كنعان: لن نوافق على حسابات غير سليمة ونرفض توقيع أية تسوية مالية
أكد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان «عدم الموافقة على حسابات مالية غير سليمة ومدققة ورفض التوقيع على أية تسوية مالية»، لافتاً إلى أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «اتخذ قراراً استثنائياً وجريئا يؤمن ممراً آمناً للموازنة من دون أن يتضمن إبراء ذمة الحكومات والإدارات المتعاقبة».
وأكد كنعان في خلال مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي، أعلن في خلاله التقرير النهائي للجنة المال لمشروع موازنة العام 2017، «أنّ رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 12 «غير وارد»، معلناً أنّ «أن درس مشروع موازنة العام 2017 قد أنجز، وأن تقرير لجنة المال والموازنة قد سلم أول من أمس إلى دولة رئيس مجلس النواب، وأن إدراجه على جدول أعمال جلسة مقبلة للهيئة العامة قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، حتى ولو جاء متأخراً، لا لتقصير من اللجنة التي درسته، بل لأنه ورد من الحكومة متأخراً لمدة سبعة أشهر عن المهلة الدستورية».
وقال: «لقد تسلمنا مشروع موازنة بعد انقضاء أكثر من سبعة أشهر على المهلة الدستورية المحددة لتقديمه إلى المجلس النيابي كما تقضي أحكام المادة 83 من الدستور. وتسلمنا مشروع موازنة أنفقت نسبة كبيرة من اعتماداته، لا بل أنّ بعض اعتمادات قوانين البرامج قد بوشر بالإنفاق منها منذ العام الماضي، أي منذ العام 2016، أي قبل تقديم مشروع الموازنة. وحتى احتياطي الموازنة، الذي يفترض أنّ النقل منه لتغذية الاعتمادات التي نفدت أو أوشكت على النفاد، قد بوشر النقل منه منذ منتصف شهر كانون الثاني 2017، أي قبل إقرار مشروع الموازنة من قبل مجلس الوزراء، في حين أن المنطق يقضي بأن لا يتم النقل من احتياطي الموازنة قبل انقضاء أكثر من نصف السنة المالية على الأقل. وتسلمنا مشروع موازنة يتضمن مشروع قانونها ستا وسبعين مادة لا يدخل منها في النطاق المحدد لقانون الموازنة بموجب المادة الخامسة من قانون المحاسبة العمومية سوى إحدى عشرة مادة على الأكثر، ولم يقترن معظمها بأية أسباب تبريرية مقنعة. وبالرغم من ذلك، ولكي لا تتهم لجنة المال والموازنة بأنها تعرقل العودة إلى المسار المالي السليم، أنجزت اللجنة درس مواد مشروع القانون بكاملها، واتخذت بشأنها القرارات المناسبة التي ساحدثكم عنها في القسم الخاص بالتعديلات التي أجرتها اللجنة على المشروع».
وأضاف: «تسلمنا مشروع موازنة يتضمن سبعة عشر قانون برنامج لم يبرر أي منها سوى بأقل من صفحة من القياس العادي، مع أن الأصول تقضي بأن تخصص الاعتمادات التي يتجاوز أجلها السنة، والمعروفة بقوانين البرامج، بموجب مشاريع قوانين خاصة وأن ترفق بالدراسات التفصيلية اللازمة لتنفيذ المشروع ومدته وتوزيع اعتمادات الدفع على أساسها. وتسلمنا مشروع موازنة يبلغ مجموع نفقاته كموازنة عامة وموازنات ملحقة أكثر من ستة وعشرين ألفاً وخمسمائة مليار ليرة، وتبلغ وارداته الإجمالية كموازنة عامة وموازنات ملحقة مبلغا مماثلا، وبلغ العجز فيه أكثر من سبعة آلاف ومائتين وتسعة وثمانين مليار ليرة. وتسلمنا مشروع موازنة تبلغ المساهمات والمساعدات فيه لغير القطاع العام، أي لغير مؤسسات الدولة من إدارات عامة ومؤسسات عامة وبلديات وأشخاص معنويين ذوي صفة عمومية، أكثر من ستمائة وسبعة وعشرين مليار ليرة، بالرغم من الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها الدولة. وتسلمنا مشروع موازنة كان فيه التخفيض على الأجهزة العسكرية والأمنية ظاهراً في الوقت الذي تقود فيه حرباً شرسة على الإرهاب في الداخل وعلى الحدود، في حين أنّ المساهمات لغير القطاع العام لم تمس. وتسلمنا مشروع موازنة بلغ احتياطي الموازنة فيه أكثر من ألف وأربعمئة مليار ليرة، ونسبته أكثر من ستة بالمئة، في حين أن هذه النسبة حددتها المادة السادسة والعشرون من قانون المحاسبة العمومية بما لا يقل عن واحد بالمئة، لا سيما أنها تنفق من دون علم المجلس النيابي بتفاصيل إنفاقها».
وأكد أنّ لجنة المال والموازنة «آلت على نفسها أن تقوم بجهد استثنائي لتخفيض قيمة العجز في الموازنة، فكان لها ما أرادت، وكان التخفيض الذي تمّ التداول بأرقامه والبالغ ألفاً وأربعة مليارات ليرة، وتخفيض قيمة العجز في الموازنة بذات القيمة. وهنا أسارع لأقول إنّ قيمة التخفيض كانت ستكون أكبر لو أتيح للجنة أن تدرس مشروع الموازنة قبل بدء السنة المالية».
ولفت كنعان إلى أنّ «هناك مواطن تشكل نزفاً للمال العام وتبديدا لموارد الخزينة، وتقتضي المعالجة. أولها، عجز كهرباء لبنان، وثانيها، خدمة الدين العام، وثالثها، رصيد حساب الخزينة لدى مصرف لبنان، ورابعها، حساب احتياطي الموازنة»، موضحاً «أنّ معالجة هذه المواضيع الخمسة من شأنها أن توفر حوالى أربعة آلاف مليار ليرة». وسأل: «هل نجرؤ على مواجهتها بعزيمة مصممة على إصلاح المالية العامة والحد من نمو الدين العام، فنوجه رسالة إلى المواطنين بأننا على قدر المسؤولية في تولي شؤونهم العامة»؟
دعم كهرباء لبنان
وبالنسبة إلى دعم مؤسسة كهرباء لبنان، قال كنعان: «كلنا يشكو من تأثير دعم مؤسسة كهرباء لبنان على تنامي الدين العام، كما يشكو من انخفاض التغذية بالتيار الكهربائي. إلا أنّ كلنا يتجاهل أن الطاقة الكهربائية سلعة يحدد سعر مبيعها على أساس كلفة إنتاجها.
حساب الخزينة لدى مصرف لبنان
أما عن رصيد حساب الخزينة لدى مصرف لبنان، فأشار كنعان إلى أنه «من أصل قيمة الدين العام البالغة حوالى 115.263 مليار ليرة بتاريخ 30 حزيران 2017، هناك مبلغ 14.852 مليار ليرة استدانته الدولة وهي ليست بحاجة سوى إلى مبلغ حده الأقصى ثلاثة آلاف مليار ليرة. أما المبلغ الباقي المودع في حساب الخزينة لدى مصرف لبنان دون فائدة، فتترتب على استدانته فائدة لا تقل عن 830 مليار ليرة سنويا».
ورأى أنه «بات من الضروري ترشيد إدارة حساب الخزينة لدى مصرف لبنان بحيث لا يتجاوز رصيده الثلاثة ألاف مليار ليرة، نظراً لدورية تدفق الإيرادات إلى الخزينة، لا سيما من الجمارك والضريبة على القيمة المضافة».
خدمة الدين العام
وفي ما يتعلق بالدين العام، ذكر كنعان أنّ الدين العام «بلغ بتاريخ 30 حزيران 2017 حوالى /115.263/ مليار ليرة وقدرت كلفة خدمة الدين خلال العام 2017 بمبلغ 7.100 مليار ليرة. وكالعادة تلقى تبعات نمو الدين العام على دعم مؤسسة كهرباء لبنان وعلى الكلفة المتزايدة سنويا لخدمة الدين، متناسين ثلاثة أمور جوهرية في هذا المجال هي:
ـ أنّ المسؤولية عن تنامي الدين العام تقع أيضاً على المسؤولين الذين يعتبرون أنّ البلد بألف خير فيمعنون في الإنفاق العام من دون تأمين الإيرادات المقابلة له. ويكفي أن نشير إلى ما تمّ دفعه منذ مطلع العام 2012 سلفة على حساب زيادة غلاء المعيشة التي تم إقرار قانون إعطائها منذ شهرين ونيف. وتقدر كلفة هذا التدبير بحوالي خمسة آلاف مليار ليرة.
ـ أنّ خدمة الدين العام تشكل أكثر من 29 من نفقات الموازنة الإجمالية، وهذه نسبة مرتفعة ويجب العمل على تخفيضها عن طريق إعادة النظر بالفوائد المدفوعة على سندات الخزينة بالعملة اللبنانية وبالعملات الأجنبية، وهي فوائد مرتفعة قياساً على الفوائد المدفوعة على الودائع عالمياً، والتي تصل في بعض الدول إلى صفر بالمئة، في حين تبلغ في لبنان سبعة بالمئة وسطياً. وقد أشارت وزارة المالية عند آخر إصدار أجرته منذ عدة أشهر بقيمة ثلاثة مليارات دولار أميركي، إلى أنها تلقت عروضا تزيد على السبعة عشر مليار دولار. وهذا إن دلّ على شيء فعلى أن معدلات الفوائد مرتفعة على إصداراتنا». ولفت إلى «أنّ تخفيض نقطة واحدة من الفوائد المدفوعة على سندات الخزينة تخفض مبلغ ألف مليار ليرة من قيمة النفقات المالية. وهذا الموضوع يستحق تضافر جهود جميع المسؤولين للعمل عليه».
احتياطي الموازنة
وأشار كنعان إلى أنه «تمّ لحظ اعتمادات في الموازنة العامة بقيمة 1.388 مليار ليرة ضمن باب الاحتياطي، موزع على خمسة احتياطيات، تضاف إليها الاعتمادات الملحوظة كاحتياطي في الموازنات الملحقة والبالغة 13 مليار ليرة، أي ما مجموعه 1.401 مليار ليرة. وإذا ما علمنا بأن المادة 26 من قانون المحاسبة العمومية قد حددت هذه الاعتمادات بما لا يقل عن 1 من مجموع اعتمادات الجزئين الأول والثاني من الموازنة. وإذا ما علمنا أنّ نسبة احتياطي الموازنة العامة البالغة 6,2 في مشروع موازنة العام 2017 هي نسبة مرتفعة، خاصة أن نقلها إلى سائر بنود الموازنة لا يخضع لرقابة المجلس النيابي، وقد تشجع على الإسراف والتبذير. وإذا علمنا أن المادة 85 من الدستور قد أجازت فتح اعتمادات إضافية أثناء تنفيذ الموازنة، لا بل أجازت فتح اعتمادات بمرسوم في الحالات الطارئة والمستعجلة، على أن تعرض على المجلس النيابي في أول عقد يلتئم فيه» .