استهداف «القومي» بعد احتفال «الويمبي»… تحريض داخلي وأمر عمليات خارجي
يوسف الصايغ
لم يعُد خافياً على أحد الحملة التي يتعرّض لها الحزب السوري القومي الاجتماعي والتي انطلقت بعد ساعات على الاحتفال الذي أقامه الحزب في شارع الحمرا، تخليداً لذكرى عملية الويمبي التي نفّذها البطل القومي الشهيد خالد علوان في أيلول العام 1982، والتي كانت فاتحة عمليات المقاومة وأثمرت انسحاباً للعدو من بيروت ومهّدت لتحرير القسم الأكبر من لبنان، بعد أن تفاعلت عمليات المقاومة، فلعب الحزب ضمن جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، دوراً رئيسياً من خلال العمليات الاستشهادية والمواجهات اليومية مع العدو، فمهّدت لتحرير معظم الجنوب اللبناني في أيار من العام 2000.
وتأتي عملية استهداف الحزب من بعض القوى على الساحة المحلية لتطرح أكثر من عملية استفهام عن التوقيت والهدف من تسليط الضوء على الاحتفال الذي أقيم في الحمرا، في ظلّ المزاعم عن القيام بـ»عرض عسكري» وترويع للمدنيّين، وإلى ما هنالك من إشاعات هدفها الأول والأخير التحريض على الحزب ووضعه في خانة الخارج عن منطق الدولة من خلال وصمه بالطابع الميليشياوي، بحسب الجهات المحرّضة.
إذن، وبينما يشارك الحزب من خلال تشكيلات نسور الزوبعة بالعمليات ضدّ التنظيمات الإرهابية في الشام، تأتي هذه الهجمة كمحاولة للتشويش على الإنجازات التي يسطّرها إلى جانب قوى المقاومة في منع الخطر الإرهابي، وهو ما يتمّ ربطه بالحملة التي تستهدف قوى المقاومة بشكل عام، والتي دشّنها الوزير السعودي ثامر السبهان من خلال تغريداته التي دعت اللبنانيين إلى الاختيار بين محورين، محور المقاومة أو المحور السعودي المعروف بعلاقاته وامتداداته، ولاحقاً من خلال الاستدعاءات السعودية لعدد من شخصيات فريق 14 آذار سابقاً، وما يُحكى عن أجندة سعودية بضوء أخضر أميركي للتصعيد واستهداف المقاومة وفريقها في لبنان، وعليه بات واضحاً أنّ مخطط استهداف الحزب السوري القومي الاجتماعي لا يمكن النظر اليه بمعزل عن مشروع استهداف المقاومة في لبنان والمنطقة، فكيف يتمّ النظر الى هذه الحملة المشبوهة والمعروفة الأهداف سلفاً؟
الفرزلي: الحملة هي ضمن المشروع الذي يروّج لثقافة الاستسلام
نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي يشير عبر «البناء» إلى أنّ «الاستهداف السياسي والإعلامي الحاصل على خلفية الاحتفاء بعملية الويمبي، هو انتقاد للجوهر يتعدّى الانتقاد للشكل، من خلال ما تتمّ إشاعته من عرض عسكري. وهذا الجوهر مرتبط بإعلان الحرب على «إسرائيل» من قلب العاصمة بيروت، حيث كانت عملية «الويمبي» بمثابة الشرارة الأولى التي أطلقت من أجل انطلاق عملية تحرير لبنان من العدو عبر المقاومة».
كذلك يلفت الفرزلي إلى أنّ «الحملة المبرمجة التي تستهدف الحزب القومي هي ضمن المشروع الذي يروّج لثقافة الاستسلام لإسرائيل، وهؤلاء هم أنفسهم الذين أطلقوا في السابق شعار عدم المقاومة بذريعة أنّ «العين لا تقاوم المخرز». وهذا الاستهداف يندرج في سياق سعي بعض الجهات إلى تصفية ثقافة المقاومة لإسرائيل»، مشيراً إلى «أنّ البعض في لبنان وخارجه ممّن يستفزهم انتصار المقاومة على «إسرائيل» يعملون على تشويه صورة واستهداف كلّ من يؤمن بمشروع المقاومة».
ويختم الفرزلي حديثه، مشيراً إلى «سلسلة من الضربات القاصمة التي تعرّض لها المشروع الساعي إلى إخضاع المنطقة والسيطرة عليها، ولكن أصحاب هذا المشروع يحاولون بطريقة أو أخرى النيل من المقاومة بشكل أو بآخر، وهذا ما يؤشر إلى أنّ المرحلة المقبلة في لبنان سوف تحمل في طياتها بذوراً تفجيرية».
