الإضراب يدخل يومه الخامس والمطار ينضمّ الاثنين مجلس الوزراء تابع البحث في الحلول والقرار اليوم

لم يصعد الدخان الأبيض أمس من قصر بعبدا مبشّراً بانتهاء «أزمة السلسلة» بعد تعليق قانون الضرائب تمويلها، وأُرجئ القرار مجدّداً إلى اليوم خلال جلسة رابعة لمجلس الوزراء في السّراي الحكومي. في وقتٍ دعا الاتحاد العمالي وهيئة التنسيق النقابيّة إلى مواصلة الإضراب العام بانتظار ما ستتمخّض عنه الجلسة الحكوميّة.

وكان مجلس الوزراء التأم قبل ظهر أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء الذين غاب منهم الوزير بيار أبو عاصي لوجوده خارج لبنان، واستكمل البحث في مصير السلسلة في ضوء إبطال المجلس الدستوريّ لقانون الإيرادات الضريبيّة، لاتّخاذ القرار المناسب.

في بداية الجلسة، عرض الرئيس عون لزيارتَيه إلى الأمم المتحدة وفرنسا. ثمّ

تحدّث عن المواقف التي صدرت بعد قرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الضرائبي، فأشار إلى «أنّ بعض هذه المواقف خرج عن المألوف»، لافتاً إلى «أنّه سبق له أن شدّد على ضرورة إقرار الموازنة قبل قانونَيْ سلسلة الرتب والرواتب والضرائب»، داعياً إلى معالجة للوضع الذي نشأ بعد قرار المجلس الدستوريّ ترتكز على القوانين والأنظمة المرعيّة الإجراء، لافتاً «إلى ضرورة تحمّل الجميع مسؤوليّاتهم حيال هذه المواضيع الدقيقة، وعدم إدخالها في سوق المزايدات وتوزيع الاتّهامات لاعتبارات مختلفة». وأشار إلى أنّ مجلس الوزراء مدعوّ إلى مناقشة الواقع الذي استجدّ بعد قرار المجلس الدستوري واتّخاذ القرار المناسب في شأنه.

ثمّ تحدّث الحريري عن قانون السلسلة والقانون الضرائبيّ ومواقف الأفرقاء السياسيّين التي أدّت إلى إقرارهما، مشيراً إلى القرار الذي صدر عن المجلس الدستوريّ بإبطال القانون الضريبي والنقاش الذي دار حول عمل المجلس الدستوري وصلاحيّاته في تفسير الدستور. وشدّد الرئيس الحريري على حقّ مجلس النوّاب في إقرار أيّ قانون يريده، بما في ذلك إقرار ضرائب أو إلغاؤها، لافتاً إلى أنّ النقاش الذي دار في جلستَيْ مجلس الوزراء بداية الأسبوع وفي الحلقات السياسيّة، تمحور حول إمّا تضمين قانون الضرائب ضمن الموازنة الجديدة ومعالجة مسألة قطع الحساب المنصوص عنها في المادة 87 من الدستور، وإمّا الاتفاق على مشروع قانون جديد يتضمّن النقاط الضرائبيّة مع الأخذ في الاعتبار بعض ما ورد في قرار المجلس الدستوري من ملاحظات. وأضاف الحريري: «علينا أن نفتّش عن حلول إذا لم يكن هناك اتّفاق على أحد الاقتراحين»، لافتاً إلى أنّه اجتمع مع وزير المال علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتمّ درس الآثار الماليّة المترتّبة عن السلسلة، وكان توافق على ضرورة اعتماد حلول تحافظ على الاستقرار المالي وعلى القدرة الاقتصاديّة للبلاد.

وأعلن وزير الإعلام في ختام الجلسة، أنّه تقرّر بالإجماع اعتماد إجراءات قانونيّة لمعالجة موضوع السلسلة والقانون الضرائبي، سيتمّ إنجازها في جلسة تُعقد اليوم في السّراي الحكومي عند الساعة العاشرة صباحاً، مشيراً إلى أنّ «الجو إيجابي جداً».

وسبقت الجلسة خلوة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، تمّ في خلالها عرض المستجدّات والأوضاع العامّة. في الموازاة، كانت مشاورات تدور بين خليل والوزراء نهاد المشنوق ومحمد فنيش ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري والمدير العام لرئاسة الجمهورية، أمام قاعة مجلس الوزراء، في انتظار عقد الجلسة.

وتحدّث عدد من الوزراء قبل انعقاد الجلسة، فأعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي وزير الدولة لشؤون مجلس النوّاب علي قانصو، أنّه «ليس موافقاً على قول المجلس الدستوريّ بربط موضوع المداخيل والضرائب بالموازنة، وأنا أؤيّد صرف الرواتب على أساس السلسلة، وبعد أسبوعين نكون درسنا جدول الضرائب والمداخيل بتعديل بعض الأمور مثل المواد 11 و17».

