد أُعلن عنه في مجلس الأمن الدولي، حيث رفضت الدولتان المحاولات الشتى التي قامت بها الولايات المتحدة لتوجيه اللوم إلى سورية وفرض العقوبات عليها. وبعد ذلك بستة أشهر، اجتمعنا مجدّداً، مع توقعات كبيرة ومحزنة، بأنّ سورية الأسد وحكومتها آيلة الى السقوط في وقت سريع جداً. ومع ذلك، فإنّ زميلي كان متأكداً وثابتاً على موقفه لناحية حق النقض الروسي الصيني، معلناً بثقة: «ستبقى روسيا معنا». أعتقد أنّ المطّلعين داخل الحكومة وكذا القادة العسكريين كانوا مشتركين في التأكيد على هذا الحكم. ولكن، من كان يتوقع أنّ أشهر الحرب التي ستلي سوف تتبع كلّ هذا المدّ والجزر وتبدأ في التحوّل؟
وفي أوائل العام 2016، حققت سورية بالتعاون مع روسيا سلسلة من الانتصارات المستحيلة ضدّ داعش ولفيفها. وحينها، دأبت وسائل الإعلام الغربية البغيضة على وصف المناطق المستعادة بنجاح على أنها «وقعت في أيدي الحكومة». وحتى من بعيد، ومع عدم وجود مسارٍ داخليّ حول الاستراتيجيات العسكرية، حيث يمكن للمرء أن يشعر أن تلك الانتصارات أظهرت تصميماً من نوع خاص، أقرب الى انتصارات كوبا مع كاسترو وفنزويلا في ظلّ تشافيز الدولتان اللتان كانتا على أجندة أهداف القوة الإمبريالية الأميركية.
ويبدو أنّ بعض الحلفاء الأميركيين الذين أيدوا في وقت سابق إزاحة الرئيس السوري من الحكم، قد بدأوا يتراجعون عن هذه الفكرة. لم يتمكن المعارضون مطلقاً من إثبات انّ سورية تنشر أسلحة كيماوية، وذلك بعد نتائج بحثية أجراها «بوستول» وهو الخبير في الأسلحة الكيميائية في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وبعد العديد من التحقيقات الصحافية للصحافي الشهير سايمور هيرش حول هذا الموضوع. طبعاً تمّ تجاهل تقرير هيرش من قبل الصحافة الأميركية . فضلاً عن أنّ إفراج «ويكيليكس» عن التبادلات التي أجرتها وزارة الخارجية الأميركية حول سورية والتي تشير الى خطط الولايات المتحدة للإطاحة بالحكومة السورية، قد قوّض أيضاً حجج واشنطن الواهية أساساً.
أما بالنسبة الى الشعب الذي لا يزال يعاني، فقد شهد هذا الشهر بعض التخفيف من مصاعبهم وأهوالهم، على الرغم من استمرار الضربات الجوية الأميركية، والتي تستهدف داعش في ظاهر الأمر، وتتسبّب في خسائر مدنية ثقيلة. ومن الدلائل الحيوية على اشتداد عضد المدنيين، كان المعرض الدولي الذي أقيم مؤخراً في دمشق. والذي استقطب مئات العارضين من شتى الدول، ومنح متعة وراحة لعشرات الآلاف من المواطنين. ويمكن تصنيف هذا التجمّع الدولي على أنه حدثٌ لافتٌ بامتياز. ومع ذلك، وعلى الرغم من التهديدات المحيقة، فقد منح هذا الوعد أملاً متجدّداً في السلام، حتى مع تعرّض موقع المعرض للقصف والتسبّب باستشهاد العديد من الزملاء.
منذ تسعينات القرن الماضي وحتى اندلاع الحرب السورية، تمكنت سورية من تحقيق تقدم ملحوظ على العديد من الجبهات الدبلوماسية، الاقتصادية، التعليمية، الاجتماعية، والثقافية. ومع هذا، فقد واصلت واشنطن وحلفاؤها، المملكة المتحدة، و«إسرائيل»، بإبقائها على رأس قائمة جدول أعمالهم. وفي مواجهة بقاء سورية كدولة تتمتع بكيانها ووجودها، في حال هُزم داعش، فماذا ستكون بالتالي – الخيارات المتاحة لكلّ من الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة و «إسرائيل» التي لن تعترف يوماً بالهزيمة؟