الحشد الشعبي يستعدّ للمشاركة في البوكمال… والجيش السوري يُنجز تحرير دير الزور ولايتي في بيروت: رسائل متعدّدة بين حماية وحدة سورية وسيادتها والحوار مع السعودية
كتب المحرّر السياسي
بسرعة وحزم كان الردّ المشترك لمثلث الجيش والشعب والمقاومة في سورية على العدوان «الإسرائيلي» واللعبة الهادفة لخلق أمر واقع معاكس لمسار التطورات في كل سورية. فالمواجهة التي خاضها الجيش السوري مدعوماً من المقاومة دفاعاً عن بلدة حضر في سفوح جبل الشيخ، ومعهما الشعب في الجولان منتفضاً وفي الميدان مقاتلاً، أسفرت عن استرداد كل النقاط التي تقدّمت نحوها جبهة النصرة بدعم «إسرائيلي» مكشوف ومباشر. وقالت مصادر متابعة في جبهات القتال إن الهجوم المعاكس على مواقع النصرة مستمر بعد النجاح بامتصاص الهجوم الذي هدف إلى خلق أمر واقع يترجم مفهوم الحزام الأمني الذي بشرت به «إسرائيل» دائماً، بواسطة جبهة النصرة، وهي تضع على الطاولة للتفاوض عرضها الذي أبلغه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته الأخيرة لموسكو وعنوانها، النصرة مقابل حزب الله، طالباً ضمانات بانسحاب حزب الله من جنوب سورية مقابل وقف دعم جبهة النصرة.
انتصارات ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة بوجه تحالف «إسرائيل» وتنظيم القاعدة جنوب سورية يسقط معادلتي الحزام الأمني والمقايضة «الإسرائيلية» التي رفضتها سورية وروسيا وقوى ودول محور المقاومة، ويتكامل مع إنجاز كبير أعلن عنه الجيش السوري رسمياً بعدما أتمّ تمشيط الأحياء من بقايا داعش، فصارت مدينة دير الزور، المدينة التي قال الأميركيون إنها العاصمة البديلة لداعش بعد الموصل والرقة، صارت آمنة وتحت السيطرة الكاملة للجيش السوري، بينما تستعدّ وحدات الجيش والمقاومة والحلفاء لمعركة فاصلة أخيرة مع داعش في البوكمال، التي قالت مصادر عسكرية عراقية إن الحشد الشعبي يستعدّ للمشاركة فيها مع الجيش السوري والمقاومة من جهة الحدود العراقية السورية.
الحدث الأبرز لبنانياً وإقليمياً، كانت زيارة مستشار الشؤون الدولية للمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية الإمام علي الخامنئي الدكتور علي ولايتي لبيروت، حيث كان لقاؤه مع رئيس الحكومة سعد الحريري بما يرمز إليه اللقاء في ظروف الاشتباك السعودي الإيراني، وبتوقيت يلي زيارة الرئيس الحريري للرياض، وما تسرّب عن مناخات إيجابية للقاء وسط تكتّم على مضمونها لطرح تساؤلات حول فرضية تولي الحريري دوراً في وساطة بين السعودية وإيران بتكليف سعودي، بعدما كان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي طرح مبادرة حوار بين إيران والسعودية لقيت قبولاً من الرياض وطهران، ويشكل البند الأول فيها هدنة إعلامية، كان واضحاً أن الرئيس الحريري حمل مقترحات بصددها بعد عودته من الرياض.
من جهة ثانية، أعلن عقب لقاء ولايتي برئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن خطوات رسمية لترتيب زيارة عون إلى إيران وهي زيارة معلوم أنها لن تكون بمنأى عن طروحات الرئيس اللبناني لدور لبنان في تقريب المواقع والمواقف بين الأقطاب الإقليميين بدلاً من الانقسام على جبهاتها، بعدما سبق وقال ذلك للسعوديين خلال زيارته للرياض التي خصّها بأول زيارة خارجية بعد توليه رئاسة الجمهورية.
الموقف اللافت الذي أصدره ولايتي، عن نية محور المقاومة تحرير الرقة بعد تحرير البوكمال، شكّل الرسالة الأهم في زيارته، تعبيراً عن تمسك محور المقاومة في مرحلة ما بعد إسقاط خطر الانفصال والتقسيم في العراق بحماية وحدة سورية وسيادتها بقوة، واعتبار العبث الأميركي وراء العنوان الكردي خطاً أحمر لن يتمّ التعامل معه بمرونة، خصوصاً في ضوء نتائج لقاءات القمة الروسية الإيرانية، التي اعتبرت مصادر مطلعة كلام ولايتي أول تعبيراتها.
هل حمل الحريري رسالة إيرانية إلى السعودية؟
خرقت زيارة مستشار رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي الى لبنان الجمود السياسي الذي يخيّم على المشهد الداخلي والذي سيمتدّ الى منتصف الأسبوع المقبل، بسبب جولة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المكوكية التي ستشمل بعد السعودية مصر واليونان.
