العبادي: المجلس التنسيقي الأول «منعطف مهم».. سلمان: نحن أمام فرصة لبناء شراكة فاعلة
افتتح الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز ورئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي العراقي، بحضور وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية ريكس تيلرسون.
يأتي ذلك بعد وصول العبادي إلى العاصمة السعودية الرياض ضمن جولة تشمل عدداً من دول المنطقة من بينها تركيا والأردن ومصر.
وشكر الملك السعودي في بداية الاجتماع الوزير الأميركي على حضوره، ورأى فيه انعكاساً «للاهتمام الذي يوليه الرئيس ترامب والإدارة الأميركية للمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية والعراق» على حدّ تعبيره.
وبحسب وكالة «واس» السعودية فإنّ «الملك سلمان لفت إلى أنّ المنطقة تواجه تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد مما يستدعي التنسيق التام لمواجهة هذه التحديات».
كما أوضح الملك السعودي أيضاً «أنّ الإمكانات الكبيرة المتاحة تضعهم أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتهم المشتركة».
وعقب الاجتماع استقبل العبادي في مقرّ إقامته بالمملكة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز الذي غاب عن استقباله وعن مأدبة العشاء التي أقيمت على شرف الوفد العراقي أول أمس.
وجرى خلال اللقاء «بحث الإسراع بتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، والتأكيد على دعم السعودية لوحدة العراق، ومباركة الانتصارات التي حققها العراق، والتطلع للمزيد من التنسيق المشترك بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين».
فيما ألقى رئيس الوزراء العراقي كلمة في الاجتماع التنسيقي بين العراق والسعودية عبّر فيها عن «ارتياحه البالغ لتطور العلاقات بين البلدين»، مضيفاً أنّ «المجلس التنسيقي الأول العراقي السعودي هو ثمرة الجهود والنيات الطيبة المشتركة».
وبحسب العبادي فإنّ هذا المجلس سيكون «منعطفاً مهماً ومنطلقاً للتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في المجالات كافة».
وذكّر العبادي بالبرنامج الذي أطلقه أول أمس «لمستقبل المنطقة» يقوم على التنمية وبسط الأمن بدلاً من الخلافات والحروب.
وأكد رئيس الوزراء العراقي أنّ «تركيز التعاون ضد الإرهاب هو هدف مشترك للرياض وبغداد»، مشدداً على أنّ «العراق اليوم غير الأمس بعد دحره الإرهاب وتحرير المدن من داعش»، مضيفاً « نحن جادّون بالتعاون وصادقون في مدّ يدنا وسنعمل على إنجاح أي خطوة من شأنها ترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية».
ولفت العبادي إلى أنّه «لم يتبقَ إلا القليل لاكتمال النصر النهائي وتأمين الحدود العراقية السورية. وهو نصر لجميع العراقيين ولشعوب المنطقة… سنحسم المعركة قريباً»، كما دعا إلى «غلق كل الأبواب التي تسمح للإرهاب بالعودة وإبعاد منطقتنا عن النزاعات التي أرهقت شعوبها».
وشدّد العبادي على أنّ «المنطقة لا تحتمل المزيد من التقسيم ولا تحتمل استمرار النزاعات» ودعا لـ «إنهاء النزاعات المسلحة ووقف سياسات التدخل في شؤون الآخرين من أجل مصلحة خاصة لهذه الدولة أو تلك والبدء بمرحلة جديدة من التعاون الشامل والتكامل الاقتصادي المشترك».
وتطرّق العبادي في كلمته إلى «الاستفتاء الذي جرى مؤخراً في إقليم كردستان العراق»، قائلاً «الدستور هو الضامن لحلّ جميع المشاكل بين أبناء الوطن الواحد، ويساوي بين حقوق العرب والكرد والتركمان وبقية المكوّنات ويضمن توزيعاً عادلاً للثروة الوطنية».
