ملك إسبانيا يدعو إلى التناغم والانسجام بين مكوّنات المجتمع
تصاعد التوتر في إسبانيا أمس، مع تعهّد رئيس كاتالونيا إعلان استقلال الإقليم خلال أيام، في تحدّ لإنذار شديد اللهجة وجّهه ملك إسبانيا محذّراً فيه من تعريض استقرار البلاد للخطر.
ووضعت المحاكم الإسبانية قادة الشرطة الكاتالونية والقادة المدنيين المؤيدين للاستقلال رهن التحقيق بتهم «ممارسة التحريض» مع انزلاق البلاد نحو أزمة سياسية هي الأسوأ منذ عقود.
فيما اتهم الملك الإسباني فيليبي السادس أول أمس، المسؤولين الانفصاليين في كاتالونيا بأنهم وضعوا أنفسهم «على هامش القانون والديمقراطية»، مشدّداً على مسؤولية السلطات الشرعية في أن «تكفل الدولة النظام الدستوري واحترام دولة القانون والحكم الذاتي لكاتالونيا»، في حين تظاهر مئات الآلاف في برشلونة احتجاجاً على عنف الشرطة الاتحادية.
إلا أنّ رئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي لم يُدلِ بأيّ تعليق منذ يوم الأحد، لكنّ خطاب الملك من شأنه فتح الطريق أمامه لاتخاذ أي إجراء. وعكس خطاب الملك مدى التوتر الذي يسود إسبانيا.
وقال الملك فيليبي إنّ قادة الإقليم «بتصرفهم غير المسؤول قد يعرّضون للخطر الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لكاتالونيا ولإسبانيا بأسرها».
وكرّر الملك الإسباني نداءات سابقة كان وجّهها داعياً فيها إلى «التناغم والانسجام بين مكونات المجتمع الإسباني».
إلا أنّ خطابه عقب أعمال العنف التي شهدها الإقليم الأحد الماضي قد يؤدي إلى تأجيج الاستياء في كاتالونيا.
وقال المتحدث باسم الحكومة الكاتالونية جوردي تورول معلقاً على خطاب الملك «كان سيئاً. كان خطأ من كل النواحي». وأضاف تورول «بدلاً من تهدئة الأمور قام بصب الزيت على النار».
وقال إن السلطات الإقليمية «أشرفت على الانتهاء من فرز الأصوات».
وأوضح في مقابلة تلفزيونية أنه سيتمّ طرح النتائج على البرلمان الإقليمي الذي سيكون أمامه مهلة يومين «لإعلان استقلال إقليم كاتالونيا».
ومن شأن هذا التحرّك تعميق المواجهة مع الحكومة المركزية في مدريد، التي اعتبرت، على غرار القضاء الإسباني، الاستفتاء غير شرعي.
في المقابل، صعّد قادة كاتالونيا مواقفهم بدفع من الغضب العارم في الشارع الكاتالوني ضدّ العنف الذي مارسته الشرطة بحق المقترعين في الاستفتاء على الاستقلال الذي أجري الأحد الماضي، والذي حظرته الحكومة والمحاكم الإسبانية.
وأعلن رئيس كاتالونيا كارليس بيغديمونت في مقابلة بُثت أمس، أن حكومته تستعد لإعلان استقلال الإقليم على الأرجح «بحلول نهاية الأسبوع».
من جهته، دعا نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس أمس، إلى الحوار «بشكل يحترم الدستور» الإسباني بهدف حل الأزمة السياسية الخطيرة في كاتالونيا. في حين، يناقش النواب الأوروبيون في ستراسبورغ الأزمة في كاتالونيا.
من جهتها، قالت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر ناورت «لقد أحزنتنا التقارير الواردة من كاتالونيا بشأن إصابة الكثير من الناس بجروح خلال أحداث عطلة نهاية الأسبوع».
وأضافت المتحدثة «ما زلنا نقول إننا نشجع جميع الأطراف على أن يحلوا خلافاتهم السياسية بدون عنف وبطريقة تتفق مع القانون الإسباني».
يذكر أنه، بموجب المادة 155 من الدستور التي لم يتم تفعيلها بعد يحق للحكومة المركزية أن تجبر إقليماً من أقاليم البلاد على احترام واجباته الدستورية إذا ما انتهكها أو إذا «شكلت خطراً كبيراً على المصلحة العامة للدولة».
في سياق متصل، وضع قاض إسباني أمس، قائد شرطة كاتالونيا جوسيب لويس ترابيرو وثلاثة مشتبه بهم آخرين رهن التحقيق بتهم ارتكاب «جريمة التحريض».
فيما تواجه الشرطة الكاتالونية اتهامات بعدم كبح جماح متظاهرين مؤيدين للاستقلال قاموا بأعمال شغب في برشلونة الشهر الماضي.
وكاتالونيا منطقة صناعية غنية في شمال شرق إسبانيا يبلغ عدد سكانها نحو 7.5 ملايين نسمة، وتسهم في قرابة 20 في المئة من الاقتصاد الإسباني، ولها لغتها الخاصة وتقاليدها وعاداتها الثقافية.
وتراجع مؤشر إيبكس 35 الإسباني أمس 2.3 في المئة على خلفية الاضطرابات الأخيرة، فيما تراجعت أسهم بعض المصارف الكبرى في كاتالونيا بأكثر من 6 في المئة.
وتعود المطالبات باستقلال كاتالونيا عن إسبانيا إلى قرون من الزمن، إلا أنها عادت إلى الواجهة في السنوات الأخيرة جراء الأزمة الاقتصادية.
وبحسب حكومة كاتالونيا، أدلى 2.26 مليون شخص بأصواتهم، أيّ ما يعادل أكثر بقليل من 42 في المئة من ناخبي الإقليم، علماً أنّ الاستفتاء أجري بغياب مراقبين ولوائح الشطب الاعتيادية.
وأعلنت الحكومة الإقليمية أن 90 في المئة من المقترعين أيدوا الاستقلال، على الرغم من أن الاستطلاعات تشير إلى أن الكاتالونيين منقسمون حيال هذه المسألة.