كردستان تقترب من إعلان فشل الانفصال والبحث عن مخارج تحفظ ماء وجه البرزاني نصرالله: الحكومة باقية… والانتخابات مقبلة… وإذا وقعت الحرب فلا مكان آمناً لليهود
كتب المحرّر السياسي
عاش العالم كله ساعات الغضب الدموي في لاس فيغاس في حيرة بين فكر الجنون وجنون الفكر ومَن يقف وراء هذه الاستباحة الباردة للدماء التي حصدت خمسمئة بين قتيل وجريح، برصاص قالت الشرطة الأميركية إنه بلا خلفيات إرهابية. وقال داعش إنها عملية من عملياته، لكن يكفي بالحصيلة أنّ نموذج داعش الصاخب بالدماء صار بفكر الجنون مدرسة لمجانين الفكر يقلّدونه ويستوحون منه إثارة الصخب بدماء الناس، وأميركا التي تتلذّذ قيادتها بترف الوقت البارد في التعامل مع غليان المشهد في أوروبا والشرق تلسعها رياح الموت الأحمر علّها تتذكر ما تعلمه للبشرية عن أنّ العالم قد صار قرية صغيرة واحدة.
العبث الأميركي الذي كان وراء تشجيع لعبة الانفصال الكردي ورّط قيادة إقليم كردستان للمقامرة بخسارة مكاسب فاقت ما يمكن للانفصال تحقيقه، بعدما تمتع بكلّ ميزات الدولة الاتحادية وميزات الانفصال معاً لعقد من الزمان، بلا قطع حساب أو ترسيم حدود مالي أو أمني أو سياسي، فصدم رأسه بالجدار مستنداً لوعود الأميركيين التي ما إنْ اصطدمت بصخرة العناد الروسي لربط ملف تسويات المنطقة وفي مقدّمتها التعاون في سورية بإنجاح مسار أستانة الذي يشارك موسكو فيه كلّ من طهران وأنقرة، وقد أجمعتا على اعتبار إسقاط الانفصال الكردي شرطاً للاستقرار في المنطقة، ولا تخالفهما روسيا ذلك. فتراجعت واشنطن وتخلّت عن حليفها، يبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه، بعدما صار الفشل حتمياً بانتظار انفصال كان يفترض أن يسلك الطريق نحو الأمم المتحدة ودول الجوار وعواصم القرار بوفود تمثل الإقليم تطلب الاعتراف والدعم، والشراكة برعاية التفاوض مع حكومة بغداد. وقد جاءت الأجوبة على كلّ طلبات إيفاد ممثلين للإقليم بالرفض حتى من واشنطن وسواها من العواصم التي وعدت بدعم الانفصال.
المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في عاشوراء تصدّرت المشهدين الإقليمي والمحلي، خصوصاً ما قاله عن فرضية التلويح «الإسرائيلي» بحرب مقبلة ووهم تغيير معادلات الردع والحرب، متوجهاً لليهود بدعوتهم لمغادرة فلسطين، والضغط لمنع حماقة الحرب التي يلوّح بها نتنياهو قبل أن تقع الواقعة، وعندها لن يكون مكان آمن في فلسطين المحتلة، بينما توجه السيد نصر الله للبنانيين مطمئناً بالقضيتين الساخنتين في تساؤلات الناس، فعن الحكومة قال إنها باقية وعن الانتخابات قال إنها آتية، وفي موعدها، ووفقاً للقانون بلا تعديل.
نصر الله لليهود: عودوا إلى بلدانكم
خطفت المواقف التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ليلة العاشر وفي العاشر من محرّم الأضواء المحلية والإقليمية وحدّد في خطابين مفصليين موقف الحزب تجاه الملفات الداخلية ومن التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية، موجّهاً جملة من الرسائل في أكثر من اتجاه، كان أبرزها الى القيادة السياسية والعسكرية والجبهة الداخلية في «إسرائيل»، حيث دعا كل من جاء الى فلسطين المحتلة من اليهود الى مغادرتها والعودة الى البلدان التي جاؤوا منها، حتى لا يكونوا وقوداً لأي حرب تشنّها حكومتهم الحمقاء.
وتحدّث الأمين العام لحزب الله عن مشاريع حروب جديدة تعتزم الولايات المتحدة و»إسرائيل» شنّها في المنطقة، وخاطب «الإسرائيليين» بشكلٍ مباشر، وللمرة الأولى أجرى عملية تمييز تاريخي بين اليهود والصهاينة الذين دعاهم الى مغادرة أرض «اللبن والعسل» التي وعدوا بها، لأنهم لن يجدوا الوقت للمغادرة إذا شنّت حكومتهم حرباً جديدة.
ولم يمارس سيد المقاومة الحرب النفسية على المجتمع «الإسرائيلي» فحسب، بل أضاء على نيات جدية لدى القيادتين الأميركية و»الإسرائيلية» لخوض مغامرة حرب جديدة، ربطاً بالملف النووي الإيراني في ضوء إعادة تقييم في الادارة الاميركية الجديدة لهذا الاتفاق. وشكك السيد نصر الله بقدرة كيان العدو على القضاء على المقاومة في أي حرب مقبلة، وكشف للمستوطنين الصهاينة بأن القيادة «الإسرائيلية» لا تملك التقدير الحقيقي عما سيواجهها في المغامرة المقبلة وأن من يقرّر مصير الحرب فعلياً، ليس مَن يطلق الطلقة الأولى بل مَن يرسم نهايتها ويتحكّم بنتائجها.
وبقدر ما هو خطاب ردعي، لأي عدوان «إسرائيلي» جديد، أظهر السيد نصر الله من جهة ثانية جهوزية حقيقية لمواجهة هذا العدوان.
وفي السياق كشفت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن «معطيات متكاملة سياسية وعسكرية واستخبارية وإقليمية توافرت لدى قيادة المقاومة أشرت الى أن «إسرائيل» تحضّر لمغامرة جديدة في لبنان وسورية تحت غطاءٍ ودعم أميركيين». كما كشفت بأن قيادة المقاومة كانت ولا زالت في أتمّ الجهوزية لخوض غمار هذه الحرب والدفاع عن لبنان وشعبه وبناه التحتية»، لافتة إلى أن «المقاومة تملك الجهوزية الكاملة رغم انشغالها في جبهات وميادين القتال لاستكمال القضاء على التنظيمات الإرهابية في سورية».
الحكومة باقية ونرفض تعديل قانون الانتخاب
ورسم السيد نصر الله خريطة الطريق للمرحلة المقبلة في لبنان وحسم مصير الحكومة كحالة ربط نزاع إيجابي مع رئيسها سعد الحريري، وأنها ما زالت تملك حيوية وأسباب الاستمرار، ويمكن بقاؤها إلى اليوم الأخير من عمرها الدستوري وتتولى إجراء الانتخابات النيابية المقبلة، إذا قدر لها البقاء حتى موعد الاستحقاق الانتخابي، وحسم أيضاً بأن قانون الانتخاب الجديد هو إنجاز مهم لكل اللبنانيين رغم الثغرات التي تشوبه، لكن يُبنى عليه في المستقبل كخطوة ايجابية للولوج الى قانون يعتمد النسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، ورفض السيد نصر الله إدخال تعديلات جديدة على القانون كي لا تؤدي الى نسفه، لكنه أبقى الباب مفتوحاً لبعض التعديلات التقنية التي لا تمسّ جوهر القانون، كما رفض تأجيل الانتخابات النيابية داعياً الى إنجازها في موعدها.
ودعا القوى السياسية في لبنان الى الوعي، خصوصاً أن السعودية تدفع لبنان نحو مواجهات داخلية، وشدّد على ان حزب الله ليس في موقع ضعف ولا قلق ولا خوف، مؤكداً أن مصلحة لبنان الحقيقية هي تجنب الوصول الى مواجهة داخلية تحت اي عنوان من العناوين، خصوصاً أن هناك انهيار محاور في المنطقة، والأميركيون يبدو أنهم يحضرون لعداوات جديدة وصراعات جديدة في المنطقة.
قاعدة الإرهاب انتهت
وركّز السيد نصر الله على مسألة الأمن كعنوان يجب التنبه منه والحذر مما تُعدّه الخلايا والشبكات الإرهابية من أعمال تفجير والاستعداد الدائم والجاهزية لمواجهة هذا التحدّي الأمني الجديد بعد القضاء على الإرهاب عسكرياً، ما يفرض استنفار الجهوزية لقطع دابر أي محاولة للإرهاب للالتفاف على الإنجاز الذي حصل في تحرير الجرود. وحسم السيد بأن القاعدة الصلبة العسكرية واللوجستية والاستخبارية والتفخيخية التي ارتكز عليها تنظيما «داعش» و«النصرة» لتهديد الداخل اللبناني قد انتهت وبالتالي فقد الإرهاب أوراق قوته.
سنواجه الخروق إن عجزت الدولة
وأضاف السيد نصر الله ملفاً جديداً في اطار الصراع بين لبنان وكيان الاحتلال «الإسرائيلي» بعد الخروق «الإسرائيلية» الجديدة، وأعلن احتفاظ المقاومة بحقها في مواجهة هذه الخروق إن لم تجد الدولة الحل، رغم أنه أثنى على تعامل الدولة والرئيس ميشال عون منذ انتخابه رئيساً للجمهورية مع الاعتداءات «الإسرائيلية» واستخدام آليات جديدة أكثر جدية لمواجهة أجهزة التجسس المفخخة في قلب الجغرافيا اللبنانية، وهو فعل عدواني خطير وخرق للقرار 1701. وحذر السيد نصر الله من تداعياتها ومخاطرها خاصة، في ما لو أدت الى إزهاق أرواح لبنانية، وبالتالي ينتظر السيد نصر الله كيفية تعامل الدولة مع الأمر وفي حال عجزت، سيكون للمقاومة موقف آخر، في ما اعتبرته مصادر مطلعة «رسالة حثّ للدولة وللحكومة لإيلاء هذا الأمر الاهتمام ومعالجته دبلوماسياً وعبر الأمم المتحدة، قبل أن يتفاقم الوضع عسكرياً».
مشاريع حروب جديدة
وكقائدٍ معني في المعركة الكبرى على مستوى المنطقة وموقعه المحوري في قيادة مشروع وحلف المقاومة، فنّد السيد نصر الله المشهد الإقليمي ومشاريع الحروب والتقسيم الجديدة التي تعدّها الادارة الاميركية في المنطقة، ما يعطي للبنان أهمية أساسية ودوراً مؤثراً في التصدي ومواجهة تنظيم «داعش» وإفشال المشروع الاميركي الجديد بتقسيم المنطقة.
قرار القضاء على «داعش» اتخذ
وتعمّد السيد نصر الله الخطاب التصالحي والإيجابي مع الأكراد كمكوّن من مكونات المنطقة وبأن المشكلة ليست مع المواطنين الأكراد، بل مع قيادة كردية متصهينة تتآمر على المنطقة. وكشف السيد نصر الله بأن قرار القضاء على «داعش» قد اتخذ وأن لا تراجع مهما كلف الثمن. ودعا الى تضافر كل الجهود لاستكمال ذلك. وكشف بأن «داعش» في مراحلها الأخيرة، ودعا الى نوع من مقاربة للأبعاد الأيديولوجية لهذه الظاهرة التي شوّهت الاسلام وقدمت صورة مغايرة عنه، ودعا دول المنطقة والعالم للتفكير في مرحلة ما بعد القضاء العسكري على هذا «التنظيم» والوصول للينبوع الاساسي أي الوهابية الذي يغذي الفكر الإرهابي، وبالتالي يمكنه من خلق ظواهر جديدة مشابهة تشكل تهديداً جديداً للمنطقة.
جلسة تشريعية الأسبوع المقبل
محلياً، وفي ما انعكست «التسوية المالية» في مجلس الوزراء والتي شقت طريقها الى التنفيذ بدفع الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام على أساس قانون السلسلة الجديد، استرخاءً سياسياً وشعبياً وهدوءًا في الشارع، تتجه الانظار الى ساحة النجمة حيث من المتوقع أن يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسة تشريعية الأسبوع المقبل، وعلى رأس جدول أعمالها مناقشة مشروع القانون المعجل المكرر الذي يتضمّن التعديلات على قانون الضرائب الجديد». وقالت مصادر نيابية لـ «البناء» إن «المشروع لم يصل الى هيئة مكتب المجلس بعد، وبالتالي لا جلسة هذا الأسبوع كما لم يحدد جدول الأعمال».
