هل يقرّ الكونغرس الأميركي الانسحاب من الاتفاق النووي؟
حميدي العبدالله
ليس لدى الولايات المتحدة خيارات كثيرة بشأن الاتفاق النووي الموقع مع إيران. إلغاء الاتفاق متعذّر لأنه اتفاق دولي متعدّد الأطراف وليس بين الولايات المتحدة وإيران ليكون إلغاؤه بيد الولايات المتحدة. وقد أعلن أكثر من طرف دولي، بما في ذلك وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أنّ إلغاء الاتفاق ليس مفتاحه بيد واشنطن، لا سيما أنّ جميع حلفاء الولايات المتحدة الغربيين، بمن فيهم أقربهم إلى السياسة الأميركية، أيّ بريطانيا، أعلنوا تمسكهم بالاتفاق ورفضوا إلغاءه.
دعوة واشنطن إلى تعديل الاتفاق هي دعوة غير واقعية، لأنّ إيران ترفض رفضاً مطلقاً مجرد الحديث عن التعديل، وتوافقها الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق.
ليس أمام الولايات المتحدة من خيار سوى خيار الانسحاب من الاتفاق، أو الاستمرار بالالتزام به.
قرار الانسحاب أو الالتزام بالاتفاق نقله الرئيس الأميركي إلى الكونغرس الذي بات الآن مطالباً بتحديد موقفه من هذه المسألة.
الأرجح أنه في ضوء التوازنات داخل الكونغرس، فإنّ القرار سيكون مصيره مصير إحالة الرئيس أوباما ملف الردّ على ما زعم باستخدام السلاح الكيماوي من قبل الجيش السوري عام 2013، أيّ عدم اتخاذ أيّ قرار وإعادة الكرة إلى مرمى البيت الأبيض. لكن هذه المرة ليس هناك نزع سلاح سورية الكيماوي بوساطة من روسيا لمساعدة الرئيس أوباما بالنزول عن الشجرة، لأنّ إيران ترفض تقديم أيّ تنازل، وتوافقها على ذلك الدول الخمس الكبرى التي شاركت في التوقيع على الاتفاق.
لكن عندما تنتهي مهلة الستين يوماً ولن يصوّت الكونغرس على الانسحاب من الاتفاق أو المصادقة عليه، سيكون القرار للبيت الأبيض، ولكن من المعروف أنّ الرئيس ترامب بات محاصراً من الثلاثي العسكري، أيّ وزير الدفاع، ومستشار الأمن القومي، وكبير موظفي البيت الأبيض، وهؤلاء الثلاثة لا يؤيّدون الانسحاب من الاتفاق النووي، بل إنّ وزير الدفاع قال صراحة إنّ هذا الاتفاق هو في مصلحة الولايات المتحدة.
إذاً الاتفاق باقٍ والولايات المتحدة لن تنسحب منه، لكن على واشنطن أن تأخذ بعين الاعتبار أنّ طهران لن تقبل بأقلّ من الالتزام بكامل بنوده بما في ذلك رفع العقوبات.