الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم

بتاريخ 13/04/2017 كنا قد عمّمنا نبذة بعد رحيل الرفيق حسن عبد الرحيم حملت عنوان «رحيل الرفيق المربي حسن ابراهيم عبد الرحيم»، وفيها رغبنا إلى من يملك معلومات عن والده الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم ان يكتب إلى لجنة تاريخ الحزب. لم يصلنا ما يُغني سيرته ومسيرته، وقد كان له حضوره الحزبي المتقدم، مما يفيد الاضاءة عليهما.

منذ مدة، وفيما كنت اراجع اعداداً قديمة لديّ من مجلة «صباح الخير» قرأت في العدد 456 تاريخ 10/11/1984 عن تشييع الرفيق ابراهيم عبد الرحيم، ننشره كما جاء في العدد المذكور، آملين ممن يملك اضافات مفيدة ان يكتب إلى لجنة تاريخ الحزب.

صافيتا ـ عزيز ياسر ـ خاص ـ «صباح الخير»

« بوفاة الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم احد رفقاء الرعيل الاول، فقد الحزب السوري القومي الاجتماعي احد الاوائل الذين التزموا بمبادئ الحزب منذ تأسيسه وشارك في نشر مبادىء النهضة في ارجاء الأمة منشئاً عائلة قومية اجتماعية تابعت مسيرة شيخنا الجليل.

وقد أقيم للشيخ ابراهيم عبد الرحيم يوم 29/10/1984 مأتم حاشد في بلدة بعمرة، منطقة صافيتا، شارك فيه حشد كبير من مواطني المنطقة. وكان على رأس المشاركين وفد مركزي برئاسة عضو المجلس الاعلى ــــ عميد الاذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين حافظ صايغ، والأمين نبيل سلامة.

وقد القى الشاعر جريس نعمان قصيدة شعرية بهذه المناسبة مشيداً بمآثر الفقيد الراحل مبيناً نضالاته ومظهراً صفاته الانسانية والحياتية.

ثم القى الاستاذ محمد عبد الرحمن عبد اللطيف كلمة آل الفقيد فقال:

رحمة الله عليك يا شيخنا، رحمة لا تفارقك وسلام الله على روحك الطاهرة، وماذا اقول عنك وجميع من حولك يعرفونك مثلي، وبعضهم يعرفك اكثر مني ولكنهم تكلموا بالدموع وأعربوا عن الاسى بالحرقة والصمت. كيف اتكلم عنك وسجلك عن ست وتسعين سنة في كل يوم منها لك مأثرة جديدة وفي كل ساعة لك وقفة عز واباء وشرف ونزاهة وأخلاص.

اما والله فان فينا من يعرف انك كنت وجه القرية وسورها الحصين، شرفها وعزتها وكرامتها، زمن كانت تصطك فيه الركب على اعتاب الاقطاع ويشهد الله انك عانيت في حياتك فشددت وحملت ما لم تحمله الجبال وعلّمتنا ان الدين معاملة والحياة عطاء وكفاك ان زرعت الايمان في ابناء بررة تفرقوا في سبيل فكرة، منهم في عمان والكويت وبيروت ولا همّ في ذلك فهم في وطننا الكبير يعطون مثل ما أعطيت بشموع تحترق لتنير هدى للناس.

لقد كنت خفيفاً، لطيفاً، ظريفاً في اشد ساعات الضيق مع الجرأة الادبية والمواقف الحازمة امام الغوغائيين الذين اتخذوا من الدين كسب وواسطة استعلاء. وكفاك فخراً انك قارعت الاستعمار الفرنسي سيد الاقطاعيين آنذاك، وكنت وجه هذه القرية المضيء حقبة من الزمان لا تنسى، ولا يزال ابناؤها ينعمون بالحرية الفكرية التي غرستها وبالانسان الجديد الذي ربيت.

كلمة عميد الاذاعة

وفي ختام التأبين القى عضو المجلس الاعلى ـ عميد الاذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين حافظ الصايغ كلمة الحزب، فقال: « ليس غريباً وجودنا بينكم هنا في بعمره وليس غريباً ان نأتي من قمم لبنان لكي نشارك في هذه المناسبة، اذ كنا وما زلنا نأتي دوماً إلى هنا لكي نستريح بينكم لانكم عمقنا وقوتنا وظهرنا. انتم الذين نعتمد عليكم في شدائدنا. ان هذا الشيخ الجليل الذي تحتضنه الارض التي احبها يرتاح الآن تحت هذه السنديانات مطمئناً فلقد آمن بهذه الارض وبرهن ان الايمان الحقيقي يتجلى بالتمسك بالارض والدفاع عنها مؤكداً ان اقتتالنا على السماء افقدنا الارض لكنه في نضاله كسب الارض والسماء معاً «.

ثم تابع: « ان ايمانك بالقومية الاجتماعية وتاريخك وأعمالك يدلان كم كان ايمانك بأرضك صادقاً وقوياً وان البذور التي بذرتها ليس الا انعكاس مباشر لايمانك وعطائك «.

