الانتخابات في موعدها من دون تقصير للمهلة أو تغيير في القانون
هتاف دهام
يؤكد مصدرٌ وزاري لـ «البناء» أنّ العلاقة بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ليست في أحسن أحوالها. كلّ منهما يريد حشر الآخر في الزاوية، في ضوء الملفات محور الخلاف من الكهرباء وصولاً إلى الانتخابات النيابية المقبلة.
لقد طرح وزير الخارجية، بحسب المصدر نفسه، في أكثر من اجتماع للجنة الوزارية المكلفة دراسة قانون الانتخاب في السراي برئاسة الرئيس سعد الحريري، تقريب موعد إجراء الانتخابات، طالما أنّ هناك صعوبة في اعتماد البطاقة الممغنطة. هذا الطرح المتكرّر، قابله ردّ من وزير المال علي حسن خليل خلال اجتماع اللجنة الأسبوع الفائت، بجهوزية حركة أمل للانتخابات.
سارع الرئيس بري يوم أمس، إلى ترجمة أقواله التي واظب عليها من نحو أسبوعين (ضرورة تقريب موعد الانتخابات إذا تعذر تأمين البطاقة الممغنطة) اقتراح قانون معجل مكرّر تقدّم به باسم كتلة التحرير والتنمية. ويشير الاقتراح إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة 41 من القانون رقم 44، أيّ انتخاب أعضاء مجلس النواب لتصبح على الشكل التالي: تنتهي ولاية مجلس النواب الحالي استثنائياً في تاريخ 31-12-2017، على أن تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ وفق الأحكام والإجراءات المنصوص عليها في القانون بعد إجراء التعديلات اللازمة على تواريخ المهل المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وبما يتلاءم مع هذا التعديل.
وفق مصادر «التحرير والتنمية» لـ «البناء» فإنّ الرئيس بري سيترقّب في الساعات المقبلة مواقف الكتل السياسية، لا سيما التيار البرتقالي لتبيان مدى جديتها، والبناء على الشيء مقتضاه، لا سيما أنّ هذا الاقتراح سيوضع على جدول أعمال الجلسة العامة التي ستعقد بعد عاشوراء.
يشي موقف «الأستاذ» من تقريب موعد الانتخابات أنه يائس من موضوع البطاقة الممغنطة، خاصة أنّ الاتجاه يميل إلى استبدالها بتطوير بطاقة الهوية الحاليّة إلى بطاقة بيومترية تُعتمد في الانتخابات النيابية المقرّرة في أيار 2018. مما يعني أنّ الوقت المتبقي لإنجاز هذه البطاقة وبكلفتها المادية المعلن عنها قد يبدو متعذراً. ذلك أنّ هذا الصنف من البطاقات ينطوي عادة على أخطاء تستدعي التصحيح. فنسبة الأخطاء في بطاقات الهوية الراهنة تتجاوز الـ 20 في المئة، مما يستدعي وقتاً إضافياً لتصحيح الأخطاء. هذا عدا عن الاختلاف الآخر المتعلق بالتسجيل المسبق للناخبين. ذلك أنّ حركة أمل وحزب الله وحلفاءهما مع التسجيل المسبق، في حين أنّ التيار الوطني الحر مدعوماً من تيار المستقبل يرفض هذه الفكرة.
لكن هل فعلاً في استطاعة المكوّنات السياسية بمعزل عن اصطفافاتها أن تقدّم موعد الانتخابات النيابية؟
إنّ أيّ تقريب للموعد، يستدعي أن تجري الانتخابات في أشهر تتراوح بين 12 و1 و2. إذ لا يعقل أن تتمكّن الأجهزة المعنية من إجراء الانتخابات في شهري 10 أو 11. فهناك صعوبة في طبع اللوائح المقفلة بأسماء المرشحين، ومكننة العملية الانتخابية وتدريب الهيئات المعنية بالإشراف على سير الانتخابات (موظفي ومراقبي هيئة الإشراف وموظفي أقلام الاقتراع ) وإنشاء النظام الالكتروني لعدّ الأصوات وإصدار النتائج. بيد أنّ الأشهر الثلاثة (كانون الاول، كانون الثاني، شباط) هي أشهر الشتاء في لبنان التي تشهد أمطاراً غزيرة وعواصف ثلجية وإقفال طرقات في المناطق الجبلية بقاعاً، جنوباً وشمالاً.
وعليه، فإنّ ما سبق من عوامل يجعل إجراء الانتخابات متعذراً في هذه الأشهر. وبالتالي فإنّ تقديم الانتخابات من شهر أيار إلى شهري نيسان أو آذار مسألة غير ذات فائدة حاسمة، ولا تغيّر نوعياً في واقع الفترة المتبقية من عمر البرلمان.
يبقى، أنّ المشهد الأكثر سوداوية يتمثل في مخاوف البعض من أن يكون هذا النقاش الضاري حول البطاقة الانتخابية مدخلاً من قبل البعض لتعطيل قانون الانتخاب نفسه أو للدفع باتجاه تأجيل جديد. حيث إنّ بعض الأوساط السياسية تتهامس حول عدم جهوزية تيار المستقبل لإجراء الانتخابات النيابية. لكن أوساطاً أخرى تجزم بعدم قدرة أيّ فريق مهما يكن حجم تأثيره السياسي، على تأجيل الانتخابات أو التراجع عن القانون الانتخابي.
لذلك فإنّ الانتخابات على الأرجح ستجري في موعدها من دون تقصير للمهلة ومن دون تغيير في القانون.