قائد الجيش: التوقيفات بدأت وسيُقبض على كلّ من يثبت اعتداؤه على الوطن لن يثنينا العدو «الإسرائيلي» عن الدفاع عن الجنوب وقد عزّزنا الانتشار
أكّد قائد الجيش العماد جوزيف عون، أنّ «بفضل عزيمة جنود المؤسسة العسكريّة ودماء رفاقهم الشهداء والجرحى، كان الانتصار على الإرهاب بدحره عن هذه الأرض إلى غير رجعة»، مشدّداً على أنّ سلسلة التوقيفات المرتبطة بالعملية بدأت، معلناً أنّه «سيتمّ إلقاء القبض على كلّ من تثبت علاقته بالاعتداء على الوطن، ولن يبقى في البلد أيّ مكان لمثيري الشغب».
ترأّس العماد عون أول من أمس احتفالاً تكريميّاً للوحدات التي شاركت في معركة فجر الجرود في قاعدة رياق الجويّة، بحضور رئيس الأركان اللواء حاتم ملّاك، قائد قوّات الأمم المتحدة الموقّتة في لبنان الجنرال مايكل بيري، ملحقين عسكريّين، عائلات العسكريين الشهداء، الضباط والرتباء والعسكريين الجرحى وأعضاء المجلس العسكري.
بعد وصول قائد الجيش واستعراضه للقوى العسكريّة، وضع إكليلاً من الورد على النصب التذكاري، ثمّ عزفت موسيقى الجيش نشيد الموت لأرواح الشهداء العسكريّين، بعدها افتُتح الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، تلاها دقيقة صمت وقوفاً لأرواح العسكريّين الشهداء، ثمّ تقليد الأوسمة للأفواج المشاركة في عملية فجر الجرود، بعدها تمّ استعراض رايات الوحدات العسكريّة المشاركة، وتقليد الأوسمة للوحدات المكرّمة وهي اللواء السادس، فوج التدخّل الأول، فوج الحدود البرّي الثاني، وحدات مقاتلة من مديريّة المخابرات، فوح التدخّل الرابع، القوّات الجويّة، فوج المدرّعات الأول، الوحدات المقاتلة المجموعة العملانية الثانيّة، فوج التدخّل الثاني، لواء المُشاة التاسع، وحدات الدّعم، فوج المدفعيّة الأول، فوج المدفعيّة الثاني، لواء الدّعم، فوج المُضادّ للدروع، فوج الهندسة الذي شارك في كافّة العمليات الهجومية، وفوج الإشارة، وحدات المساندة، أركان الجيش للتجهيز، مديرية القوامة، منطقة البقاع، مديرية التوجيه، الطبابة العسكرية، اللواء اللوجستي، فوج الأركان المستقل.
ثمّ سلّم قائد الجيش الدروع التذكاريّة إلى ذوي العسكريين شهداء عملية فجر الجرود، وهم المعاون الشهيد وليد فريج من فوج الهندسة، ومن فوج لواء المشاة السادس كلّ من الرقيب أول الشهيد باسم موسى، الرقيب الشهيد عباس جعفر، الرقيب الشهيد عارف ديب، العريف الشهيد إيلي فريجي، العريف الشهيد عثمان الشديد، الجندي الشهيد ياسر حيدر أحمد.
وقلّد قائد الجيش أيضاً الأوسمة لجرحى عمليّة فجر الجرود، وهم: من لواء المشاة السادس كلّ من النقيب عمر الشمعة، العريف علي يوسف، المجنّد سمير فاضل، المجند إيهاب عوض. ومن فوج المجوقل، الرقيب وئام بو كروم، من فوج التدخّل الثاني الجندي أحمد العلي، من فوج التدخّل الأول كلّ من المجند ربيع سعد الدين والمجند محمود ديب.