وأضاف «الخروج عن الدستور والإجماع الوطني عرّض أمن البلاد ووحدتها وسلامة شعبنا للخطر، كما حصل في الاستفتاء الأخير، وقد وقف جميع العراقيين ضد محاولة التقسيم وأحبطوها، وكان لا بد أن نقوم بواجبنا لحماية وحدة البلاد وثروتها الوطنية التي هي ملك لجميع العراقيين وفق الدستور، وليست ملكاً لحزب أو شخص أو جماعة».
وأكد بيان صدر في نهاية اجتماع المجلس التنسيقي على أنّ «الاجتماع الثاني سيكون في العاصمة العراقية بغداد من دون تحديد موعد محدد له».
وبحسب البيان «ناقش الطرفان أولويات عمل المجلس خلال العامين المقبلين، كما اتفق الجانبان على إقامة منتدى الأعمال والاستثمار الذي يجمع رجال الأعمال السعوديين بنظرائهم العراقيين، وعلى مشاركة المملكة في معارض العراق، ومنها معرض بغداد الدولي ومعرض البصرة للنفط والغاز».
كذلك أكد البيان «إعادة تشغيل خطوط الطيران وافتتاح قنصلية للمملكة في العراق، والاتفاق على مراجعة اتفاقية للتعاون الجمركي بين البلدين ودراسة منطقة تبادل تجاري، وذلك عبر فتح المنافذ الحدودية وتطوير الموانئ والطرق والمناطق الحدودية».
وأشار البيان إلى أنه «تمّ الاتفاق على استفادة المملكة من المدن الاقتصادية المتاحة في العراق وعلى حصول شركات السعودية على رخصة للاستثمار في العراق في المجال الزراعي».
على صعيد آخر، ذكرت قناة «فوكس نيوز» الأميركية أنّ «وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يضغط على السعودية والعراق لتشكيل جبهة موحدة لمواجهة التصاعد الإيراني في الشرق الأوسط».
وبحسب القناة، توجّه الوزير الأميركي خلال زيارة قام بها إلى السعودية، إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ورئيس الحكومة العراقي حيدر العبادي بالقول «إنّ الاجتماع الأول المنعقد بين البلدين يشير إلى تحسّن في العلاقات، كما الإمكانات الكبيرة بين بلديكما».
وقال تيلرسون للصحافيين في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير «لن يؤدي مجلس التنسيق المشترك إلى تعاون أوثق في محاربة داعش فحسب، لكنه سيساعد أيضاً في دعم إعادة بناء المنشآت والبنية الأساسية في المناطق المحرّرة».
وأضاف: «أنّ المجلس سيساهم أيضاَ في إصلاحات تؤدي إلى نمو وتنويع القطاع الخاص في العراق».
وبحسب تيلرسون فإنّ «الإصلاحات ستشجّع الاستثمارات الأجنبية الضرورية لجهود إعادة إعمار العراق، وسيكون هذا مهماً لإرساء السلام المستحق بفضل المكاسب العسكرية».
ودعا وزير الخارجية الأميركية «القوات الإيرانية لمغادرة العراق لانتهاء المعركة ضدّ داعش».
من جهته قال الجبير: «إنّ المجلس التنسيقي السعودي العراقي سيرتقي بالعلاقات على المستويات كافة».
وأشار الوزير السعودي إلى أنّ «العلاقات السعودية الأميركية تاريخية واستراتيجية ونفتخر بهذه العلاقة وما أنجزته خلال ثمانية عقود».
وبحسب الجبير فإنّ «اجتماعه مع تيلرسون بحث مواجهة الإرهاب والتطرف سواء في سورية والعراق أو في منطقة الشرق الأوسط بشكل كامل، والخطر الإيراني على المنطقة والأوضاع في اليمن وأزمة قطر».
والتقى تيلرسون ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارته المملكة ضمن جولة تشمل أيضاً قطر وباكستان والهند وسويسرا.
يُشار إلى أنّ العبادي غادر الرياض إلى القاهرة محطته الثانية، ضمن جولة تشمل عدداً من دول المنطقة من بينها تركيا والأردن.
وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح زار العراق أول أمس، للدعوة إلى «تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين». وأثنى على «التنسيق القائم لدعم أسعار النفط الخام وكان أول مسؤول سعودي يُلقي كلمة في بغداد منذ عقود».