غير أن لقاء المسؤول الإيراني الـ «فوق العادة» مع رئيس الحكومة اللبنانية والتصريحات التي أطلقها من السراي الحكومي، لم تكن حدثاً سياسياً عادياً في ذروة التصعيد بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية من جهة وإيران وحزب الله من جهة ثانية، وما أضفى على اللقاء أهمية إضافية هو الزيارة الخاطفة والمفاجئة للرئيس الحريري الى المملكة السعودية الذي زارها منذ أيام، ما يطرح تساؤلات عن توقيت وهدف الزيارة… فهل نقل الحريري رسالة إيرانية ما الى القيادة السعودية بعد أن حُمِل الحريري رسالة سعودية إلى المسؤولين اللبنانيين؟ وهل هناك من دور للحريري على خط التفاوض والوساطة بين طهران والرياض؟
مصادر مطلعة أشارت لـ «البناء» إلى أن «الخطاب التصعيدي السعودي الذي طبع الساحة السياسية الداخلية على مدى أيام والرسائل المتعدّدة باتجاه الضاحية وطهران يُخفي في طياته محاولات سعودية لإحداث اختراق تفاوضي مع إيران. فالسعودية واضح أنها تسير على خطين متوازيين: الأول هجومي تصعيدي بالشراكة مع الولايات المتحدة و«إسرائيل» والثاني تفاوضي مع إيران وحزب الله، وما المطالب السعودية التي حملها الحريري خلال زيارته المملكة منذ أيام لهدنة إعلامية سياسية مع حزب الله إلا مؤشر على ذلك».
وأشاد ولايتي من السراي الحكومي بعد لقائه رئيس الحكومة بحضور السفير الإيراني في لبنان محمد فتحعلي، بالرئيس الحريري والحكومة والشعب في لبنان، وقال: «أجرينا لقاء جيداً وإيجابياً وبنّاء وعملياً مع الرئيس الحريري المحترم، خصوصاً أن العلاقات الإيرانية – اللبنانية دائماً بنّاءة وجيدة، وإيران تدعم وتحمي دائماً استقلال لبنان وقوته وحكومته وهي تحفّز وترحّب بذلك»، مشيداً «بالرئيس الحريري والحكومة والشعب»، معتبراً «أن تشكيل حكومة ائتلافية بين 14 آذار و8 آذار يشكّل انتصاراً ونجاحاً كبيراً ومباركاً للشعب اللبناني». ولفت في المقابل إلى أن «الانتصار اللبناني ضد الإرهابيين والانتصار السوري والعراقي يشكّلون انتصار محور المقاومة على مستوى المنطقة وهذا انتصارنا جميعاً».
..وفي الضاحية
وانتقل ولايتي إلى الضاحية الجنوبية، حيث عقد لقاءً مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، بحضور السفير فتحعلي، والمستشار الثقافي السيد محمد مهدي شريعتمداري، حيث جرى استعراض لآخر التطورات السياسية في لبنان وسورية والمنطقة.
ولفتت مصادر «البناء» الى أن «ولايتي شخصية في صلب دائرة القرار الإيراني ويعتبر وزير خارجية الإمام علي الخامنئي ووجوده في بيروت بالذات وفي مؤتمر له علاقة بالمقاومة، من الطبيعي أن يلتقي السيد نصرالله كأحد أعمدة محور المقاومة، حيث وضع ولايتي نصرالله بأجواء القيادة الإيرانية في العناوين المطروحة على الساحة الإقليمية والسورية خصوصاً، كما أطلعه على نتائج لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والإمام الخامنئي لا سيما في ما يتعلق بالساحتين اللبنانية والسورية، حيث هناك توافق بين موسكو وطهران على ضرورة الاستقرار في لبنان». كما اعتبرت أن «بيروت لا زالت حتى الآن تشكل ساحة تقاطعات للخصوم الإقليميين وليس ساحة تصادم». وتوقعت المصادر أن تضفي هذه الزيارة واللقاءات التي أعقبتها الى «تعزيز الاستقرار السياسي والأمني الذي سيحكم الوضع الداخلي اللبناني خلال الأشهر المقبلة على أقلّ تقدير». ولفتت المصادر الى أن «زيارة ولايتي في وقت يحقق محور المقاومة انتصارات استراتيجية على الإرهاب في سورية والعراق، وهذا له دلالة لجهة تثبيت هذه الانتصارات التي ستشكّل مشهداً سورياً وإقليمياً ودولياً جديداً من البوابتين السورية والعراقية، وأظهرت طهران بأنها الركن الأساسي والمحوري في محور المقاومة».
نصرالله يطل في يوم الشهيد
وفي غضون ذلك، يطل الأمين العام لحزب الله بمناسبة يوم الشهيد في 11 من الشهر الحالي في احتفال يقيمه الحزب في المناسبة، على أن يتمحور الخطاب حول ثلاثة عناوين، بحسب معلومات «البناء»:
الأول التطورات السياسية والميدانية على الساحة الفلسطينية بعد العدوان «الإسرائيلي» على غزة والمصالحة الفلسطينية الفلسطينية وفي ضوء لقاء السيد نصر الله مع نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري.
