هجوم إسرائيلي من كردستان والمقاومة تردّ في باب المندب…!
محمد صادق الحسيني
قامت المجموعة الدولية لتحليل الأزمات بإجراء تقييم شامل لموضوع التمرّد الذي يقوده حرس الحدود «الإسرائيلي» مسعود البرزاني ضدّ الدولة العراقية المركزية في شمال العراق. وقد توصلت المجموعة الى النتائج التالية:
اولاً: إنّ تسمية تلك المنطقة بكردستان هو خطأ سياسي وتاريخي وجغرافي وسكاني بالأساس، أيّ يبطن في داخله تواطؤ ديموغرافي، وذلك لأنّ سكان تلك المحافظات العراقية الشمالية ليسوا من الكرد فقط، وإنما هناك الكثيرون من العرب والتركمان والأشوريين والأيزيديين والكلدانيين وغيرهم، والذين يقطنون هذه المناطق قبل بدء موجات الهجرة الكردية إليها. تلك الموجات التي قدمت إلى هذه المناطق من حوض الفولغا في جنوب روسيا.
ثانياً: إنّ هذه المناطق قد تعرّضت لحملات تطهير عرقي واسعة منذ لحظة بدء الاحتلال الأميركي للعراق في نيسان عام 2003، وقد تمّ الشروع في هذه الحملات المنظّمة بواسطة مجموعة كبيرة من ضباط الموساد تحت قيادة الجنرال داني ياتوم، بالإضافة إلى عشرات الضباط الإسرائيليين في الاحتياط، حيث تمّ تركيز الحملة في مناطق
الموصل وأربيل والحمدانية وتل أسقف وقراقوش وعقرا. وكان هدف تلك الحملات، التي تمّ تنفيذها بالتعاون مع «سي أي آي» ورجالات حزبي البرزاني والطالباني، إذ كان هدف تلك الحملات تهجير أهل تلك المناطق الأصليين عن ديارهم تمهيداً لإحلال مستوطنين صهاينة من أصول كردية مكانهم أو استيطانها من قبل جماعات البرزاني والطالباني خدمة لأهداف المحتلّ الصهيوأميركي.
ثالثاً: أيّ أنّ مخطط سلخ محافظات العراق الشمالية ليس بالمخطط الجديد، وإنما هو جزء من الخطط الاستعمارية والصهيونية الهادفة إلى تفتيت الدول العربية كلّها، حيث إنّ العنصر الجديد في ذلك هو التوقيت وجوهر المشروع الانفصالي الذي يقوده البرزاني وطبيعته.
فمن الملاحظ أنّ طرح موضوع الاستفتاء المؤامرة قد بدأ بعد سلسلة الانتصارات الهامة التي أحرزتها قوات حلف المقاومة خلال حلقات هجومها الاستراتيجي الذي لا تزال تنفذه حتى اليوم بهدف القضاء على العصابات المسلحة من داعش إلى النصرة إلى غيرهما، والتي هي صنو العصابات المسلحة الكردية التي يتزعّمها المتمرّد مسعود البرزاني.
أيّ أنّ الولايات المتحدة و«إسرائيل» قد قرّرتا استخدام الورقة الكردية في محاولة منها لشنّ هجوم مضادّ، رداً على الهجوم الاستراتيجي لقوات حلف المقاومة، وذلك في محاولة لاسترداد زمام المبادرة الميدانية، بخاصة في الشرق السوري الذي يخطط الحلف الصهيوأميركي لضمّه إلى محافظات شمال العراق التي تتعرّض للمؤامرة بهدف إقامة كيان كردي يكون قاعدة للتحرك المستقبلي ضدّ العمود الفقري لحلف المقاومة، أيّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ولكننا نرى أنّ هذه المحاولة، لإقامة كيان كردي عميل واسترداد زمام المبادرة، سيكون مصيرها مصير المبادرة نفسها التي قامت بها القوات النازية في شهر شباط 1943 على جبهة خاركوف وقوس كورسك في أوكرانيا، بعد أن كانت تعرّضت لهزيمة كبرى في ستالينغراد قبل ذلك بأشهر. فقد فشل الهجوم النازي المضادّ واضطر هتلر لإصدار أوامره لقواته بوقف الهجوم. ومن ثمّ بادرت الجيوش السوفياتية ببدء هجوم شامل على جبهة طولها ألف كيلومتر، حيث تمكّن الجيش السوفياتي من الاندفاع غرباً داخل الخطوط الألمانية لمسافة تزيد عن 250 كيلومتراً.
رابعاً: نحن نعتقد بأنّ الحرب على الدولة الوطنية السورية قد حسمت لصالح الحكومة والجيش السوري بتاريخ 18 تموز 2012 عندما فشلت قوى العدوان في إسقاط الدولة السورية والسيطرة على العاصمة دمشق، من خلال قيام طائرة بريطانية من طراز تورنادو، أقلعت من القاعدة الجوية البريطانية في اكروتيري Akrotiri بقبرص وقامت بإطلاق صاروخ جو أرض على مقرّ قيادة الأمن القومي في دمشق. ولكن امتصاص الضربة وتماسك القيادة السورية ووحدات القيادة والسيطرة فيها قد أدّى الى حسم نتيجة العدوان تماماً، كما كان صمود العاصمة السوفياتية موسكو سنة 1941 هو عنوان النصر المبكّر على النازية في الحرب العالمية الثانية.