بعدها، ألقى العماد عون كلمة، جاء فيها: «نحتفل اليوم بانتهاء عملية فجر الجرود التي انجلى غبارها بانتصاركم الحاسم على الإرهاب، هذا العدو الخطر الذي كان قد جثم لسنوات طويلة فوق حدودنا الشرقيّة فاستباح أرضها وأرهب أبناءها، لكنّه بفضل عزيمتكم وشجاعتكم وإرادة القتال اللامحدود لديكم، وبفضل دماء رفاقكم الشهداء السبعة والجرحى البواسل، كان الانتصار عليه بدحره عن هذه الأرض إلى غير رجعة، لتعود إلى أهلها وإلى كنف السيادة الوطنيّة، يرفرف علم البلاد فوق جبالها الشامخة ويصونها جيشكم الذي وثق به الجميع، وراهن على دوره فكان على قدر الثقة والرهان».
وتابع: «إنّ هذه المعركة التي خضتم غمارها بقرار حازم ورؤية واضحة، كانت على المستوى العملاني وبشهادة قادة الجيوش الصديقة والخبراء والمحلّلين العسكريّين المحليّين والدوليّين أكثر من ناجحة بكلّ المعايير والمبادئ العسكريّة، من سرعة حسمها وإنجازها خلال أيام معدودة إلى الحرفيّة القتالية في الأداء، إلى التنسيق والتكامل بين مختلف أسلحة الجيش البرّية منها والجويّة واللوجستية والإدارية، وصولاً إلى الالتزام التامّ بالقانون الدولي الإنساني. وفي الخلاصة، حقّقتم الهدفين الأساسيّين للمعركة، وهي تحرير الأرض من الإرهاب، والثاني كشف مصير العسكريّين المخطوفين لدى الجماعات الإرهابية المجرمة، حيث استردّت جثامينهم الطاهرة إلى بلداتهم وقراهم، وكُرّموا أجلّ تكريم على مستوى الجيش والوطن بأسره. فهنيئاً لكم هذا الإنجاز التاريخي، وهنيئاً للجيش الذي رصّعتم صدره بأوسمة العزّة والكرامة والعنفوان». وأضاف: «انتصرتم فانتصر بكم الجيش والوطن، وباتت مؤسّستكم في ظلّ الالتفاف الشعبي العارم حولها تتوسّط البلاد كما تتوسّط الأرزة العلم، إذ هبّ اللبنانيّون خلال المعركة وبعدها وعلى اختلاف مكوّناتهم الطائفيّة والمناطقيّة لاحتضانكم والتوحّد حولكم في إجماع وطني عارم لم يسبق له مثيل، فاشتعلت بهم ساحات الوطن وهم يتسابقون إلى تكريمكم والتعبير عن الاعتزاز بكم. انتصرتم فانتصرت بكم الدولة، لأنّها أصبحت أكثر مناعة في مواجهة التحدّيات الإقليميّة والداخلية، وأكثر قدرة على دفع ورشة النهوض الاقتصادي والإنمائي في البلاد».
وتابع: «وعلى الرغم من ذلك، لا يزال أمامنا الكثير من الجهد والعمل، فلا يجب أن تحرفنا نشوة النصر عن مواصلة الحرب الاستباقية ضدّ الإرهاب بخلاياه النائمة وذئابه المنفردة، وعن متابعة مسيرة الأمن والاستقرار في الداخل وملاحقة كلّ من تطاول على أمن لبنان والجيش. وها قد بدأت سلسلة التوقيفات، وسيجري إلقاء القبض على كلّ من يثبت اعتداؤه على المواطنين أو على الجيش ومراكزه خلال الفترة السابقة، وهذا عهد قطعناه على أنفسنا وسنمضي به حتى النهاية».
وتوجّه العماد عون إلى العسكريّين قائلاً: «كونوا على ثقة أنّه لن يبقى في داخل البلاد أيّ مكان آمن لمثيري الشغب ولمطلقي النار من السلاح المتفلّت، فسلامة المواطنين أمانة في أعناقنا، سنحافظ عليها مهما تطلّبت من تضحيات، كذلك لا مكان آمناً لمن يعبث بالأمن الاجتماعي ومستقبل الشباب اللبناني من مروّجي المخدرات وتجّارها مهما ظنّوا زوراً علو مقامهم وشأنهم، فكما كنّا السيف القاطع في وجه الإرهاب، كذلك سنكون في وجه هؤلاء العابثين».
