العراق: هل تندلع مواجهات عسكرية في المناطق المتنازع عليها؟
حميدي العبدالله
بات واضحاً أنّ خيار استقلال شمال العراق لا رجعة عنه وأنّ الحكومة العراقية ودول الإقليم المعنية بالأمر لديها من الدوافع والمصالح ما يجعلها في نهاية المطاف تقبل بالأمر الواقع، الذي فرضه الاستفتاء.
ليس هناك، على الأقلّ من جانب حكومة بغداد وحتى غالبية القوى السياسية الفاعلة في العراق، من يدعو إلى التصدّي لقرار الاستقلال وإلغائه بالقوة العسكرية.
الآن المشكلة تتركز في أمرين، الأول، تطرحه حكومة إقليم كردستان التي تدعو إلى حوار مع بغداد من دون شروط، وتؤكد أربيل أنها لن تفاوض على إلغاء نتائج الاستفتاء، بل على كيفية تحقيق الاستقلال الكامل، وبحث المسائل المتنازع عليها، سواء أكان يتعلق بالمناطق المختلف عليها، أو المسائل المرتبطة باقتسام ثروة العراق ومسائل مشتركة أخرى ناجمة عن كون إقليم كردستان كان جزءاً من الدولة العراقية منذ تشكل هذه الدولة بعد سقوط السلطنة العثمانية. أما بغداد فتقول إنها لن تتفاوض مع الإقليم، أو إذا قرّرت التفاوض فإنها لن تفاوض على كيفية تكريس نتائج الاستفتاء وبحث القضايا التي يثيرها استقلال الإقليم بشكل كامل عن العراق. الحكومة العراقية تقول إنّ الحوار سواء كان بشروط أو من دون شروط يجب أن يدور حصراً في إطار الدستور الاتحادي وفي إطار بقاء إقليم كردستان جزءاً من الدولة الاتحادية، ومنح الأكراد جميع الحقوق التي ينشدونها وتبديد المخاوف التي تنتابهم.
لكن من الواضح أنّ المواقف بين الجانبين متباعدة إلى درجة يصعب جسرها، وحتى اقتراح العلاقة الكونفدرالية بدلاً من العلاقة الفيدرالية يبدو أنها صعبة المنال، على الأقلّ في وقت قريب في ظلّ تبادل التحديات بين الجانبين بعد إجراء الاستفتاء.
لكن بمعزل عن كلّ ذلك فإنّ المناطق المتنازع عليها تنطوي على دينامية يخشى أن تقود إلى اندلاع مواجهات مسلحة حتى وإنْ لم تكن حكومة بغداد أو حكومة أربيل راغبتين في ذلك. المناطق المتنازع عليها تنطوي على عاملين تفجيريين: العامل الأول، وجود آبار نفط تسعى بغداد أو أربيل للانفراد بالسيطرة عليها، وهذه من بين قضايا الخلاف المستمرّة منذ أن وضع دستور العراق الجديد بعد سقوط بغداد على أثر الغزو الأميركي. ومعروف أنّ سلطة إقليم كردستان استفادت من سيطرة وتمدّد داعش لوضع يدها على هذه الآبار التي كانت تتبع لحكومة بغداد، واليوم بغداد تطالب بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل تمدّد داعش. العامل الثاني، وجود تكوينات متعدّدة عرقياً وطائفياً ومذهبياً في المناطق المتنازع عليها، واحتمال وقوع صدامات بين هذه التكوينات هو احتمال كبير قد يدفع سلطات بغداد وأربيل إلى التدخل ونشوب نزاع مسلح بين الحكومتين.