موسكو لا يمكن مقارنة بيونغ يانغ بطهران.. سيول تعزّز إمكاناتها الدفاعية
علّق نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف على اقتراح المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشأن كوريا الشمالية قائلاً: «إنّ روسيا تقدر الاقتراح الذي قدمته المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل حول اعتماد تجربة المفاوضات السداسية مع إيران، لاستئناف الحوار مع بيونغ يانغ».
وأوضح الدبلوماسي الروسي أنّ «الوضع الحالي حول قضية بيونغ يانغ النووية، يتطلّب تبني مقاربة مبدعة»، مشيراً إلى «خطورة استمرار الدوامة الحالية، عندما يتمّ اعتماد السيناريو للتعامل مع القضية، مرة تلو الأخرى، رغم وجود أفكار جديدة. وفي النتيجة، تأتي كل موجة من الأزمة بمستوى أعلى من التوتر، ما يزيد من خطورة انزلاق الوضع نحو مواجهة مسلحة»، حسبما ما جاء في تصريحات ريابكوف.
وشدّد ريابكوف على أنه «لا تجوز المقارنة بين قضيتي إيران وكوريا الشمالية كملفين متوازيين»، موضحاً أنّ «ما يميّز كوريا الشمالية عن إيران يكمن في أنها تحوّلت دولة طوّرت فعلاً تكنولوجيا الأسلحة النووية، لدرجة تسمح لها بإجراء اختبارات لقنابل نووية والتحرّك نحو التطوير المستدام لوسائل نقل الأسلحة النووية وتحديداً الصواريخ الباليتسية».
وأعاد ريابكوف إلى الأذهان أنه «حين جرى توقيع إيران على الاتفاق النووي مع الدول الكبرى، لم تلاحظ في أراضيها أي مظاهر لبرنامج نووي عسكري».
وذكر بأنه «رغم مزاعم الدول الغربية، يركّز البرنامج الصاروخي لطهران، بالدرجة الأولى، على المجال الفضائي، وليس على المجال العسكري».
وتابع «إنّ هذا الوضع يبعث على استخلاص استنتاجات عدة، منها الإقرار بأن موقف بيونغ يانغ من الموضوع يختلف كثيراً عن موقف طهران، ولذلك لا مفرّ من أن تكون المفاوضات مع كوريا الشمالية مختلفة تماماً عن نموذج المفاوضات مع إيران».
من جهتها، شجبت كوريا الشمالية، أمس، قرار مجلس الأمن رقم 2375 الذي فرض عقوبات جديدة عليها، رداً على تجربتها النووية الأخيرة، وأكدت أنها «ماضية في التسلّح لتحقيق توازن قوى مع أميركا».
وجاء ردّ كوريا الشمالية هذا تحت عنوان «إعلان وزارة الخارجية»، الذي قالت فيه «إن تبني قرار مجلس الأمن الدولي بدفع من الولايات المتحدة الأميركية مرة أخرى، هو بمثابة تأكيد على شرعية خيارنا ويقوّي عزمنا في مواصلة سيرنا حتى النهاية».
واعتبرت أنّ هذا «القرار ملفّق من قبل الولايات المتحدة الأميركية وملطخ بكل الوسائل القذرة». وتندّد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بـ «أشدّ العبارات الحاسمة»، وترفض رفضاً قاطعاً «قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2375 بفرض عقوبات جديدة عليها، لأنه يمثل استفزازاً مثيراً للاشمئزاز يهدف إلى حرمان كوريا الديمقراطية من حقها المشروع في الدفاع عن النفس وخنق الدولة والمواطنين بشكل تام من خلال فرض حصار اقتصادي شامل عليهم».
وأكدت وزارة خارجية كوريا الشمالية رفضها بكل حزم «القرار الدولي بفرض عقوبات عليها»، وقالت إن «اعتماد هذا القرار غير قانوني وغير شرعي، وهو يؤكد مرة أخرى لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية أن الطريق الذي اختارته صحيح تماماً».
وأوضحت بيونغ يانغ أنّها «ستبذل المزيد من الجهد لتقوية قواتها من أجل الحفاظ على حقها في السيادة والبقاء، ومن أجل تأمين السلام والأمن في المنطقة، مع تحقيق توازن قوى كأمر واقع مع الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن بيّنت المحاولة الأميركية سعي واشنطن للحدّ من تقدّمها ومحاولة فرض نزع السلاح والسيطرة عليها بالأسلحة النووية».
في المقابل، دعت وزارة الوحدة بكوريا الجنوبية، أمس، كوريا الشمالية إلى «كسر الحلقة المفرغة من الاستفزازات النووية والصاروخية»، التي ترتب فرض عقوبات أشدّ عليها، والتي بدورها تقود إلى إجراء مزيد من الاستفزازات، ودعتها إلى «العودة إلى طاولة الحوار لحل القضية النووية بطريقة سلمية».
وقال المتحدث باسم الوزارة، بايك تيه هيون، أمس، تعليقاً على تبني مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2375 لفرض العقوبات على كوريا الشمالية، «إن البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الكورية الشمالية رداً على تبني مجلس الأمن هذا القرار، يعتبر الأضعف من بين ردود أفعال السلطات الكورية الشمالية على قرارات مجلس الأمن الدولي».
في ما أوضح المكتب الرئاسي في سيول، «أن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان سيجرون مشاورات حول عقد محادثات قمة ثلاثية على هامش الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بالولايات المتحدة».
