عصام زهر الدين بطل برتبة شهيد
د. فيصل المقداد
ليس بين الشهداء مراتب ودرجات والشهيد اللواء عصام زهر الدين واحد من عشرات الآلاف الذين ارتقوا وارتقت بهم سورية، لكن الشهيد عصام واحد من نماذج تشكل في استشهادها منصة تظهر عبرها عظمة سورية وشعبها وجيشها وقادتها وتضحياتها وانتصاراتها.
لقد اختصر الشهيد عصام في سيرته ومسيرته المناقبية وروحه القتالية وأخلاقيته القيادية وتمسكه العميق بعقائديته، الميزات التي شكلت أحد مصادر تفوّق الجيش العربي السوري، وبالتالي أحد أسرار انتصاراته الأسطورية التي أبهرت الأعداء وحازت إعجاب وتقدير الأصدقاء والحلفاء.
رسم الشهيد عصام بمسيرته النضالية خريطة سورية الواحدة الممتدّة من مسقط رأسه في أقصى الجنوب إلى مسقط شلال دمه في أقصى الشمال، شهيداً مكلّلا بغار شهادة عابرة للجغرافيا وتضحيات تكتب التاريخ، لتعلن للملأ باسم ملايين السوريين، دماؤنا مهر هذه الأرض ندفعه رخيصاً لتبقى سوريا موحدة سيدة عزيزة قوية.
قدّم الشهيد عصام في الظروف القاسية التي عرفها حصار دير الزور القدوة والمثال على صمود قارب الأسطورة لمئات من الضباط والجنود، كانوا واحدة من حلقات الإرادة السورية الصلبة التي صنعت وتصنع مجد شعب يأبى أن يموت، ويكتب للحياة سيرة الحياة بوقفات الكرامة والتضحية، كما قدّم في معارك الشرف نموذج القائد الذي يتقدّم جنوده في خطوط النار ومكامن الخطر ليكون صورة عن الجيش الذي أحب حتى الموت، وعن الوطن الذي عشق حتى الثمالة.
حمل الشهيد عصام الروح التي زرعها فينا الرئيس بشار الأسد، بأننا ماضون إلى نصرنا لا تخيفنا التحديات والتهديدات ولا تثنينا الصعاب والمخاطر، وكان وفياً حتى نبضه الأخير لهذه الروح التي تشكل سرّ انتصارات سورية وصمودها. وقد وقف رئيسنا يوم جاءت الأساطيل تهدّد بالحرب، يبث فينا روح القتال رافضاً مغادرة مكتبه الرئاسي مهما كانت المخاطر مفتخراً بأن يكون وأسرته من الذين ينالون شرف الشهادة دفاعاً عن الوطن.
تزفّ سورية وجيشها شهيد العروبة عصام زهر الدين، ويتبارك من مسيرته وعبق شهادته رفاقه في الجيش العربي السوري، وتزداد بشهادته عزائمهم للمضيّ بقوة وثبات على طريق رسمها بدمه، وقد صارت دماؤه أمانة ثقيلة كدماء رفاقه الشهداء، والنصر بات بفضل هذه التضحيات على مرمى حجر، ويؤدّي المقاومون للشهيد تحية رفيق السلاح الذي عشقهم كما عشقوه، في طريق لم يشكّ ولم يشكّوا يوماً أنها الطريق إلى فلسطين، مهما تغيّرت وجهة بنادق القتال جنوباً وشمالاً وشرقاً وغرباً، فهي لأجل سورية حرة عربية مقاومة، تعني القتال لأجل فلسطين وتبقى البوصلة جنوباً.
سنفتقد كثيراً شهيد سورية كما رفاقه الشهداء، لكننا واثقون أننا بهذه الآلام نصعد جلجلة القيامة التي ستولد منها سورية أقوى وأجمل لتليق بتضحياتهم، سيدة حرة عربية موحدة مقاومة، كما أرادوها وبذلوا مهجهم وأرواحهم والدماء… لتكون… وستكون.
نائب وزير الخارجية السورية