.. وصدر الحكم: حبيب الشرتوني بطلاً والعدالة إلى منصة الإعدام…
اعتدال صادق
لن يتمكن الحكم الذي صدر بحق البطل الأمين حبيب الشرتوني والقاضي بـ«إعدامه» والأمين الراحل نبيل العلم، من تغيير وجه القضية. ولن يطمس الوجه السافر للخيانة.
والخيانة، لا تلغيها أية أحكام حتى الأحكام السماوية… فهي مبرَمة باسم الشعب، ولا من عدالة في العالم تستطيع أن تضع الخيانة على قمة الهرم الوطني. أو تلغي بطولة أقرّت بها الأعراف الوطنية والقوانين ولا يمكن إخراجها من سياق الحق الوطني، وإنْ ضلّت عدالة.
يا خجلَنا من التاريخ مرةً ثانية..
وهكذا، فبعد 35 عاماً على تنفيذ حكم الشعب ببشير الجميّل مجرماً وخائناً، الذي امتطى الدبابة «الإسرائيلية» للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى في لبنان… وبعد 35 عاماً على مجازر صبرا وشاتيلا.. بعد هذه السنوات كلها التي كان في بعض مفاصلها الشرتوني معتقلاً في سجون آل الجميّل في عصر بطل اتفاقية العار ـ 17 أيار ـ مع العدو، الذي لم يستطع عصر العار حتى مجرد التفكير في محاكمته، لتأتي المفارقة المؤلمة أنّ الشرتوني يأتي اليوم الذي يُحاكم فيه في عهد انتصار المقاومة وتألّقها. والمفارقة الأكثر إيلاماً أن تصدر الأحكام المخففة بحق العملاء. وينال من أسقط المشروع «الاسرائيلي» برمّته، حكماً مبرماً بدرجة الإعدام غير قابل القانوني.
عند هذا الحدّ تتّخذ المسألة قراءة أخرى، نتوجّس من خلفها تسوية ما في قضية بطل «بقيَ وحيداً» وتمسّ جوهر المقاومة لتجريمها والادّعاء عليها وإصدار الأحكام في حقها، فما الذي يمنع غداً الادّعاء على حاملي سلاح المقاومة، وإصدار مذكرات الجلب بحق المقاومين وسوْقهم إلى العدالة وتعليق المشانق لهم بأحكام مبرمة؟ عدا ملفات أخرى!
صحيح أنّ قدر الأبطال هو «الاستشهاد». وحبيب بطل، ولكن «عدالتكم» أصدرت حكماً بوفاتها. بل دُفنت وأهيل فوقها التراب من غير تشييع أو تكريم. هي تجاوزت حتى الدستور اللبناني الذي تتغنّى به هذه العدالة مع الحكم الذي صدر بحق مَن غيّر وجه التاريخ في قضية حق ساوت كلّ وجوده.
لقد راهنّا… وقد سقط رهاننا، على عدالة تبيّن أنها مرتَهَنة بالتزامات سياسية مشبوهة. وستأتي الأيام عاجلاً وستكشف ما اختبأ خلف الأكمة، ولن يكون هذا الكشف إلا صكوك عار أسقطت القضاء عن رتبة الشرف.
إنها لحظة دراماتيكية. هذه اللحظة التي نعيشها اليوم، أيها البطل القومي، أعذرنا لقد خذلناك، وقد شرّفتنا جميعاً.
لقد مرّغ القضاء وجهَ العدالة في وحل الخيانة، ليبقى وهج بطولتكَ، حضرة الأمين، نبراساً على دربه يسير المؤمنون بانتصار الحق على الباطل، ولو بعد حين آتٍ، بقدر مبرم..