المؤتمر السابع عشر للجامعة اللبنانية الثقافية هل يتابع مسيرة الحوار والوحدة؟
علي بدر الدين
تعقد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم برئاسة بيتر الأشقر مؤتمرها السابع عشر اليوم في قصر الأونيسكو في بيروت، على وقع المساعي والجهود التي بُذلت بهدف الخروج من دائرة الانقسام الذي طال كثيراً وأدّى إلى إنتاج ثلاث جامعات وثلاثة رؤساء وتعدّد المؤتمرات الخلافيّة في العناوين والتفاصيل والتوجيهات.
وبقعة الضوء الوحيدة تمثّلت في اتّفاق الوحدة الذي وقّعه الأشقر والياس كسّاب رئيس جامعة الانتشار، وكان بمثابة جرعة من الأمل ونافذة على التفاؤل علّهما يبثّان الروح في جسد المؤسسة الاغترابية الأمّ. غير أنّ الإعلان عن هذا الاتفاق الذي أحدث صدمة وكان يعوَّل عليه، لم ينجح في تجاوز مطبّات وعثرات واجهته قُبيل منتصف الطريق، وحالت دون بلوغه الخواتيم السعيدة وفي مقدّمها تحقيق حلم الوحدة الذي لطالما تمنّى المغتربون الوصول إليه.
ويسجّل للرئيسَين أنّهما حاولا واتّفقا، لكنّ ظروفاً واعتبارات جمّدت هذا الحلم، منها ما هو ذاتي ومنها ما هو موضوعي، وكانت محاولات من رؤساء سابقين وفاعلين ومؤثّرين في الاغتراب اللبناني والجامعة لم يكتب لها النجاح، لكنّها وضعت الأسس والقواعد الصلبة لاستمرار المساعي عبر الاجتماعات واللقاءات من أجل هذه الوحدة، وقد تشكّلت لهذه الغاية لجنة الحوار في الجامعة برئاسة رئيس المجلس القارّي الأفريقي عباس فواز، في عهد رئاسة أحمد ناصر للجامعة، الذي يجدر القول إنّه نجح باقتدار في قيادة سفينة الجامعة وإرساء دعائمها بعدما كادت تتلاشى أو ربما تحتضر، وإنّه حقّق إنجازات وطنيّة واغترابيّة هامّة في الجامعة خاصة وفي الاغتراب عامة، وقد أطلق عليه المشاركون في المؤتمر القارّي الأفريقي الثالث الذي عُقد في ليبيريا عام 1988 أنّه «ضمير الاغتراب اللبناني».
كذلك، لا يمكن إغفال ما حقّقه رئيس الجامعة السابق الأمين مسعد حجل خلال فترة تحمّله المسؤوليات الاغترابية على رأس هرم الجامعة، ومن أبرزها لقاءات الوحدة التي عقدها مع ألبير متى، والتي كادت أن تتوّج بإعلان الاتفاق ووضع الآليّات المؤدّية إليه في سابقة لم تحصل، غير أنّ مفاجآت حصلت وحالت دون تحقيق المشروع الوحدوي الذي كاد أن يتحقّق بعدما رُسمت خطوطه الأولى.
السؤال الذي يفرض نفسه: هل المؤتمر اليوم سيُتابع خطوات الحوار والانفتاح باتّجاه تحقيق وحدة الجامعة، أم أنّ للرئيس الجديد وفريق عمله آليّات أخرى لاعتمادها والسير عليها؟
مصادر متابعة في الجامعة تشير إلى أنّ وحدة الجامعة هي هدف كلّ رئيس جديد، ولا يمكن التخلّي عن هذا الهدف لأنّه من الثوابت، ولكنّ الترجمة تكون صعبة ومعقّدة وقد تحتاج إلى «سوبر» رئيس وربما معجزة، وقد ولّى للأسف زمن المعجزات، لأنّ انعكاس خلافات الداخل اللبناني يفرض نفسه بقوّة على المغتربين.
وتوقّعت المصادر أن تسود أجواء المؤتمر الإيجابيّة والتعاون، لأنّ الجميع مدرك لما تعانيه الجامعة والمرحلة تقتضي التفاهم التامّ على كلّ الملفات المطروحة، ولا بدّ من استمرار التشاور وسياسة الانفتاح واليد الممدودة.
وحول الانتخابات التي ستحصل في المؤتمر، توقعت مصادر مطّلعة أن يتمّ انتخاب النائب الأول لرئيس الجامعة القنصل رمزي حيدر رئيساً، وأنّ هناك أجواءً توحي بانتخاب الرئيس وأعضاء الهيئة الإداريّة الجديدة بالإجماع والتزكية، حتى لا تكون هذه الانتخابات باباً للمزايدات أو لتعميق الخلافات.
ولا بدّ من التذكير بأنّ ولادة الجامعة كانت في العام 1960 في أول مؤتمر عالمي عُقد في قصر الأونيسكو، حضره ممثّلون عن 146 بلداً اغترابياً وافتتحه رئيس الجمهوريّة آنذاك اللواء فؤاد شهاب، بحضور رئيس الحكومة الأسبق صائب سلام الذي ألقى كلمة بالمناسبة، وتتالت المؤتمرات في الأعوام 1964 و1968 و1969 و1970 و1971 و1973، وفيه حصلت الجامعة على الترخيص الرسمي والإعلان عن تأسيسها تحت رقم 363 أ.د
وحدّد نظامها الأساسي في مادته الأولى، أنّها مؤسسة مدنيّة مستقلّة غير سياسية وغير عنصريّة وغير دينيّة وغير استثمارية، ومعترف بها كممثّل للانتشار اللبناني في العالم.
وفي أول مؤتمر عالمي للجامعة، انتُخب جورج طرابلسي المكسيك أول رئيس عالمي لمدة أربع سنوات، تلاه نقولا عبود أستراليا 1968، وجميل دنيا فنزويلا 1969، وخوسيه كامل المكسيك 1970، وأنور الخليل نيجيريا 1971، وأنطوني أبرهام أميركا 1973، وسليم مخلوف كولومبيا 1974، وضاهر الراعي أميركا 1977، واميليو هارون طعمة المكسيك 1978، وغاربيا لدي عبود الأرجنتين 1979، وسامي الخوري الأكوادور 1981، وعلي الصباح الكوت ديفوار 1982، ونقولا الخوري كندا 1985، وأنور خوري عضم المكسيك 1991، وأحمد ناصر بلجيكا 2005، ومسعد حجل الكاميرون 2011، وأحمد ناصر بلجيكا 2013، وبيتر الأشقر غانا 2015.