ثم أضاف:» نحن نعرف شيخنا ونعرف بعمره فقد كان شيخنا رمز من رموزنا وجزء من تاريخ حزبنا وتعبير عن أصالة شعبنا ».

ثم تحدث العميد صايغ عن عائلة الفقيد فقال: « ان شيخنا لن يأسف لعدم وجود ابنائه هنا بيننا فلأنه يرى في هذه الوجوه الشابة ابناءه كلهم فهذا دليل على استمرارية ما بدأ.

لقد عرفنا ابناءه في الجبال والمعارك والسجون والتشرد وفي كل الشدائد فقد كانوا تربية لشيخ جليل عرف النضال ومارسه ضد الاقطاع والاستعمار ووقف بقوة ضد الذين ارادوا الدين مطية لاهوائهم…

وعن الوضع قال عميد الاذاعة:

« لقد أتينا نحمل إليكم همومنا ولكي نثبت مرة اخرى ان لا حدود بيننا ولا حواجز. فقد بدأ ايماننا منذ خمسين عاماً

بوحدة هذه الارض ووحدة هذا الشعب وقد اصبحت هذه الحقيقة وهذا الايمان حقيقة واقعة. لقد كانت تحيا سورية في لبنان تكلّفنا المعتقلات والتشريد والموت، واليوم تحيا سورية في لبنان ويحيا لبنان بسوريا. بفضل الجيش العربي السوري البطل الذي تخطى تلك الحواجز ودافع عن وطنه في لبنان فأمتزج دمه بدمنا فوق تراب لبنان وتحققت وحدة الدم مع وحدة التراب. لقد امتزج دمنا في صنين والجنوب مؤكدين وحدة المصير القومي الواحد. لقد حاربنا اليهود وعملاءهم معاً، حاربنا ونحن مطمئنين للقيادة الواعية للرئيس حافظ الاسد، فقد ادرك الرئيس الاسد بوعيه القومي ان هذه الحدود مصطنعة فكان دخول الجيش السوري إلى لبنان للدفاع عنه.

ثم تحدث عن الجنوب قائلاً: « لقد هُـزمت الانظمة في حربها مع «اسرائيل» لكن هذا الشعب لم يُـهزم فانطلق في مقاومة وطنية منتصرة على العدو تكبده الخسائر. وان توجهنا الوحيد لتحرير الجنوب هو المقاومة وليس المفاوضات والمعاهدات، فهذه المقاومة هي طريقنا واسلوبنا الذي نتعامل به مع العدو في صراعنا الوجودي.

ثم ختم كلمته قائلاً:

« اننا نقول بأن تحرير الجنوب مسؤولية دمشق وشرفها بانتصار الجنوب وشرف العالم العربي في الجنوب وشرف العالم العربي في شرف هذه الأمة.

وان عزة لبنان والشام في تحرير الجنوب وانتصاره.

وبعد انتهاء مراسم الدفن تقبل الوفد المركزي مع اهل الفقيد التعازي في منزل الفقيد في بلدة بعمره.

الرفيق الشيخ ابراهيم عبد الرحيم في سطور 1

ولد الشيخ ابراهيم عبد الرحيم في بلدة بعمره، منطقة صافيتا، محافظة طرطوس عام 1886، وكان من عائلة عريقة وكان شيخ بلدته بعمره على الصعيد الديني. لكن هذا لم يمنعه من الايمان بالفكر القومي الاجتماعي حيث مارس مقولة ان الدين علاقة فردية بين الانسان وخالقه وان رجل الدين له انتماؤه القومي ويحيا حياة أهله وأمته فانتمى إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي وهو في مرحلة العمل السري وذلك عام 1933 مع مجموعة من اهل بلدته مثل: ياسين ديب، وعبد الرحمن ابراهيم. لكنه لم يتسلّم اية مسؤولية حزبية وكان للشيخ ابراهيم شعبية كبيرة في اوساط ابناء منطقته لما عرف عنه من شهامة ودماثة في الخلق وخفة الظل مع الكلمة الجريئة، وكان له العديد من المواقف تجاه الاقطاع والاستعمار الفرنسي. ولقد انجب عائلة كريمة مناضلة وكان ابناؤه محمد، محمود، يونس، حسن، ياسين، عيسى، علم الدين على هدى والدهم واخلاقه.

وقد عاش الشيخ ابراهيم حياة حافلة بالاعمال وقد توفي في 29/10/1984 عن عمر يناهز السادسة والتسعين عاماً. وقد اصبح رمزاً من رموز الحزب في المنطقة كلها لتاريخه العريق في النضال من اجل ابناء منطقته وأمته. ومن الجدير بالذكر ان الزعيم كان يحتفظ للشيخ ابراهيم بمكانة خاصة في قلبه وقد عبر عن ذلك بعدة مناسبات اثناء زيارته للمنطقة.

سيبقى الشيخ ابراهيم رمزاً مضيئاً للاجيال خالداً في نفوس رفقائه والبقاء للأمة.

وردت في الصفحة 20 من عدد «صباح الخير» تاريخ 10/11/1984.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى