استفتاء كردستان.. 80 نسبة المشاركة.. ونتنياهو يعتبره ذخراً استراتيجياً لكيانه الاستيطاني
أدلى كلّ من رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني ونائب رئيس حكومة الإقليم قباد طالباني بصوتيهما في استفتاء تاريخي على انفصال الإقليم عن العراق.
وقال قباد طالباني، نجل الرئيس العراقي السابق جلال طالباني، في تصريح صحافي في مركز الاقتراع بالسليمانيّة: «ندعو المجتمع الدولي إلى سماع صوتنا، والحكومة العراقية إلى الدخول في الحوار مع الإقليم».
وكانت صناديق الاستفتاء في الإقليم قد أُغلقت مساء أمس بعد تمديده لساعة إضافيّة.
وأعلنت المفوّضية العليا المستقلّة لانتخابات واستفتاء كردستان العراق، أنّ نسبة المشاركة في عملية التصويت بعد إغلاق الصناديق تجاوزت 80 في المئة. وكانت المفوّضية مدّدت الاقتراع لساعة إضافيّة واحدة، وذلك بسبب الإقبال الواسع للناخبين.
وأشار مسؤول من المفوّضية، في حديث لوكالة «نوفوستي» الروسية، إلى عدم تسجيل أيّة انتهاكات في عمليّة التصويت.
وأوضحت المفوّضية، أنّ حق التصويت في الاستفتاء على استقلال كردستان العراق يمتلكه حوالى 5.2 ملايين ناخب، مشيرةً إلى أنّ 6846 مركزاً للاقتراع تمّ فتحها للمشاركين، فيما جرى تشكيل 1737 لجنة انتخابيّة لمراقبة التصويت.
وفرضت السلطات الأمنيّة في محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد أربيل، والتي شارك قسم من سكّانها أمس في استفتاء الاستقلال عن العراق، حظراً للتجوال ليلاً بعد انتهاء الاستفتاء.
وسبق أن أعلنت قيادة شرطة محافظة كركوك عن فرض حظر التجوال على السيارات داخل المحافظة إلى إشعار آخر.
وكان محافظ كركوك، نجم الدين كريم، دعا بعد الإدلاء بصوته في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق أمس، إلى فتح صفحة جديدة للحوار، «لأنّنا سنكون بمرحلة جديدة لتحديد ورسم مستقبل أفضل لكركوك»، مؤكّداً أنّ الثلاثاء يوم عمل رسمي في جميع الدوائر الحكومية.
البيشمركة تشكر نتنياهو
إلى ذلك، أعلن قائد قوّات البيشمركة الكرديّة الجنرال سيروان البرزاني، أنّ كردستان العراق لم تتلقَّ مساعدة عسكرية من «إسرائيل»، مؤكّداً أنّ «تلّ أبيب» تقدّم دعماً سياسياً لأربيل.
وقال البرزاني في حديث أدلى به لوكالة «نوفوستي»: «نمرّ الآن بحالة معقّدة للغاية، إذ نشاهد اليوم المرحلة الانتقالية في تاريخ الأكراد. ولن ننسى أولئك الذين قدّموا لنا دعماً جدّياً، ومن بينهم «إسرائيل». لا حدود لنا مع هذه الدولة ولا مجال جوياً مشتركاً، لذلك لا تصل أيّة مساعدة عسكريّة منها، إلّا أنّ هناك دعماً سياسياً ومعنوياً. ونحن ممتنّون لرئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو على هذه المساعدة».
يُذكر أنّ «إسرائيل» الدولة الوحيدة في العالم التي تدعم إجراء الاستفتاء على استقلال كردستان العراق. وتداولت تقارير صحافيّة وإخبارية مختلفة، معلومات تشير إلى أنّ «تلّ أبيب» تقدّم دعماً عسكرياً لأربيل.
وكان موقع القناة الثانية «الإسرائيليّة» قد كشف أنّ نتنياهو أبلغ قبل شهر أعضاء كونغرس أميركيّين، أنّ ثمّة سبب وجيه له ولـ»إسرائيل» كي يؤيّدوا الكرد، لكونهم حلفاء وموجودين في منطقة بين العراق وتركيا وسورية وإيران، بما يعدّ ذخراً استراتيجياً لكيانه، بحسب تعبيره.
ولا يقتصر الدعم «الإسرائيلي» لاستفتاء إقليم كردستان على نتنياهو، فقد أمل الوزير «الإسرائيلي» السابق غدعون ساعر أبرز منافسي نتنياهو على زعامة الليكود، في أن تعترف «إسرائيل» بكردستان العراق.
ردود فعل محلّية وإقليميّة ودوليّة
وفور انتهاء التصويت في استفتاء إقليم كردستان، أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن بدء مناورات عسكرية واسعة تنفّذها القوّات العسكريّة للعراق وتركيا على الحدود المشتركة بين البلدين.
وقالت الوزارة، في بيان صدر عنها بهذا الصدد أمس، إنّ «رئيس أركان الجيش، الفريق أول ركن عثمان الغانمي، أعلن عن بدء مناورات عسكريّة واسعة عراقيّة تركيّة على الحدود المشتركة بين البلدين».
وكانت الحكومة العراقية بدأت تنفيذ قرارات المجلس الوزاري للأمن الوطني بخصوص استفتاء إقليم كردستان فور إقرارها، أول أمس الأحد.
وقال المصدر الحكومي العراقي الرسمي: «تمّ التنسيق مع دول معيّنة لإيقاف التعاون مع الإقليم بخصوص المنافذ الحدودية والمطارات وتصدير النفط، وأبلغنا تلك الدول بعدم التعامل إلّا من خلال الحكومة الاتحادية».
