العبادي: لن نسمح بتقسيم العراق.. ونحذّر من الاحتراب الداخلي
في خطوة لقطع الطريق أمام رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني الطامح للانفصال عن بغداد، صوّت مجلس النوّاب أول أمس الثلاثاء على رفض استفتاء الإقليم المزمع إجراؤه في الـ25 من الشهر الحالي.
وكان لافتاً أنّ البرلمان العراقي ألزم رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ كافّة التدابير التي تحفظ «وحدة العراق»، حيث أكّد رئيسه سليم الجبوري خلال الجلسة، أنّ مجلس النوّاب يحرص على وحدة العراق ويرفض تقسيمه تحت أيّ عنوان أو تبرير، محذّراً في الوقت ذاته من إقحام المناطق المتنازع عليها في الاستفتاء باعتبارها مخالفة دستوريّة.
البرلمان رمى الكرة بملعب الحكومة، بعد أن خوّلها استخدام صلاحياتها الدستوريّة للردّ على كردستان بشأن قرار الاستفتاء، ولكنّه استبعد أن يتّجه العبادي إلى خيار الحرب بين أبناء الشعب الواحد.
وأكّد أنّ رئيس الحكومة لا يزال يراهن على الضغط الخارجي ممثّلاً في تركيا وإيران، فضلاً عن أميركا، من أجل إلغاء أو تأجيل الاستفتاء، ويجد أنّ البرزاني أمام محنة حقيقية.
وأثار رفض البرلمان ردود فعل إيجابيّة لدى الأطراف السياسية في بغداد، واعتبروه نقلة نوعيّة وانعطافة للمسار الرافض للانفصال والاستفتاء. ولفتوا إلى أنّ الدستور لا ينصّ على إجراء الاستفتاء وحقّ تقرير المصير الذي تطالب به «كردستان»، وبيّنوا أنّ الحكومة مطالبة بإجراءات قانونيّة وتنفيذيّة، فضلاً عن الدبلوماسية إذا مضى الإقليم في تنفيذ مخطّطه، رافضين سياسة «ليّ الأذرع التي يستخدمها الأكراد»، ومعتبرين قرار مجلس النوّاب رسالة رادعة للعناد الكرديّ المستمر، لكنّهم أكّدوا في النهاية على أهميّة «فتح باب آخر للحوار».
وعمد رئيس كردستان العراق أمس الثلاثاء، إلى زيارة مدينة كركوك شمال البلاد المتنازع عليها مع بغداد، في رسالة لحكومة العبادي على إصراره بشمولها في الاستفتاء المزمع.
وقرّر مجلس محافظة كركوك نهاية شهر آب الماضي المشاركة في الاستفتاء، ممّا أثار موجة انتقادات بين الأوساط العربيّة والتركمانيّة في المدينة الغنّية بالنفط.
وشدّد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس، على أنّه لن يسمح بتقسيم البلاد، فيما حذّر في الوقت نفسه من تنامي حدّة التصعيد الكلامي «الذي قد ينتهي إلى احتراب داخلي».
وذكر العبادي في مؤتمر صحافي بمدينة الناصريّة جنوب العراق، «أنّ وحدة البلاد أمر أساسي، وأن العراق يكون أقوى بوحدته، وبالتالي نرفض أيّة دعوات لتقسيم البلد أو إضعافه» وذلك في إشارة منه إلى استفتاء من المقرّر أن يجريه إقليم كردستان العراق في وقت لاحق من الشهر الحالي في شأن الانفصال عن بغداد. وأضاف العبادي: «لن نسمح لقسم من السياسيّين بتقسيمنا وإضاعة فرصة التعاون لتحقيق مصالح الشعب».
ولفتَ إلى وجود إشارات إيجابيّة وأخرى سلبيّة في ملف الاستفتاء على استقلال الإقليم، محذّراً من أنّ «التصعيد الكلامي قد يؤدّي إلى كوارث كبيرة في البلاد، مشابهة لما حصل في بلدان أخرى انتهى بها الوضع إلى الاحتراب الداخلي».
