أوس عثمان: بالموسيقى تنمو الذائقة الفنّية الراقية لدى الجيل الشاب
كتبت رنا رفعت من اللاذقية: اختار الفنان السوري الشاب أوس عثمان آلة الغيتار لتكون رفيقة دربه موسيقيّاً، فدرس فن العزف عليها اثني عشر عاماً، ليتحول بعد ذلك من تلميذ في الصفوف الموسيقية إلى مدرّس فيها يعمل جاداً للنهوض بجيل جديد من متذوقي الموسيقى الراقية.
حول تجربته في هذا المجال يقول عثمان إنه التحق بالبيت العربي للموسيقى مذ كان في الثالث الابتدائي، ليتعلم العزف على آلة الغيتار متتلمذاً على يد مجموعة من الموسيقيين المميزين. وبعد سنتين من الدراسة والتعلم في المعهد بدأ يشارك في الفعاليات الفنية المختلفة التي يقيمها البيت العربي. ونتيجة الجهد والمثابرة في تعلم الموسيقى، أصبح عثمان رائداً طليعياً على مستوى القطر لسنتين متتاليتين 2005 و 2006 في محافظتي حمص والقنيطرة، وحصل على المركز الأول في الاختبار على آلة الغيتار، إذ شمل الاختبار قراءة النوطة الموسيقية والتكنيك والسولفيج والثقافة الموسيقية عامة، ونال تكريماً من فرع الطلائع في محافظة حمص، إذ أرسل إلى مصر لمدة خمسة عشر يوماً في رحلة ترفيهية مع مجموعة من الرواد من مختلف المجالات. وبقي خلال السنين الخمس الأولى يعزف على الغيتار ويقرأ النوطة الموسيقية ليدخل بعد ذلك ميدان الاختصاص، بغية تحديد النمط الموسيقي الذي يؤديه ويعزفه على هذه الآلة، فبعد عزف الأنماط الموسيقية المختلفة من لاتينيّ وتانغو وفلامينكو وصولاً إلى الكلاسيكي، قرر التخصص في الأخير، معتبراً أن الموسيقى الكلاسيكية هي التي أسّست لمختلف الأنماط الموسيقية الأخرى من الرومانتيك إلى موسيقى القرن العشرين، وهي محصلة لنتاج الموسيقى الغربية في العصور المختلفة، فجميع أنماط الموسيقى الراقية اعتمدت على النظريات الموسيقية التي ظهرت في عصر الكلاسيك.
يوضح أوس أن موهبته الموسيقية لم تعترض تحصيله العلمي بل شكلت خطاً موازياً له، إذ تمكّن من التفوق خلال مراحل الدراسة المختلفة بكلية الطب حيث هو اليوم في السنة الثانية، من دون أن ينقطع عن تحصيله الموسيقي إذ يتابع دروساً موسيقية على يد عدد من الأساتذة الأكاديميين من خريجي المعاهد العالية الذين رفدوا تعليمه الموسيقي لناحية التكنيك والتخصص. ويرى أن الجميل في الأمر أنه بدأ الدراسة قبل اثني عشر عاماً في البيت العربي وشارك خلال هذه السنوات في مختلف الأمسيات التي يحييها، سواء أوركسترا البيت العربي بقيادة الأستاذ بيرج قسيس أو أوركسترا الغيتارات بقيادة الأستاذ فيصل عمران، ليتحول اليوم إلى مدرّس في البيت العربي للموسيقى حيث كان تلميذاً يتلقى علومه فيه، ما يؤكد أن العمل الجاد والمسؤول لا بد من أن يثمر في نهاية المطاف.
أما اختياره آلة الغيتار تحديداً فهو نتيجة شغف شخصي منبعه حضوره العديد من الحفلات الموسيقية، فضلاً عن خصوصية هذه الآلة الهارمونية القادرة على أداء مجموعة من العلامات ضمن تآلف وسياق معين، كما يمكن من خلالها أداء جملة موسيقية تجمع بين الحنين والقوة في آنٍ واحد.
حول تطلعه إلى التوزيع والتأليف الموسيقي يوضح أن ليست لديه تجارب سابقة في هذا المجال، لكنه يرغب في الخوض فيه أكاديمياً كطموح مستقبلي يتطلب إشراف أساتذة متخصصين وأكاديميين، مبيّناً حاجته إلى دراسة نظريات الهارموني التي تتضمن المعلومات الموسيقية، بالإضافة إلى الحس والإحساس والفكرة كعناصر ثلاثة أساسية.
ويرى عثمان أنّ آفاق المشهد الموسيقي المحلي محدودة إذ يعاني قلة الفعاليات والأنشطة والمهرجانات الموسيقية، ولذا شارك ضمن برنامج عمل البيت العربي لتكريس الذائقة الموسيقية والثقافة الفنية، فألقي العديد من المحاضرات المتخصصة للتوعية الموسيقية ونشر الثقافة المرتبطة بهذا الفن الذي يحمل في طياته فكراً وفلسفة مهمين جداً. يقول: «ألقيت كموسيقي ومدرّس مجموعة من المحاضرات الموسيقية في نادي التذوق الموسيقي التابع لمشروع مسار التنموي، ومن هذه المحاضرات ما كان موجهاً خصيصاً للأطفال فنحن نعاني من مشكلة إنشاء جيل موسيقي واع، لأن الجيل الحالي لا يسمع إلاّ نمطاً واحداً ومحدداً من الأنماط الموسيقية، وهذا خطأ كبير، إذ لا بد من أن يطلع على جميع الأنماط الموسيقية وأن يكون أكثر انفتاحاً عليها ليتمكن من التعرف إليها واختيار ما يلائمه.
نعمل على جعل الناس يدركون أن الموسيقى ليست نشاطاً يقوم به الأطفال واليافعون خلال العطلة الصيفية فحسب، إنما هي فعل راق يجب استمراره طوال الوقت، إلى جانب توعية الأهل إلى نوعية الموسيقى التي يسمعها أطفالهم ومساعدتهم في اختيار الموسيقى التي تنطوي على هدف وفكرة، فللأسرة دور كبير في تشكيل الذائقة الموسيقية لدى الطفل وبذلك نكون شكلنا القاعدة الصحيحة والفكر الموسيقي الصحيح والسليم، لنترك بعدها للطفل حرية اختيار آلته الموسيقية والنمط الموسيقي الذي يود سماعه»، مؤكداً على ضرورة إقامة الكثير من الحفلات الموسيقية في هذه المرحلة الصعبة تحديداً، كي نثبت للعالم أننا شعب حي ومعطاء ومحب للحياة، كما علينا أن نساعد في تقديم الحلول عبر أفكار تنمي المحبة والحوار والأفكار المشتركة.
أوس عثمان من مواليد عام 1995، يعزف ضمن أوركسترا البيت العربي وأوركسترا الغيتارات، بالإضافة إلى العزف المنفرد والثنائي، وضمن فرق الحجرة الموسيقية.