وفي ردود الفعل الإقليمية والدولية، أجرى الرئيسان الإيراني الشيخ حسن روحاني والروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً أمس، أكّدا خلاله على وحدة واستقرار وأمن العراق، كما أكّدا على المضيّ قُدُماً في محاربة الإرهاب.
وأشار الرئيسان إلى أنّه على الجميع أن يعرف أنّ شرعيّته تكون في إطار الدستور العراقي.
بدوره، قال مستشار المرشد الإيراني في الشؤون العسكريّة اللواء يحيى رحيم صفوي، إنّ الدول الأربع المحاذية لإقليم كردستان ستغلق حدودها مع الإقليم، واصفاً انفصال واستقلال كردستان بالمؤامرة الأميركية «الإسرائيلية».
واعتبر صفوي، أنّ «مؤامرة استقلال كردستان العراق» تأتي بعد هزيمة تنظيم «داعش» في سورية وفي العراق.
وكان روحاني بحث أول أمس، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مكالمة هاتفية، قضية إجراء إقليم كردستان لاستفتاء حول الانفصال عن العراق.
وفي السياق المحلّي، أصدر البرلمان العراقي قراراً يلزم رئيس الوزراء بنشر قوّات في كلّ المناطق المشتركة مع الكرد.
ودعا الادّعاء العام العراقي بإبعاد وملاحقة جميع الموظّفين والمسؤولين الحكوميّين من الكرد، الذين شاركوا ودعموا الاستفتاء، وصوّت على إجراءات عقابيّة ضدّ إقليم كردستان، طالت قطاع النفط والشركات المتعاملة به.
ووفقاً لمصدر حكومي، فإنّ «البرلمان صوّت أيضاً على دعوة الحكومة العراقيّة المركزيّة لإعادة حقول النفط في المناطق المتنازع عليها، بحيث تبقى تحت إشراف وسيطرة وزارة النفط العراقية».
تحرّكات أمنيّة لحماية كركوك
وفي وقتٍ وجّه فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بتولّي الأجهزة الأمنيّة حماية المواطنين من التهديد والإجبار الذي يتعرّضون له في إقليم كردستان، طالبت الحكومة العراقيّة الإقليم بتسليم جميع المنافذ الحدودية، من ضمنها المطارات، إلى سلطة الحكومة الاتحادية.
من جهته، قال القيادي في منظّمة بدر، كريم النوري، إنّ «الوجهة ستكون كركوك والمناطق المتنازع عليها المحتلّة من قِبل عصابات مسلّحة».
من جهته، طالب زعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر، أن تكون القوّات الأمنيّة العراقية في حالة تأهّب، ودعا الحكومة إلى السيطرة على المنافذ وحماية حدود البلاد، على خلفيّة استفتاء إقليم كردستان العراق.
وأكّد الصدر في بيان صادر عنه، أنّ «الأخوة الأكراد قد يرون أنّ تحقيق أمنيتهم بدولة كرديّة فيه الكثير من الفوائد لهم، وعلى الرغم من أنّنا نحترم كلّ أمنياتهم، إلّا أنّ الأماني لا تتحقّق ولا تُبنى على مصالح الآخرين، بل وأنّ الأماني المجرّدة من الحكمة والحنكة والتعقّل قد تجرّ صاحبها إلى الهلاك».
صنبور النفط التركي
من جهةٍ أخرى، لوّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإغلاق خط أنابيب نقل نفط إقليم كردستان العراق، المار عبر تركيا، إلى الخارج، وذلك ردّاً على إصرار قادة الإقليم على إجراء الاستفتاء حول الاستقلال.
وقال أردوغان في كلمة خلال مشاركته في مؤتمر دولي بإسطنبول: «فلنرَ بعد اليوم لمن سيبيع الإقليم الكردي في العراق النفط؟ الصنبور لدينا، وعندما نغلقه ينتهي الأمر».
واعتبر أردوغان الاستفتاء على الانفصال عن العراق، قراراً غير مشروع، وفي حكم الملغي، من دون النظر إلى نتائجه. واصفاً إيّاه بـ«قرار تفوح منه رائحة الانتهازيّة».
هذا، ودعت الخارجية التركية مواطنيها إلى مغادرة إقليم كردستان العراق.
وفي بيانٍ للوزارة، قالت إنَ انقرة سوف تتّخذ كلّ الإجراءات إذا أدّى استفتاء إقليم كردستان العراق إلى تهديدات للأمن القومي التركي، وأضافت أنّها لا تعترف بالاستفتاء وستعدّ نتيجته باطلة.
من جهتها، قالت وزارة الخارجية التركية إنّ أنقرة ستتّخذ «كل الإجراءات» بموجب القانون الدولي إذا أسفر استفتاء إقليم كردستان العراق على الاستقلال.
وفي السياق، أكّدت الرئيسة المشتركة لما يسمّى «المجلس التأسيسي للفدرالية الديمقراطية في شمال سورية» هدية يوسف، أنّ أكراد سورية مستعدّون لمساندة إقليم كردستان العراق في حال تعرّضه لأيّ هجوم أو حصار.
وأعلنت السياسيّة الكرديّة السوريّة في تغريدة منشورة على حسابها في «تويتر» عن فتح جميع المعابر الحدوديّة مع الإقليم، وذلك في وقت تتحدّث فيه وسائل الإعلام عن عزم حكومة بغداد وإيران وتركيا فرض حصار برّي على إقليم كردستان العراق على خلفيّة الاستفتاء على استقلاله.