مدريد تطالب بإعلان رئيس الحكومة الكتالونية مطلوباً دولياً وتصدر بحقه «مذكرة توقيف أوروبية»
طالبت النيابة العامة الإسبانية بـ «إصدار مذكرة بحث وتوقيف دولية بحق رئيس حكومة إقليم كتالونيا المعزول، كارليس بوتشديمون»، وذلك بعد أن رفض العودة إلى وطنه من بلجيكا للمثول أمام المحكمة.
كما طالبت النيابة بـ «توقيف أربعة أعضاء آخرين في حكومة بوتشديمون الذين تجاهلوا الأمر القضائي بمثولهم أمام القضاء».
وفي السياق نفسه، مثل قادة كتالونيون انفصاليون أمس أمام محكمة في مدريد للإدلاء بإفاداتهم أمام قضاة وجّهوا إليهم تهمة التمرّد، فيما رفض رئيس كتالونيا الانفصالي المُقال كارليس بوتشيمون الحضور، مندّداً من بروكسل بـ «محاكمة سياسية».
ومن بين الأعضاء الـ14 في الحكومة المُقالة الذين تمّ استدعاؤهم للمثول أمام القضاء، خمسة لم يلبّوا نداء المحكمة من بينهم بوتشيمون الموجود في بلجيكا منذ الإثنين.
وكان أول الواصلين إلى المحكمة الوطنية، المسؤول الثاني في الحكومة الكتالونية أوريول جونكيراس تبعه ثمانية «وزراء» آخرين فيما تظاهر عشرات الأشخاص على مسافة، هاتفين باللغة الكتالونية «لستُم وحدَكم».
على خط موازٍ، مثلت رئيسة البرلمان الكتالوني كارمي فوركاديل، بالإضافة إلى خمسة نواب كتالونيين أمام المحكمة الإسبانية العليا المجاورة، المختصة بقضيتهم بسبب امتيازاتهم البرلمانية.
وأعلنت المحكمة العليا «إرجاء جلسة الاستماع إلى 9 تشرين الثاني بناء على طلب وكلاء الدفاع». ولم يتمّ تحديد سبب هذا التأجيل، لكن المحامين فوجئوا بمدة التأجيل القصيرة.
في المقابل، تستمرّ جلسة الاستماع في المحكمة الوطنية، وهي محكمة عليا متخصصة في القضايا الحساسة، إلى الوزراء في الحكومة الكتالونية المُقالة.
وطلب المدعي العام الإسباني «أن توجه إليهم جميعاً تهم اختلاس الأموال العامة والعصيان والتمرد». وقد تصل العقوبة القصوى للتهمتين الأخيرتين إلى السجن لمدة تتراوح بين 15 و30 عاماً.
ويتهمهم المدعي العام بـ «تشجيع حركة عصيان في صفوف الشعب الكتالوني في مواجهة سلطة مؤسسات الدولة الشرعية لتحقيق هدف الانفصال»، متجاهلين قرارات القضاء من بينها منع تنظيم استفتاء تقرير المصير في الأول من تشرين الأول الماضي.
وإذا قرّر القضاة تنفيذ طلبات النيابة العامة، بإمكانهم ليس فقط توجيه التهم إلى القادة الانفصاليين فحسب، إنما «الأمر بحبسهم احترازياً».
فيما رفض بوتشيمون المثول أمام القضاء بعد أن لجأ الى بروكسل برفقة أربعة من «وزرائه» المقالين وندّد بـ «محاكمة سياسية».
وعرض في بيان تكتيكاً مدبّراً لتقسيم حكومته. فكتب أن البعض سيمثل أمام المحكمة الوطنية «مندّداً بإرادة القضاء الإسباني في ملاحقة أفكار سياسية» أما الآخرزن فـ «سيبقون في بروكسل للتنديد أمام المجتمع الدولي بهذه المحاكمة السياسية».
واعتبر أحد أعضاء مكتب البرلمان الكتالوني كان من المفترض أن يُدلي بأقواله أمس، جوان جوزيب نويت، أن موقف بوتشيمون «غير مسؤول». وصرّح أول أمس لراديو كتالونيا «كل الذين ذكرت أسماؤهم للمثول قد ينتهي بهم الأمر في السجن الاحتياطي».
وقال سلف بوتشيمون أرتور ماس، رئيس هيئة الحكم الكتالوني من 2010 حتى 2016، إلى الصحافة في مدريد «إن الملاحقات القضائية تساهم في تنامي شعور الظلم في كتالونيا».
وأضاف «إذا تنظرون إلى استطلاعات الرأي الأخيرة، ستستنتجون أنّ الشعور والرغبة بالاستقلال يكبران في بلدنا، كتالونيا».
وأمام رفض بوتشيمون والوزراء الأربعة المثول، من المفترض أن تطلب النيابة العامة توقيفهم وأن يُصدر القاضي الإسباني «مذكرة توقيف أوروبية».
وبناء على ذلك، سيكون أمام القضاء البلجيكي مدة 60 يوماً لتسلّمهم إلى إسبانيا، وهي مهلة قد تُرجئ عودته الى ما بعد الانتخابات في 21 كانون الأول.
ويمكن لبوتشيمون «أن يطلب الإدلاء بأقواله في بلجيكا»، حسب ما قال محاميه البلجيكي الذي سبق أن جنّب إسبان باسكيين يُشتبه بانتمائهم الى منظمة «إيتا» الانفصالية الباسكية، الذهاب إلى إسبانيا.
وأوضح المحامي بول بيكارت للتلفزيون الكاتالوني «تي في 3» أنّ بوتشيمون «لن يذهب الى مدريد. اقترحت استجوابه هنا في بلجيكا».
يرى المحللون في سلوك بوتشيمون «استراتيجية انتخابية» قبل 50 يوماً من الانتخابات التي يأمل الانفصاليون الفوز خلالها بالأكثرية التي استخدموها في تشرين الثاني 2015 لبدء عملية الانفصال.
وفي برشلونة، دعت الجمعية الوطنية الكتالونية الانفصالية إلى تظاهرتين، الأولى أمام مبنى الحكومة والثانية مساء أمام البرلمان، احتجاجاً على الملاحقات القضائية.
هذا، واعترف مجلس مدينة برشلونة، عاصمة إقليم كتالونيا، بأن البرلمان المحلي هو «الممثل الشرعي الوحيد لسكان كتالونيا» وبشرعية حكومة كارليس بوتشديمون المقال من قبل السلطات الإسبانية، والتي تمّ تشكيلها نتيجة انتخابات 27 أيلول من العام 2015.
كما رفض المجلس تفعيل الحكومة الإسبانية للمادة 155 من الدستور و «استنكر ردّ الدولة الاستبدادي» على تنظيم استفتاء استقلال الإقليم في 1 تشرين الأول الماضي.
وفي الوقت نفسه رفض مجلس برشلونة الاقتراح الذي تقدم به حزب CUP لـ «الاعتراف بإعلان الجمهورية الكتالونية الذي أقره البرلمان في 27 تشرين الأول».