ولفتَ إلى أنّه «في موازاة هذه المهمات كلّها، عليكم مضاعفة الجهوزيّة والاستعداد لمواجهة إرهاب الدولة، أي العدو «الإسرائيلي» المتربّص شرّاً بالوطن على حدود جنوبنا الغالي، والذي ما انفكّ يطلق تهديداته ضدّ لبنان ويواصل ممارساته العدوانيّة التي تشكّل خرقاً واضحاً للقرار 1701، لكنّ ذلك لن يرهبنا ولن يثنينا عن أداء واجبنا المقدّس، بحيث عمدنا بعد انتهاء عمليّة فجر الجرود إلى تعزيز انتشار الجيش على الحدود الجنوبيّة للدفاع عنها، وذلك جنباً إلى جنب مع التزامنا الكامل القرار المذكور بمختلف مندرجاته والحرص الأقصى على التعاون والتنسيق مع القوّات الدوليّة لترسيخ أمن الحدود وتعزيز صمود أهلنا في بلداتهم وقراهم، ومواجهة جميع محاولات العدو الهادفة إلى ضرب استقرار المنطقة».
وقال: «الفخر لرفاقكم الذين خطفهم الإرهاب واستشهدوا على أيديه الآثمة، لأنّهم سكنوا ضمير الوطن وأضاؤوا بأسمائهم سجلّ الخلود وكانوا نبراس عملية فجر الجرود، الفخر لرفاقكم الشهداء السبعة ولجميع الجرحى الأبطال الذين أُصيبوا خلال المعركة لأنّهم رووا بدمائهم الزكيّة تراب الوطن ولوّنوا لوحة الانتصار وكانوا وقود مشعل التحرير. كما الفخر لكم، أنتم ضبّاطاً ورتباء وأفراداً، لأنّكم كنتم على أرض المعركة مشاريع شهداء لكنّكم جابهتم واستبسلتم بين حدّي النصر والشهادة، فلم تهابوا الخطر لحظة ولم تتردّدوا. الفخر لجميع اللبنانيّين على اختلاف مكوّناتهم وأطيافهم ومناطقهم، فما نحن إلّا جنود من بلداتهم وقراهم وبيوتهم وعائلاتهم الوطنيّة الوفيّة».
وختم عون متوجّهاً بـ«الشكر والتقدير إلى هيئات المجتمع المدنيّ والمؤسّسات والأشخاص الذين بادروا إلى تقديم المساعدات الماديّة والعينيّة للوحدات العسكريّة خلال المعركة وبعدها، لأنّهم كانوا رمزاً للتلاحم الوطني بين الجيش وأهله، كما الشكر والتقدير للمجتمع الدولي والدول الصديقة على دعمها العسكري والمعنويّ للجيش، ما أسهم بفعاليّة في تأمين مقوّمات المعركة». وتوجّه بتحية إكبار وإجلال إلى جميع أرواح شهداء المؤسّسة بالقول: «يا أبطال الجيش، لا خوف على وطن أنتم رجاله وسياج حدوده».
بعدها، استعرض العماد عون الوحدات العسكرية المشاركة في عملية فجر الجرود، ثمّ نفّذ سلاح الجو اللبناني المكوّن من حوّامات «غازيل» و»بوما» وطائرة «سيسنا» استعراضاً جوّياً مرّ أمام المنصّة وحمل العلم اللبناني وعلم الجيش.
واختُتم الاحتفال بإنزال مظلّي لقوى الأمن الداخلي، بعدها تقدّم قائد الاستعراض العميد الركن روجيه الحلو من العماد قائد الجيش مؤدّياً التحية ومعلناً انتهاء الاحتفال.
وتجدر الإشارة إلى أنّ ساحة الاحتفال كانت تضمّ الأسلحة التي شاركت في عملية فجر الجرود، وهي صواريخ «تاو» و«ميلان»، ودبابات «م 48»، و«م 60»، و«ت 55»، ومدفعية هاوتزر 155 ملم، ومدفعية ميدان 133 ملم، ومدفعية ذاتية الحركة 155 ملم، ومدرّعات برادلي وراجمات صواريخ 40 فوهة، إضافة إلى كاسحات الألغام، وروبوتات الكاشفة للألغام والطائرات المسيّرة من دون طيار.