على ماذا استند البرزاني؟
حميدي العبدالله
يتساءل كثيرون عن الأسباب التي دفعت رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني إلى تحدّي العالم بأجمعه، ولا سيما دول الجوار، والمضيّ في خيار الاستفتاء الذي سيقود حكماً إلى استقلال إقليم كردستان العراق بشكل كامل.
قد تكون الأسباب واضحة، وتكمن في أزمة رئيس الإقليم الذي رفضت المكونات الكردية في الإقليم السماح له بالترشح لولاية ثالثة، إضافة إلى الاتهامات الموجهة له ولعائلته بالاستيلاء على ثروة الإقليم، وهو الأمر الذي ألمح إليه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، فالبرزاني يراهن من خلال استقلال الإقليم على استنهاض العصبية القومية، ودفع غالبية الأكراد للالتفاف حوله، وتعويم شعبيته من جديد ومحاصرة خصومه، وربما هذا ما تحقق، إذ أنّ جميع المكونات الحزبية التي أشهرت معارضتها ضدّ رئيس الإقليم وافقت على السير في خيار الاستفتاء خوفاً من تراجع مستوى التأييد الشعبي لها.
لكن الجميع يدرك أنّ قرار الاستقلال هروب إلى الأمام، ويثير مشاكل أكثر بكثير من المشاكل التي يحلها هذا الاستقلال، ومن أهمّ هذه المشاكل احتمال محاصرة الإقليم وعزله دولياً، حيث لا يتمتع سكانه لا بجواز سفر معترف به دولياً، ولا منافذ جوية أو برية أو بحرية إلى الخارج.
لكن رغم كلّ هذه التحديات التي يثيرها إعلان الاستقلال من طرف واحد، إلا أنّ مسعود البرزاني أصرّ على المضيّ به، وعندما سُئل عن المعارضة الدولية والإقليمية، أجاب بأنّ الجميع سوف يعترف بالأمر الواقع، فعلى ماذا يراهن البرزاني؟
رهان البرزاني ليس على تل أبيب، كما يعتقد كثيرون، ذلك أنّ الكيان الصهيوني غير قادر على تقديم أيّ عون أو دعم إذا أحكم الحصار على «الدولة الوليدة».
رهان البرزاني معقود أولاً على الولايات المتحدة، وثانياً على تركيا. هو يعتقد أنّ الولايات المتحدة ضمناً تدعم خيار الاستفتاء لا سيما بعد القضاء على داعش، لأنّ احتمال طلب الحكومة العراقية، تحت الضغط الشعبي، سحب القوات الأميركية من العراق التي جاءت بذريعة تقديم المساعدة للقضاء على داعش هو احتمال كبير، فما عسى أن تفعل واشنطن إذا حصل ذلك؟ يجب أن يكون لديها بدائل وإقليم كردستان هو البديل. وفي قناعة البرزاني لا يمكن إغلاق الأجواء الجوية في وجه الولايات المتحدة التي ستؤمّن اتصال الإقليم جواً بالخارج بدعم أميركي.
مسعود البرزاني يراهن على أنّ المصالح المتكوّنة للفريق التركي الحاكم مع إقليم كردستان سوف تدفعه إلى عدم إغلاق الحدود، والاكتفاء بالبيانات الفارغة لتهدئة خواطر القوميين في تركيا، ولكن أنقرة حزب العدالة والتنمية لن تفعل أكثر من ذلك.
هذا ما استند عليه برزاني للذهاب في خيار الانفصال للنهاية.