واعتبر الوزير حاصباني، أنّ «دورنا ليس الحكم بين مجلس النوّاب والمجلس الدستوري، ولكن ضرورة تأمين السلسلة وتمويلها، لأنّها حق من تاريخ نشرها ومن واجبنا أن نجد أفضل وأسرع طريقة لذلك، والذهاب نحو إقرار الموازنة بأسرع وقت ممكن. ومسألة تعليق المادة 87 من الدستور هي حالياً من صلاحيات رئيس الجمهورية، كون المجلس النيابي في عقد استثنائي، ونحن في مجلس الوزراء نقرّر التعديلات على قانون الضرائب ونرسلها إلى مجلس النوّاب الذي من مهمّته وصلاحيّاته أن يشرّع القانون المعدّل، وأن يضمّ أرقامه إلى الموازنة». وأوضح خليل، أنّ «ليس من السهل تعليق مواد من الدستور، وإذا كانت مخالفة في قطع الحساب فليست أهمّ من مخالفة عدم إقرار الموازنة، وقمنا بتبرير لقطع حساب العام 2015، والأهم تأمين السلسلة ودفع الرواتب على أساس الجداول الجديدة».

وأكّد وزير الأشغال العامّة والنقل يوسف فنيانوس، أنّ «حق رئيس الجمهورية أن يطلب تعليق المادة 87 ولكن على مجلس النوّاب الموافقة على ذلك، ودفع السلسلة من دون تأمين مواردها عمل مؤذٍ بحقّ البلد، وكلّنا متوافقون على أنّ المجلس الدستوري تخطّى صلاحيّته بإدراج التشريع الضريبي ضمن الموازنة».

وقال وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، إنّ الأجواء تنحو إلى الإيجابيّة. وشدّد وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسبيان، على دفع الرواتب على أساس السلسلة الجديدة أيّاً كان الحلّ. وأشار وزير المهجّرين طلال أرسلان، إلى «أنّ أولويّتنا دفع السلسلة وقطع الحساب وقانون الضرائب، وسياسة لحس المبرد لا تحلّ شيئاً، وكذلك ترك كلّ شيء عالقاً، وهذا الوضع لا يمشي وكلّنا مع السلسلة، وسنستمع إلى تقريرَيْ وزيرَيْ المال والعدل في خلال الجلسة».

اعتصام

وبالتزامن مع الجلسة، نفّذت هيئة التنسيق النقابيّة اعتصاماً حاشداً عند المدخل المؤدّي إلى القصر الجمهوري، بعد أن رفضت الاعتصام في المكان الذي حدّدته القوى الأمنيّة، ما أدّى إلى قطع الطريق وحصول احتجاجات وسط إعلان المعتصمين أنّهم «أتوا إلى بيت الشعب» للمطالبة بحقوقهم.

وانضمّ رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر، وأدلى بتصريح قال فيه: «الأمور تتّجه نحو الإيجابيّة».

أضاف: «رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي عمد إلى صرف رواتب موظّفي مجلس النوّاب على أساس السلسلة الجديدة، كما أنّ جداول رواتب الجيش والقوى الأمنيّة قد حُوّلت إلى مصرف لبنان على أساس السلسلة».

وكان أساتذة من القطاعين العام والخاص وموظّفون في الإدارات العامّة توافدوا من كلّ المناطق قبل الظهر للمشاركة في الاعتصام المركزي على وقع الأغاني الثوريّة، وسط انتشار كثيف للقوى الأمنيّة.

وأُلقيت كلمات في الاعتصام، أكّدت الإضراب المفتوح في حال لم يتمّ قبض الرواتب بحسب السلسلة الجديدة، وأعلنت توقيف الرحلات مدّة ساعتين يوم الاثنين المُقبل في مطار بيروت.

وألقى عدنان برجي كلمة عن أساتذة التعليم الأساسي، دعا فيها مجلس الوزراء إلى إعلان دفع الرواتب وإعطاء إذن لوزير المالية بدفع هذه الرواتب من دون أيّ تأخير.

وقال: «ما زلنا في بداية الطريق بالنسبة لتحرّكنا، وإلّا خطوات التصعيد ستتلاحق. ونوّكد أنّ مطار بيروت سيتوقّف نهار الاثنين لمدة ساعتين، وهذه ستكون بداية، وسيتوقّف المرفأ ووزارة المال والضمان والتعاونيّة وكلّ إدارات الدولة، لذلك فإنّ دفع السلسلة هو أقصر الطرق على الدولة اللبنانيّة وعلى المواطن».

ثمّ ألقى إبراهيم نحّال كلمة موظّفي الإدارة العامّة، قال فيها: «نعود اليوم نحن نواة السلطة التنفيذيّة وبيدنا مفتاح نجاحها وفشلها، نعود مجبرين إلى ساحة النضال التي جمعتنا منذ سنوات مطالبين برواتب تحفظ لنا حدّاً أدنى من العيش الكريم فأثمر نضالنا القانون رقم 46، ونقولها بحقّ: «رضينا بالهم والهم ما رضي فينا».