كما أنّ آخر المحاولات اليائسة لقوى العدوان، باستعادة زمام المبادرة وإحداث صدمة بين وحدات الجيش السوري والقوى الحليفة، والتي تمّ تنفيذها مؤخراً بواسطة طائرة أميركية بدون طيار من طراز MQ 9 A Reaper، أقلعت من القاعدة الأميركية في الشدادي، حيث تمّ إطلاق صاروخ جو أرض موجه بالليزر من طراز AGM -176 Griffen باتجاه موقع كبير المستشارين الروس في جنوب مدينة دير الزور يوم 18 أيلول 2017، الجنرال فاليري اسابوف.
وكما توضح وقائع الميدان، فإنّ هذه العملية، التي نفذت قبل أسبوع واحد من بدء تنفيذ مؤامرة البرزاني في تقسيم العراق، قد فشلت أيضاً في إحداث أيّ متغيّرات على موازين القوى في الميدان السوري أو العراقي.
خامساً: كذلك فإننا نرى أنّ الخطط الأميركية «الإسرائيلية»، بالتعاون مع الأردن، والتي يجري وضع تفاصيلها العملياتية منذ أوائل شهر أيلول 2017، والرامية إلى إقامة جسر جوي أميركي، تشارك فيه الدول الأعضاء في التحالف الأميركي، ومنها الأردن، عبر قاعدتي الأزرق في الأردن وعين الأسد في العراق، نقول إنّ هذا الجسر الجوي لتزويد المحافظات العراقية الشمالية ذات الأغلبية الكردية، لن يكون بمقدوره المحافظة على أداة الاستعمار، لمسعود البرزاني من السقوط المحتوم والذي سينفذه المواطنون العراقيون الشرفاء في تلك المناطق بهدف التخلص من طاغوت مسعود البرزاني والعودة بأكراد العراق الى جذورهم الممتدّة إلى تاريخ تحرير القدس من الصليبيين، وقطع عرى الخيانة التى حاكها البرزاني مع الولايات المتحده و«إسرائيل».
سادساً: خلافاً لما كان الوضع عليه في برلين الغربية في سنتي 1948 و 1949، عندما فرض الاتحاد السوفياتي حصاراً برياً على برلين الغربية، بسبب النشاطات التخريبية التي كانت تطلقها بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ضدّ الوجود السوفياتي في شرق برلين وبقية أجزاء شرق ألمانيا التي كانت خاضعة للإدارة السوفياتية ، حيث لم يكن بإمكان الاتحاد السوفياتي منع الرحلات الجوية الأميركية بين برلين الغربية وبقية أنحاء ألمانيا الغربية بموجب اتفاقات تقسيم برلين بعد استسلام ألمانيا سنة 1945، فإنّ العراق قادر أولاً أن يطلب إخلاء القواعد الأميركية في العراق أو منع استخدام مطار أربيل، حيث القاعدة الأميركية هناك، لغير مهمات الطيران الخاصة بالقوات الأميركية العاملة في شمال العراق، على أن يتمّ نشر مراقبين عراقيين داخل القاعدة الأميركية في مطار أربيل، تماماً كما هي الحال في قاعدة «انجرليك» الأميركية في تركيا.
سابعاً: ضرورة التحرك السريع، وتحت كلّ الظروف لاستكمال تحرير أرياف دير الزور الشرقية إلى جانب قاطع الحدود في البوكمال الميادين، وذلك لأنّ الطرف الأميركي يسعى الى السيطرة على آبار النفط والغاز في منطقة دير الزور بهدف دمج ما يتمّ السيطرة عليه من المحافظة إلى الكيان المزمع تشكيله في شمال العراق بانتظار تشكيل ظروف تسمح لهم بتصدير نفط تلك المناطق إلى الخارج، سواء عبر تركيا أو غيرها من الوسائل. علماً أنّ تمويل عمليات النقل الجوي كافة إلى جانب تكاليف تأمين البضائع والأسلحة المنوي نقلها جواً الى شمال العراق سيتمّ من خلال السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد تمّ إبلاغهما من قبل الأميركيين بأنه سيتمّ اقتطاع المبالغ المطلوبة من أرصدة الدولتين السيادية المودعة في الولايات المتحدة. كما سيتمّ اعتبار السلع المدنية كافة مساعدات مقدّمة من هيئة الإغاثة الأميركية Usaid.
في المقابل، فإنّ الأنباء الواردة من اليمن تقول «أتى أمر الله فلا تستعجلوه، ثمّة ما يثلج الصدر من رائحة الإمام سيأتيكم من سبأ أو جوارها، ما يعني أنّ اليد العليا ستبقى للمقاومة.
رغم هذا الهجوم المضادّ…
إنها معركة ربع الساعة الأخير من هجوم الربيع الاستراتيجي.
بعدنا طيّبين قولوا الله…