الثاني الوضع السوري مع تحرير محافظة دير الزور والقائم العراقية من المجموعات الإرهابية، وسط ترجيحات ميدانية عن سقوط مدينة البوكمال قبل 11 الحالي.
أما العنوان الثالث فهو الحركة الدبلوماسية الداخلية مع زيارة ولايتي إلى بيروت والموقف الإيراني الداعم للاستقرار في لبنان وزيارة الحريري المكوكية والتصعيد السعودي تجاه الحزب.
عون: دور إيراني في النازحين
وفي بعبدا أجرى ولايتي ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون جولة أفق في الأوضاع الراهنة إقليمياً ودولياً، والتطورات العسكرية والسياسية الحاصلة في سورية والعراق. كما تطرّق إلى الاتصالات الجارية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وأكد الرئيس عون أنه في إمكان الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن تلعب دوراً فاعلاً في الوصول إلى حل لمعاناة النازحين السوريين والمساعدة على إعادتهم إلى أرضهم لا سيما في المناطق التي تنعم باستقرار أمني. وأعرب الرئيس عون للمسؤول الإيراني عن رغبة لبنان في تعزيز العلاقات الثنائية وتطويرها في المجالات كافة، واعداً بتلبية الدعوة التي وجّهها إليه الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني لزيارة طهران.
وكان ولايتي نقل إلى عون تحيات الخامنئي والرئيس الإيراني مجدّداً الدعوة التي كان وجهها إليه للقيام بزيارة رسمية إلى طهران. وحيّا ولايتي الجهود التي يبذلها الرئيس عون والحكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري للمحافظة على الاستقرار في لبنان ما ساعد في تحقيق الانتصارات ضد التنظيمات الإرهابية في الجرود اللبنانية.
كما التقى ولايتي رئيس مجلس النواب نبيه في عين التينة ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وأشار ولايتي الى أن «الجهود تُبذل بشكل حثيث على ساحة الجهاد والنضال، يجب أن تترافق مع جهود ومساعٍ دبلوماسية لتُستكمل هذه الجهود النضالية»، لافتاً الى أن «لحكومة روسيا ولشخص الرئيس بوتين دوراً بارزاً وتأثيراً كبيراً في مجال التعاون والمساعدة على التقدم في محور المقاومة».
لجنة الانتخابات: من «بحص» إلى «دبش»
إلى ذلك، لم تتمكن اللجنة الوزارية المكلفة البحث في سبل تطبيق قانون الانتخاب التي انعقدت أمس، في بيت الوسط برئاسة الرئيس الحريري، في التوصل الى اتفاق حول البنود الخلافية العالقة، بل تحوّلت من «طبخة بحص» إلى طبخة «دبش»، ما يشير الى تعمق الخلاف بين التيار الوطني الحر من جهة وتيار المستقبل وحركة أمل من جهة ثانية. فقد دار النقاش بحسب معلومات «البناء» حول الهوية البيومترية والتسجيل المسبق للناخبين في أماكن سكنهم، وبقي الخلاف قائماً حولهما، على أن تستكمل النقاشات في الأيام المقبلة.
وقد دلّت تصريحات بعض أعضاء اللجنة، على وجود تباعد في مقاربة تطبيق القانون، إذ قال وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس «لم نتفق بعد في شأن البطاقة البيومترية وسنتابع البحث بعد عودة الحريري من السفر»، لفت وزير الداخلية نهاد المشنوق الى أنّ «التقدم محدود، وهناك أسئلة طرحت في حاجة إلى أجوبة والوقت داهم». من جهته، أصرّ وزير المال علي حسن خليل على موقفه بأنّ «الأولوية هي للانتخابات ولعدم ربطها بالبطاقة البيومترية»، فيما أشار وزير المهجرين طلال أرسلان الى أن «هناك سلة طروحات مرتبطة ببعضها لوضوح صورة إجراء الانتخابات وننتظر ردّ الوزير نهاد المشنوق في موضوع قدرات وزارة الداخلية في تطبيق الإصلاحات»، مضيفاً «العملية كانت طبخة بحص فأصبحت طبخة دبش، وننتظر أجوبة وزير الداخلية لا سيما على التسجيل المسبق».
غير أن مصادر مطلعة أوضحت لـ «البناء» الى أن «ما تشهده نقاشات لجنة القانون هي مماطلة ظرفية حتى تحين لحظة نضوج الظروف الضاغطة على جميع الأطراف لدفعها الى السير بقانون الانتخاب وفكفكة العقد التقنية في القانون وإجراء الانتخابات في موعدها»، جازمة بأن رئيس المجلس النيابي ومعه حزب الله وكذلك الرئيس عون لن يسمحوا بأي شكل من الأشكال تأجيل الانتخابات أو تمديد جديد مقنع للمجلس، مشيرة الى أن «الخلاف الحالي حول تطبيق القانون ظاهره تقني، لكن باطنه سياسي».
على صعيد آخر، وقّع رئيس الجمهورية قانون موازنة العام 2017 الذي أقرّه مجلس النواب قبل أيام.