مدريد تتهم برشلونة بالسعي إلى «مواجهة» كاملة
خطت الحكومة الاسبانية أمس، خطوة إضافية باتجاه تعليق الحكم الذاتي لكتالونيا متهمة رئيس هذا الإقليم كارليس بوتشيمون بالسعي إلى «مواجهة» كاملة في أزمة تهدّد استقرار إسبانيا.
وكان يتعين على رئيس حكومة كتالونيا أن يحدّد بوضوح ما إذا كان سيتراجع عن المضي في استقلال منطقته التي يعيش فيها 16 في المئة من الإسبان والتي تخوض صراعاً لا سابق له مع الحكومة المركزية منذ أن اعتمدت مملكة إسبانيا الديمقراطية في 1977.
لكنه لم يجب بدقة على السؤال المطروح من حكومة مدريد التي سألته إن كان أعلن أو لم يعلن استقلال كتالونيا. كما أنه لم يقبل «إعادة النظام الدستوري» كما طلبت مدريد.
وكتب كارليس بوتشيمون أمس، في رسالة وجّهها إلى رئيس الحكومة المركزية ماريانو راخوي «إذا أصرّت الحكومة على منع الحوار ومتابعة القمع، فإنّ برلمان كتالونيا يمكن أن يجري تصويتاً على إعلان رسمي للاستقلال».
وتوضيح بوتشيمون بشأن غياب إعلان رسمي للاستقلال كان يمكن أن يفتح الباب أمام تهدئة.
لكن الحكومة الإسبانية رأت فيه تهديداً وتوعّدت بـ «اتخاذ كافة الإجراءات لاستعادة الشرعية والنظام الدستوري بأسرع ما يمكن».
وسيتم غداً تحديد إجراءات تعليق الحكم الذاتي لكتالونيا أثناء اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء الإسباني الذي يفترض أن يحيلها إلى مجلس الشيوخ للتصديق عليها في نهاية تشرين الأول.
فيما بدا أمس، أن استعادة الثقة بين برشلونة ومدريد، كما تريد المؤسسات الأوروبية والعديد من سكان كتالونيا، بعيد المنال.
في هذا الصّدد، بحث رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الأمر مع زعيم المعارضة الإسبانية الاشتراكي بيدرو سانشيز في وقت تهدّد فيه الحكومة الإسبانية بتطبيق مرجّح جداً للفصل 155 من الدستور الذي يمكنها من تعليق كلي أو جزئي للحكم الذاتي لإقليم ما إذا انتهك واجباته القانونية.
وأكد زعيم المعارضة الملتحم في جبهة مشتركة بشأن كتالونيا مع راخوي، في تصريحات «إنّ دعم المؤسسات الأوروبية أقوى من أيّ وقت مضى».
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الاتحاد الأوروبي سيوجّه «رسالة وحدة» بشأن إسبانيا في ما يخصّ أزمة كتالونيا، وعبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عن أملها في التوصل إلى حلول «على قاعدة الدستور» الإسباني.
وعبر بوتشيمون في رسالته إلى راخوي عن الأسف، لكون مدريد لا تدرك «حجم المشكلة» و«ترفض الحوار» وهو شعور يشاطره الكثير من الكتالونيين.
لكن حكومة راخوي المتّهمة بأنها متسامحة من جناحها المتشدّد، تتهم بوتشيمون بـ «السعي عمداً ومنهجياً إلى المواجهة المؤسسية».
وقال مايكل إيسيتا زعيم الاشتراكيين الكتالونيين «مع وجود تهديد بالاستقلال على الطاولة، يصبح الحوار بالغ الصعوبة حتى لا نقول مستحيلاً».
في حين، دعا حزب «سي يو بي» اليساري المتشدّد الصغير والحليف الأساسي لبوتشيمون والراغب في ولادة فورية لجمهورية كتالونيا المستقلة، إلى تظاهرات مساء أمس.
فيما تضغط الأوساط الاقتصادية أيضاً على رئيس كتالونيا ليوقف العملية.
ونقلت أكثر من 800 شركة بينها أكبر مصرفين كتالونيين، مقارها من كتالونيا منذ الاستفتاء، بحسب سجل التجارة والشركات. كما شهدت السياحة تراجعاً.
ويرى قادة كتالونيا أنّ استفتاء تقرير المصير المحظور من القضاء والذي نظم في الأول من تشرين الأول، منح البرلمان الإقليمي «تفويضاً شعبياً» لإعلان الاستقلال.
وبحسب الأرقام التي أعلنوها ولا يمكن التحقق منها فإنّ 90 في المئة ممن شاركوا في الاستفتاء أيدوا الاستقلال. وبلغت نسبة المشاركة في الاستفتاء 43 في المئة. لكن هناك انقساماً عميقاً في كتالونيا حول الأمر.
في الأثناء أشارت مصادر حكومية في مدريد أول أمس، إلى حل لخروج مشرَّف من الأزمة يتمثل في الدعوة إلى انتخابات محلية مبكرة.
لكن خوان تاردا المتحدث باسم اليسار الاستقلالي في مجلس النواب بمدريد رفض ذلك أمس. وأكد «أنّ الحكومة الكتالونية لن تدعو إلى انتخابات مبكرة».
توجّه راخوي إلى بروكسل للمشاركة في مجلس أوروبي في وقت يثير فيه الملف قلقاً في أوروبا أيضاً.