الخطيب: استهداف الحزب القومي يندرج ضمن أمر العمليات الخارجي
من جهته أشار الأمين العام لرابطة الشغيلة النائب السابق زاهر الخطيب في تصريح لـ«البناء» الى «أنّ استهداف الحزب السوري القومي الاجتماعي، يأتي على خلفية كونه حزباً عقائدياً يؤمن بالصراع من أجل قيم الحرية والسيادة والاستقلال. ومن هنا تأتي عملية استهدافه من قبل القوى المضادّة لمفهوم القيم والأخلاق والنضال والمقاومة»، ويضيف: «لكن الحزب سيجد من الرفقاء والأصدقاء من حوله، ما يفوق بكثير هؤلاء الصغار من المتزلّفين لحكام وأمراء، الذين يمارسون الاستبداد ويسلبون مقدّرات هذه الأمة من خلال سيطرتهم على منابع النفط والغاز».
ويضع الخطيب عملية استهداف الحزب السوري القومي الاجتماعي على خلفية الاحتفال الذي أقامه الأسبوع الفائت في شارع الحمرا، تخليداً لعملية الويمبي التي نفّذها البطل خالد علوان في إطار «أمر العمليات الخارجي لاستهداف مشروع المقاومة في لبنان والقوى المنضوية في هذا المشروع»، لكنه يؤكد «أنّ من يريد النيل من المقاومة وسلاحها ودورها، بات في حالة عجز وهو غير قادر وأوهن من أن يقوم بهذه المهمة في الوقت الراهن، أو أن يضعها على جدول أعماله، لأنّ عصر الهزائم قد ولّى بفعل المقاومة».
ويختم أمين عام رابطة الشغيلة مشيراً بالإشارة إلى أنّ «استهداف الحزب القومي وباقي قوى المقاومة محاولة فاشلة للتعويض عن الهزائم، التي مُني بها المحور الأميركي الذي دخل في مرحلة الأفول، فالإمبراطورية الأميركية تتجه نحو الهاوية، في وقت بات محور المقاومة بامتداده الإقليمي من طهران الى العراق وسورية وصولاً إلى لبنان هو مَن يرسم معادلة الانتصار».
بدوي: مَن يحاول الإساءة لـ«القومي» تاريخه معروف بالعمالة
من جهته يلفت الباحث في الشؤون الإقليمية رفعت بدوي في حديث لـ «البناء» إلى أنّ «ما قام به خالد علون إبن الحزب السوري القومي الإجتماعي يعبّر عن جوهر فكر الحزب النضالي، المؤمن بالنضال والكفاح المسلح من أجل تحرير الأرض. وخالد علوان هو إبن العاصمة بيروت وما قام به من عمل بطولي هو محطة مشرّفة من المحطات المضيئة في تاريخ بيروت، التي كانت أول عاصمة عربية تقاوم المحتلّ الإسرائيلي وتطرده. وهذا شرف ناله الشهيد خالد علوان الذي دوّن اسمه في صفحات العزة والبطولة بمواجهة العدو».
ويضيف بدوي: «لا شك في أنّ استهداف الحزب القومي في هذه المرحلة هو استهداف لدوره وعقيدته وإيمانه بوحدة الجغرافيا، ونضاله من أجل أن تتحرّر منطقة بلاد الشام من الاحتلال والعمل من أجل تحرير فلسطين. وهو يندرج في سياق مشروع استهداف قوى المقاومة من الطبقة السياسية التي ابتلي لبنان بها، واضطررنا للتعايش معها فقط من أجل الحفاظ على وحدة لبنان». ويتابع: «تاريخ هؤلاء الذين يحاولون الإساءة الى الحزب السوري القومي الاجتماعي معروف، فهم امتهنوا التعامل مع العدو، وينفّذون أجندات بيت المال النفطي العربي، والتي تتعارض مع مشروع المقاومة والعداء لإسرائيل، وكلّ ما يقوم به هؤلاء من تشويه واستهداف للمقاومة وتاريخها المشرّف يندرج في سياق تنفيذ أوامر السفارة الأميركية في لبنان وخدمة للعدو الإسرائيلي، وفي هذا السياق تأتي هذه السهام التي تستهدف الحزب السوري القومي الاجتماعي وأبطاله ومقاوميه».