وأوضحت المصادر بأن المجلس بانتظار مشروع القانون للاطلاع على مضمونه ومناقشته واتخاذ القرار بشأنه، ويتمحور النقاش برأي المصادر حول المادتين 11 و17 من قانون الضرائب الجديد أي الازدواج الضريبي الذي يطال المهن الحرة، بينما لا تعديل على الضرائب على المصارف، مرجّحة أن تُفرض ضرائب على الأملاك البحرية بدلاً من الغرامة»، ورجّحت المصادر أن «يمر التعديل في المجلس النيابي لا سيما أن مشروع القانون محال من الحكومة التي تمثل أغلب مكونات المجلس النيابي».
كما لفتت الى أن «المجلس سيبحث اقتراحات قوانين عدة مرسلة الى المجلس من قبل بعض النواب، لا سيما لحظ التعديلات على حقوق القضاة في السلسلة».
ولم تستبعد مصادر في كتلة التنمية والتحرير اللجوء الى طعن جديد في حال توفر عشرة نواب، ونقلت المصادر لـ «البناء» ارتياح الرئيس بري الى ازالة الشوائب في العلاقة مع رئيس الجمهورية واعتراف المجلس الدستوري بحق المجلس النيابي في التشريع المالي، كما ارتياحه الى التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وإنهاء الخلاف حول قانوني سلسلة الرتب والرواتب والضرائب»، داعية الى «إنجاز التعديلات في المجلس النيابي بأسرع وقت».
عون: مسيرة الإصلاح مستمرة
وشدد رئيس الجمهورية على أن التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يؤمن المصلحة الوطنية العليا ويعزز انتظام عمل المؤسسات الدستورية ويحافظ على الاستقرار السياسي في البلاد. وأبلغ الرئيس عون أعضاء وفد لجنة تنفيذ القوانين في مجلس النواب أنه تم الاتفاق خلال اللقاء الحواري الذي جمع رؤساء الأحزاب الممثلة في الحكومة في قصر بعبدا على الإسراع في إصدار المراسيم التنظيمية لعدد من القوانين التي صدرت قبل سنوات، وأنه اتفق مع رئيس الحكومة على الطلب إلى الوزراء المعنيين إعداد هذه المراسيم لعرضها على مجلس الوزراء وإقرارها.
ولفت الرئيس عون أعضاء الوفد إلى ان مسيرة الإصلاح التي انطلقت سوف تستمرّ ولن يقف في وجهها أي عائق وهي تتم على مراحل، إذ لا يمكن إنجاز كل ما هو مطلوب في المجال الإصلاحي خلال أشهر قليلة.
الادعاء على الحجيري
على صعيد ملف التحقيق في ملف عرسال وخطف وقتل العسكريين، ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر على الإرهابي علي الحجيري المعروف بـ «أبو عجينة»، في جرم الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح «داعش» وتسهيل دخول المقاتلين للمشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني في عرسال في الأعوام 2012، 2013 و2014 وتأمين الأسلحة والذخائر لهم وعقد اجتماعات مع قادة التنظيمات المسلحة وخطف مواطنين لبنانيين وأجانب وتسليمهم إلى تنظيمات إرهابية ثم إطلاق سراحهم في مقابل تقاضي فدية مالية.
جنبلاط: سورية نعم الصديق
واستغرب رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، «إجهاض احتفال النصر للجيش اللبناني بعدما حرّرنا أرضاً كانت محتلة من قبل عناصر تكفيرية».
وفي موقف لافت تجاه سورية، ربط جنبلاط الانفتاح على سورية بتغيير النظام فيها، وقال: «هناك خلاف كبير حول موضوع العدو هو إسرائيل والصديق هو سورية»، و«نعم الصديق هو سورية»، آملا «بنظام جديد او أفق جديد يعطي الشعب السوري الحرية والكرامة»، معتبراً «ان كل ذلك مرهون بالتطورات والظروف في ظل صراع الأمم الجاري اليوم على الأرض السورية».