وأكّد أنّ حكومته تحترم تطلّعات جميع المواطنين بما فيهم الأكراد، وتسعى إلى حلّ جميع المشاكل العالقة بالحوار والتفاهم «فقط»، لكن من دون سياسة فرض الأمر الواقع وتحديد المصير من دون مشورة الشركاء.
وكان البرلمان العراقي قد أعلن أمس الثلاثاء رفضه لاستفتاء الإقليم، داعياً إلى التحرّك لمنع الاستفتاء بالطرق الممكنة.
إلى ذلك، وفي سياق التوتّر القائم أعلن محمد البياتي، القيادي التركماني في منظمة بدر العراقية المسلّحة، يوم 12 أيلول، عن انتشار قوّات البيشمركة الكرديّة في مناطق كركوك وداقوق وطوز خورماتو.
وقال البياتي، في بيان: «هذه القوّات لم تأتِ لغرض الاستفتاء، وإنّما لقمع العرب والتركمان، وفرض الاستفتاء بقوة السلاح والدبابات والمدرعات».
ودعا البياتي الحكومة العراقيّة إلى «تحمّل مسؤوليّتها أمام المواطنين، أو أن يقدّموا استقالتهم».
يُشار إلى أنّ مجلس محافظة كركوك العراقيّة صوّت، في أواخر آب الماضي، لصالح إدراج أراضيها في الاستفتاء الشعبي بشأن استقلال إقليم كردستان عن العراق، المقرّر إجراؤه يوم 25 أيلول الحالي.
وكان البرلمان العراقي صوّت أمس الثلاثاء على رفض استفتاء إقليم كردستان، وألزم رئيس الوزراء حيدر العبادي باتخاذ كافّة التدابير التي من شأنها الحفاظ على وحدة الأراضي العراقيّة.
وندّد عدد من الدول، أبرزها الولايات المتحدة وتركيا وإيران، بقرار سلطات إقليم كردستان إجراء الاستفتاء المذكور، ودعت أنقرة وطهران إلى التخلّي عن هذه المبادرة التي قد تؤدّي إلى زيادة التوتّر في المنطقة، بحسب تعبيرهما.
وفي سياقٍ متّصل، قال ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، يوم 8 أيلول، إنّ موسكو ستحلّل نتائج استفتاء كردستان العراق، إلّا أنّ مسألة الاعتراف أو عدم الاعتراف بنتيجته غير مطروحة حالياً.
وفي السياق، جدّد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، خلال زيارته إلى بوينس آيرس، موقفه الداعم لقيام دولة كرديّة مستقلّة، لكنّه فضّل النأي بنفسه عن تعليق جنرال «إسرائيلي» بارز حول حزب العمال.
وكان يائر غولان، النائب السابق لرئيس هيئة الأركان في الجيش «الإسرائيلي»، قال إنّ حزب العمال الكردستاني ليس منظّمة إرهابيّة. لكنّ نتنياهو لم يوافقه الرأي، وشدّد قائلاً: «ترفض «إسرائيل» Bkk وتعتبره منظّمة إرهابية». واعتبر أنّ هذا الموقف يميّز كيانه كثيراً عن تركيا التي تحارب حزب العمال الكردستاني وتدعم في الوقت نفسه «حماس»، التي يعتبرها الكيان الصهيوني حركة «إرهابية» بحسب تعبيره.
واستطرد قائلاً: «في الوقت الذي تعارض «إسرائيل» الإرهاب بأيّ شكل، تواصل دعمها لجهود الشعب الكردي المشروعة لإقامة دولة خاصة به»، كما قال.
يُذكر أنّ تصريحات غولان المثيرة للجدل جاءت الأسبوع الماضي خلال كلمة ألقاها في معهد واشنطن لسياسات «الشرق الأوسط»، إذ قال، إضافة إلى تأكيده أنّ «حزب العمال ليس منظّمة إرهابية»، إنّه معجب جداً بفكرة دولة كردستان مستقلّة. وتابع قائلاً: «كان لدينا تنسيق جيّد مع الشعب الكردي منذ أوائل الستينيات من القرن الماضي». وتابع أنّ قيام كيان كرديّ مستقلّ يُعدّ تطوّراً إيجابيّاً في مصير «الشرق الأوسط».