كما نقلت جريدة يوميوري اليابانية، عن مسؤولين في الحكومة اليابانية قولهم: «إن سيول وواشنطن وطوكيو تنسق الجدول الزمني لعقد محادثات القمة الثلاثية بين الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن والرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يوم 21 أيلول الحالي على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك».
وأضاف المسؤولون أنّ «سيول وواشنطن تبحثان احتمال زيارة الرئيس ترامب لكوريا الجنوبية عند زيارته المرتقبة إلى الصين في تشرين الثاني المقبل».
وتأتي محادثات القمة الثلاثية العتيدة، بعد مرور شهرين على محادثات القمة الثلاثية السابقة في مطلع تموز الماضي في ألمانيا.
على صعيد آخر، وعلى خلفية التوتر القائم مع كوريا الشمالية عقب تجربتها الهيدروجينية الأخيرة، قام وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، بزيارة تفقدية لاثنين من منشآت الأسلحة النووية والقاذفات الاستراتيجية في البلاد.
وتهدف الزيارات التفقدية للوزير ماتيس إلى «التعرّف على جاهزية منظومة رادارات التحذير من الهجمات الصاروخية»، والاطلاع على «مدى صلاحية الرؤوس الحربية النووية المخزّنة هناك».
وعاين قائد البنتاغون أمس، القاعدة الوحيدة التي تضمّ قاذفات استراتيجية وصواريخ باليستية عابرة للقارات في الوقت نفسه في الولايات المتحدة، وهي قاعدة قرب مدينة مينوت، بداكوتا الشمالية.
ويعقد رئيس البنتاغون اليوم، في أوماها بولاية نيفادا، لقاء مع قيادة القوات الاستراتيجية الأميركية، ويناقش معها مسألة «الردع الاستراتيجي»، في السياق ذاته.
وبعد ذلك، يزور الوزير ماتيس المكسيك، غداً، حسبما ذكر المكتب الصحافي للبنتاغون.
بدوره، رأى السيناتور الجمهوري جون ماكين أن ثمن ما وصفها بالأعمال العدائية التي يقوم بها زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون هو «الانقراض».
وقال في هذا الصّدد «التأكد من أن كيم جونغ أون على دراية بأنه إن قام بأعمال ذات طابع عدائي، فإن الثمن سيكون الانقراض»، داعياً في الوقت ذاته إلى «تعزيز الدفاعات الصاروخية حول شبه الجزيرة الكورية»، محذراً أيضاً من أنّ «وزير الدفاع في كوريا الشمالية وقبل أيام قليلة طالب بتحريك أسلحة نووية، وهذا أمر لا بدّ من الأخذ به بصورة جدية جداً».
وشدّد السيناتور الجمهوري على «ضرورة أن تضغط بلاده على الصين، وأن تدفعها في هذا الملف»، مخاطباً بكين بقوله: «الولايات المتحدة الأميركية ستتأثر بخسارة التجارة معكم ولكن لا بد من أن يتغير أمر ما».
من جهة أخرى، أجرت كوريا الجنوبية، أمس، مناورات بالذخيرة الحية، اختبرت فيها لأول مرة «صاروخ كروز» يطلق من الجو وسوف يعزّز قدرات سيول أمام كوريا الشمالية، في حال اندلاع حرب بين الجارتين.
في ما يبدو أنّ هذه المناورات تحاكي ضربة استباقية ضدّ كوريا الشمالية ما يُسفر عن تصعيد حدة التوتر القائم في المنطقة، علماً بأنّ الوضع الحالي في شبه الجزيرة الكورية أقرب من أي وقت مضى إلى اندلاع نزاع مسلح واسع النطاق.
وأعلن جيش كوريا الجنوبية في هذا الصّدد، أنّ «صاروخ برج الثور، ألماني الصنع، أطلق من مقاتلة F-15 وحلق على ارتفاع منخفض نحو الهدف المحدّد قبالة سواحل البلاد الغربية، وأن هذا الصاروخ قادر على ضرب أهداف على بعد 500 كم، ولديه تقنية خاصة تتيح له تجنّب اكتشافه من قبل الرادارات الكورية الشمالية».
وفي سياق متصل، ذكرت بوابة «شمال 38» الإلكترونية المتخصصة في شؤون كوريا الشمالية أن «قوة القنبلة النووية التي جربتها بيونغ يانغ مؤخرا تقدّر الآن بـ 250 كيلوطن!».
ولفتت إلى أن «التقديرات الأولية لقوة التأثير الزلزالي، في أول خبر لها عن التجربة النووية الكورية الشمالية السادسة، كانت تتراوح بين 5.8 إلى 6.3»، ولاحقاً أعادت منظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية ووكالة «NORSAR» النرويجية النظر في تقديراتها رسمياً، متوقفة عند 6.1.
وقال هذا الموقع المتخصص في شؤون كوريا الشمالية: «هذا التنقيح، بالغ الأهمية، لأنه بدلاً من القوة المعادلة المقدرة بـ120 كيلوطن، المتحصل عليها من تقديرات زلزالية منخفضة، فإن استخدام معادلة قياسية مطابقة للمؤشرات الثابتة، يعطي إمكانية لتقدير هذه القوة الآن بنحو 250 كيلوطن، أي ربع ميغاطن».
وقدّرعسكريو اليابان وكوريا الجنوبية قوة هذه التجربة الكورية الشمالية السادسة بين 120 – 160 كيلوطن، أي أشدّ بمرات عدة من قوة القنبلتين النوويتين اللتين أسقطتا على مدينتي هيروشيما وناغازاكي العام 1945.