أضاف: «نعود اليوم إلى هذه الساحة، وبعد أن تجسّد نضالنا بقانون نافذ يكرّسه الدستور، نعود لا لنطالب ونستعطي حقاً طال انتظاره، بل لنقف سدّاً منيعاً في وجه كلّ المحاولات لانتزاع حقوقنا المكرّسة والمقدّسة وإقرار تنفيذ القانون».

أضاف: «لحيتان المال وأصحاب المصارف ومغتصبي الأملاك البحريّة والنهريّة والمضاربين العقاريّين نقول: لقد حان وقت الدفع، فأرباحكم الهائلة مطعون بها».

وأشار رئيس رابطة التعليم الثانوي نزيه جباوي في كلمة له، إلى أنّ «مبلغ 110 مليارات ليرة كلفة الرواتب الشهريّة يمكن تأمينها كسلفة خزينة من الرصيد الإيجابي للمالية في مصرف لبنان، وقد حدّده أحد خبراء الاقتصاد بـ8800 مليار ليرة إذا كانت هناك نيّة لحلّ الأمر بسرعة وإقرار الموازنة العامّة بعد تعديل قانون الضرائب وضمّه إلى بنودها».

وبعد الظهر، عقدت هيئة التنسيق اجتماعاً في مقرّ رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، وأعلنت في بيان الاستمرار بالإضراب العام والشامل في المدارس والثانويّات والمهنيات الرسميّة، وفي الإدارات العامّة والمصالح المستقلّة والبلديات اليوم الجمعة، وعقد اجتماع عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء المقرَّرة اليوم عند الساعة العاشرة صباحاً من أجل اتّخاذ الموقف المناسب في ضوء مقرّرات جلسة مجلس الوزراء.

بدوره، أعلن الاتحاد العمالي العام في بيان، أنّه «بعد الذي حصل في مجلس الوزراء اليوم أمس ، وبعد المداولات والقرارات التي لم يعلن عنها شيء، وبما أنّ غياب القرار الحكومي عن الأمر المهم هو هروب للأمام، وخوفاً من الالتفاف مجدّداً على القوانين المرعيّة الإجراء، وحيث أنّ الوعود لا تُغني ولا تسمن من جوع، فإنّه يدعو الحكومة إلى:

1 – اتّخاذ القرار اللازم لإنهاء هذا الجدل المعيب بحقّ دولة المؤسّسات والقانون عبر قرار بتحويل رواتب الموظفين على أساس الجداول الجديدة، عملاً بقانون سلسلة الرتب والرواتب رقم 46.

2 – عدم اتّخاذ أيّ قرار في جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها لإقرار ضرائب على ذوي الدخل المحدود، لا سيّما رفع الضريبة على القيمة المضافة».

كما دعا العمال والمستخدمين، إلى الاستمرار في الإضراب اليوم وتعليق العمل في المؤسسات العامّة والمصالح المستقلّة والبلديات والمستشفيات الحكومية على كافّة الأراضي اللبنانية.

وكانت الهيئات والقطاعات والمصالح والبلديات أقامت تجمّعاً في مقرّ الاتحاد العمالي، ألقى خلاله الأسمر كلمة، ناشد فيها الرئيس عون «الطلب إلى الحكومة تنفيذ قانون السلسلة»، مشيراً، إلى أنّ «الحكومة يجب أن تكون مثالاً يُقتدى في احترام القانون، ولا يجوز أن تستعمل الحجج الواهية للمماطلة والالتفاف عليها والافتئات على حقوق الناس».

وقال: «إنّ الاتحاد العمالي العام إذ يجتمع اليوم مع قاعدته العماليّة، فإنّه ينادي بأعلى الصوت مطالباً بتطبيق القانون، قانون سلسلة الرتب والرواتب رقم 46/2017 الذي أقرّه مجلس النوّاب ووقّعه فخامة رئيس الجمهورية وأصدره ونشره في الجريدة الرسميّة بتاريخ 21/8/2017. إنّ هذا القانون نافذ منذ ذاك التاريخ، تاريخ نشره وواجب التطبيق فوراً».

إلى ذلك، أعلنت إدارة المهن الحرّة والعمل النقابي في حركة «الناصريّين المستقلّين – المرابطون» في بيان، أنّها أجرت اتصالاً مع الأسمر، أثنت فيه «على الخطوات الوطنيّة التي يدعو لها الاتحاد لجهة تحصيل الحقوق المتمثّلة بالمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب، ومعتبرةً أنّ هذة الخطوات يجب التمسّك بها من أجل إعطاء الحقوق القانونيّة التي تُعتبر جزءاً لا يتجزّأ من المحافظة على الاستقرار الوطني والاجتماعي».

وأشار البيان إلى أنّ «الأسمر أكّد استكمال الخطوات التي من شأنها أن تؤدّي إلى تحقيق النتائج التي يطالب بها الجميع، لأنّها حقوق وطنية». وشدّد على أنّ الاتحاد العمالي هو الخيمة التي تظلّل عمل النقابات، مؤكّداً على «ضرورة تطبيق المادة 46 المنفصلة عن قانون الضرائب الذي أبطله المجلس الدستوري».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى