في إعادة الإعمار – 2 – : احتفاءً بالهدمِ البنّاء لا بالبناء..

في إعادة الإعمار – 2 – : احتفاءً بالهدمِ البنّاء لا بالبناء..

«وفي بعض الهدم إعمار»

تفكيك المصطلح

لا بد للبداية أن تكون من المصطلح والعنوان بحد ذاته إذ يعتريه خللٌ بنيويٌّ علاوة على طريقة توظيفه واستخدامه الاستهلاكيّ أو الانتفاعي الاستغلالي ، ولا بدّ من مساءلة وتفكيك هذا المصطلح والتوقّف عنده مليّاً والتمعّن بدلاً من الإمعان فيه.. فالإشكاليّة في كلمة «إعادة»، كما هي في كلمة «الإعمار»، إذ تنطوي هاتان الكلمتان ضمناً على ما يلي:

١ – التكرار والاجترار والاستعاديّة، والعودة بالمكان إلى ما كان عليه، وهي بالتالي حركة نكوصيّة وموقف ماضويّ علاوة على كونه بالضرورة ردّة فعل ارتكاسيّة وليست نوعاً من فعل إقداميّ وتقدميّ..

٢- حصر عمليّة البناء في الشقّ الماديّ من دون المعنويّ، واقتصارها على الشكل من دون المحتوى والمضمون والجوهر.

٣- حصر عمليّة البناء والإعمار في ما انهدم من دون أن تتعدّاها إلى ما سواها وكأنّ ما كان موجوداً كان يكفي، ويفي بالمطلوب، وكأنّ جُلّ ما نحتاج هو إعادة، أو استعادة ما كان، من دون مراجعة تقييميّة وتقويميّة..

٤- حصر العمليّة بالبناء والإعمار وعدم شمولها على الهدم البنّاء وبالتالي تفويت الفرصة لاستئصال جذريّ لسرطان وجدريّ العمران..

٥- افتراض أن العمليّة الاستعاديّة تشمل إعادة إعمار كامل ما تهدّم وليس مجرّد جزء منه وعلى النحو والشكل الذي كان عليه ومن دون تغيير..

هنا وفي هذا السياق يحضر وبقوّة، سؤال متسلسل تالٍ:

هل تُمكن، أوّلاً، ومن الناحيتين التقنيّة والاقتصاديّة، إعادة إعمار كلّ ما تهدّم، وهل تجب، ثانياً، إعادة بناء كل ما تهدّم، علاوة على أن تتم على النحو الذي كان عليه، ثالثاً؟ وهو ما ينطبق حتى على بعض الصروح التاريخيّة، فهل نساهم مثلاً في طمس آثار الجريمة التي ارتكبها الإرهاب

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى