المسألة الكردية

يكتبها الياس عشّي

المسألة الكردية التي بدأت ترخي بظلالها على العالم العربي، لا يقتصر ضررها على إقامة كيان عرقي آخر إلى جانب الكيان الصهيوني، وإنما الضرر الأهمّ برز في التحالف المنوي إقامته بين الكيانين اليهودي والكردي، وكلاهما عشائريان وإنْ بلباس مختلف.

وعلى المدى المنظور، وليس بالبعيد، سنرى الكثير من الإتنيات، والمذاهب، تنفتح شهيتها لإقامة كانتونات لها هنا وهناك وهنالك، وسنرى «إسرائيل» المتحمّسة دائماً لهذه المشاريع تبارك هذا التفتيت، تماماً كما فعلت في السودان يوم أُعطي جنوبه استقلاله، وكما فعلت أمس عندما رُفعت الأعلام الإسرائيلية إلى جانب الأعلام الكردية. ولمَ لا طالما أنّ من أهدافها الرئيسة إقامة كانتونات طائفية وعرقية هزيلة تكون هي الأقوى بينها؟

باختصار.. بالأمس ولدت دولة أخرى مناهضة للمشروع القومي الذي يرفض المساومة على فلسطين، أو على أيّ مشروع يعمل لتجزئة وتفتيت أمتنا، وستكون أكثر خطورة من الدولة اليهودية، ما لم نتخلَّ عن الأسلوب الذي اعتمدناه خلال سبعين عاماً من احتلال فلسطين، وهو أسلوب قام على الخطابة والتنظير واللفّ والدوران. ويوم برزت المقاومة الوطنية غيّرت كلّ شيء، وبدأ العدّ العكسي للخطة المعاكسة التي تحدث عنها سعاده.

ومن يقرأ «نشوء الأمم» لأنطون سعاده يكتشف أنّ نظريته القومية التي أذابت كلّ الحضارات التي عرفتها سورية الطبيعية خلال سبعة قرون في بوتقة واحدة هي الشعور بالإنتماء، يكتشف أنه لو طبّقت هذه النظرية لما فكّر أحد بكيانات هزيلة لا ضرعَ فيها ولا لبن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى