المقاومة خيار لا بدّ منه
عباس الجمعة
في زمن الإنجازات والانتصارات نرى انّ المقاومة خيار لا بدّ منه، حيث نجد أنّ بارقة أمل تعطي الشعب الفلسطيني حقه في المقاومة بكافة أشكالها من أجل انتزاع الحرية والاستقلال، المقاومة التي تحتلّ مكانة في العمق الشعبي العربي، وأيضاً ما يجسّده التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني، وهذا يعني تكثيفاً لهوية النضال الفلسطيني، وأنّ الأصوات المناهضة لممارسات الاحتلال الصهيوني وإدانتها للسياسة الأميركية هي قوية، بل هي راسخة.
من موقعي أقول إنّ ما نراه من صمود وتضحية لدى الشعب الفلسطيني وما نلمسه من انتصارات في المنطقة سيعطي مقاومة الشعب الفلسطيني قوة إلى الأمام لمواصلة مسيرة النضال على طريق تحرير الأرض والإنسان واستعادة الحقوق الوطنية وفي المقدمة منها حقه في العودة إلى بيوته وأراضيه ومدنه وقراه التي هُجر منها، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
لذلك يجب ان نتخلى عن الوعود فالمقاومة حق مشروع أقرّته المواثيق الدولية، ولا بدّ أن يكون هناك قرار فلسطيني بالمطالبة بعقد مؤتمر دولي ذي صلاحيات مع استمرار الشعب في المقاومة، لأنّ الشعب الفلسطيني الذي قاتل باللحم الحي وبالصدر العاري حاملاً الحجر وطاعناً بالسكين وما تيسّر من أدوات القتال المتواضعة في مواجهة أعتى قوة مسلحة مجرمة عرفها التاريخ، هذا الشعب قادر بمقاومته من الانتصار على الاحتلال وعدوانه وإجرامه، خاصة بعد أن سقط حلّ الدولتين، فأصبح خيار المقاومة هو اللغة الوحيدة التي يفهمها الاحتلال الصهيوني وهو السبيل الوحيد لاستعادة الأرض والكرامة والمقدّسات وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.
إنّ المقاومة التي تعرّضت منذ عشرات السنوات الى حملة منظمة لتشويه صورتها، وإلصاق تهمة «الإرهاب» بها، في إطار ممنهج ومدروس ومتعمّد في الإعلام الغربي العنصري، بهدف إقناع الرأي العام الدولي بالرواية الصهيونية وتبرير المجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وقلب الحقائق حين يتعلق الأمر بالنضال الوطني الفلسطيني، تتطلب من كلّ أحرار العالم اليوم بعد ان انكشفت الأمور من يصنع الإرهاب في المنطقة، ان يدعم المقاومة باعتبارها ردّ فعل طبيعي وإنساني، وهي خيار واع ولا رجعة عنه في مواجهة الاحتلال والعنصرية.
انّ ثقافة الصمود التي يبديها الفلسطينيون المتمسكون بثوابتهم وحقوقهم التاريخية في أرض فلسطين لن تثنيهم عن مواجهة الحركة الاستيطانية الهادفة لتهجير الفلسطيني عن أرض وطنه، وانّ الفلسطيني المتشبّث بأرضه وبممتلكاته ويملك إرادة الصمود والتحدّي في مواجهة ما تقوم به عصابات المستوطنين من إرهاب يستهدف بث الذعر والرعب في نفوس الفلسطينيين لم يعد يجدي نفعاً لأنّ ثقافة المقاومة أصبحت عقيدة إيمانية راسخة وثابتة في الفكر الفلسطيني والعربي.
إنّ تعميم ثقافة المقاومة ضمن سياسة تقوم على كيفية مقاومة كلّ إجراءات الاحتلال الإسرائيلي وكيفية العمل على وقف التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وتعميم ثقافة مقاطعة البضائع تشكل الإرادة الفلسطينية التي أصبحت متجذرة ومتأصلة في النفوس. الفلسطينيون بتصدّيهم ومواجهتهم لسياسة حكومة الاحتلال الهادفة لإفراغ النقب والعديد من مناطق 48 حيث تتأصّل في النفوس يوماً بعد يوم ثقافة مقاومة التهجير، إنّ المقاومة الشعبية الفلسطينية يجب أن تستمرّ في مواجهة الاستيطان، ويجب أن تعمّم ثقافة المقاومة وان تستمرّ في مجهودها وان لا تتوقف، وعلى كافة القوى والفصائل ان تتبنى كافة أشكال المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني وقطعان مستوطنيه.
انّ المقاومة التي تثبت اليوم انتصاراتها بكلّ قوة وعزم واقتدار على مواجهة الهجمة الامبريالية الصهيونية التي تدعم قوى الإرهاب في المنطقة، تؤكد على الرغم من المحاولات المستمرّة للنيل من صمودها، على أيدي الأدوات الاستعمارية في المنطقة التي راحت توصّف، وتصنّف المقاومة، على نحو يرضي العدو الصهيوني ويحقق رغبات الصهيونية العالمية، بعد أن حققت المقاومة الانتصارات على القوى والعصابات الإرهابية التكفيرية.
وها هي المقاومة تثبت اليوم للعالم قدرتها الفائقة على الإمساك بخيوط الثبات وتؤكد أنّ زمن الانهيارات قد ولّى وأتى زمن الانتصارات مهما كان حجم التضحيات.
اليوم أشرقت علينا شمس الحرية بعنوان مغاير، عنوان يحمل في عمقه حكاية الشهداء، وخط الأحرار وفرسان المقاومة، ورفات الشهداء الذين حطموا مشاريع الامبريالية والصهيونية والإرهاب، هي حرية صناع انتصارات الشعوب، هي حرية العالم العربي الذي يتطلع الى حرية فلسطين، إنها لحظات نحن بحاجة فيها الى إنهاء الانقسام الكارثي وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني والتمسك بخط المقاومة، إنها لحظات تاريخية في زمن الإنجازات والانتصارات، إنها عظيمة لمن كان ولا يزال يحمل قضية فلسطين في قلبه وخياره الأول حباً وطواعية.