«إسرائيل» ليست جنّة ولا رحمة
د.أحمد عياش
الحرب النفسية تواكب دائماً بنادق العسكر ولولا التعبئة النفسية والحماسية لما مشى جندي إلى خطوط التماس لمقارعة الموت. والصحيح أيضاً أن من آلية عمل الحروب محاولة السيطرة والإقناع لقلب الحقائق والأمور، كل طرف لصالحه. والخطير مما يحصل اليوم تصوير مشهد الحرب في بلاد الشام واليمن، وكأنها ضد عفاريت إسلامية إرهابية مع لصق مفردة إسلام مع كل خبر تفجير أو إجرامي أو بؤس أو تخلّف أو قهر للمرأة أو رفض للعلم أو تهديداً للسلم العالمي. وكل هذا قابل للنقاش.
ولكن ما تُخفيه الحرب النفسية المواكبة للصراعات في بلاد الشام واليمن أن مَن يقاتل المتطرفين هم أيضاً مسلمون وليسوا من الهندوس أو العلمانيين.
والأخطر من كل هذا وذاك هو ازدياد الحديث عن ديمقراطية وتقدّم «إسرائيل» إلى حد أن الكثيرين بدأوا يشعرون بعد مقارنة بسيطة مع «إسرائيل» أن الحرب معها أصبحت تخلفاً وشعارات متخلّفة بالية مرّ عليها الزمن، كأشكال ثياب المتطرّفين ولحاهم الطويلة العثّة وتصرّفاتهم البدائية في الحياة.
إن الحرب النفسية التي تقارن هذا بذاك هدفها جعل «إسرائيل» جنّة ورحمة أمام ما وعد به المتطرفون للناس وجعل التقرّب من «اسرائيل» اقتراباً من الحضارة والتقدّم والحريات الشخصية وتصوير من يتخلّف عن التطبيع مع «إسرائيل» متخلّفاً رجعياً وعدوانياً قديماً يردّد شعارات مرّ عليها الزمن…
المتآمر لا يحرّك فقط دباباته ولا يسلّط فقط نيرانه على بلاد الشام، إنما يحاول أن يقلب المفاهيم في وعي ولا وعي الناس البريئة والمندفعة فتجده يحاول زرع الكفر بالوطن والشعب والأمة والأخطر يحاول تكريس فكرة أن كل خراب البلاد من قادتها ومفكريها وأنهم بضعة عملاء وخونة. والأغرب في كل ذلك أن المتآمر «الإسرائيلي» والأميركي عندما يقرران الانتهاء من «قائد» ما يتّهمونه بالتعامل مع المخابرات الأميركية و«الإسرائيلية» عبر أبوابقهم لمعرفتهم أن ذلك يعني عبوراً لممر حكم الإعدام من الشعب… يتهمونه بالخيانة لصالحهم ليأتوا هم لينفذوا حكم الإعدام!
صحيح، أن ما يحصل من حروب في بلادنا هي من نتاجنا ونزاعاتنا وغبائنا الواعي والمستتر، ولكنها أيضاً من «خيرات مؤامرات «إسرائيل» وحلفائها وعملائها الذين ينشطون حالياً عبر أغنية أو ممثل أو فنان أو رجل دين تافه لكسر حاجز الخوف من التطبيع…
دكتور نفسي