الهاشم: لا إمكان بعد اليوم لتأجيل إقامة الدولة المدنيّة طرابلسي: حرّية المعتقد مصونة بالدستور… والمشروع لا يعني الإلحاد
أطلقت نقابة المحامين في بيروت من بيت المحامي، مشروع الزواج المدنيّ الاختياري بحضور النائب غسان مخيبر ممثّلاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رولا بيضون ممثّلةً رئيس مجلس الوزراء المستقيل سعد الحريري، رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، الدكتورة ميسم نويري ممثّلة وزير العدل سليم جريصاتي، عميد القضاء في الحزب السوري القومي الاجتماعي المحامي ريشار رياشي على رأس وفد حزبيّ ضمّ عميد الثقافة والفنون الجميلة الدكتور خليل خير الله، عضو المجلس الأعلى المحامي سماح مهدي، ومدير دائرة المحامين المحامي ميشال عاد. كما حضر عضو الكتلة القومية الاجتماعية النائب الدكتور مروان فارس، الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة، ونقباء سابقون للمحامين وحشد من القضاة والمحامين والأكاديميين.
الهاشم
بعد النشيد الوطني ونشيد النقابة، قدّمت المحامية نادين الخوري الخطباء، فألقى نقيب المحامين أنطونيو الهاشم كلمة قال فيها: لو أنّ للحرية أمّاً في بلادنا لبكت عليها. ومَن لا يقرأ التاريخ جيداً، لا يمكنه أن يرسم خارطة المستقبل. فالتاريخ هو العالم الأكبر، وفيه كلّ العبر. ولهذا العالم قانون طبيعي، وقاعدة طبيعية. فأمهاتنا خلقننا أحراراً. ثمة حواجز قائمة بين مواطن وآخر تقيمها شرائع مختلفة في الشكل والنهج، تطبقها المحاكم على أنواعها. وهذا ما يجافي أبسط مبادئ الديمقراطية المتعارف عليها، أضف إلى ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وأضاف: لقد تزامن وضع المشروع الذي نطلقه اليوم، والسير بمبادئ أساسية وجوهرية تعتبر الأساس، ومنها: استقلال التشريع عن المعتقدات الدينية المتعدّدة، فالمعتقدات الدينية إلى جانب التقاليد والاعتبارات الملازمة لها تبقى جديرة بالاحترام، وللمشترع أن يستوحي منها ما يشاء، إنما تبقى له الاستقلالية تجاهها، ويبقى لكلّ مواطن أن يرعى إلزامات دينه بملء إرادته إن أراد. أيضاً لا بدّ من مراعاة حقوق الإنسان وإرساء مبادئ الديمقراطية التي من أهمّ قواعدها تأمين المساواة وحرّية المعتقد، إذ هما ـ المساواة وحرّية المعتقد ـ من أهمّ ركائز حقوق الإنسان الأصلية.
وتابع: هذا من ناحية، من ناحية أخرى حرص المشروع على تمتين الروابط العائلية والزوجية. فالزواج مؤسسة قانونية، كما أنّ شروط عقد الزواج وانحلاله ومفاعيله تتعلق بالنظام العام. ماذا بعد، وليس لنا في لبنان قانون موحّد للأحوال الشخصية، فالزواج المدنيّ الحاصل في الخارج يعتبر صحيحاً بكافة مفاعيله ويستوجب القيد في سجلّات الأحوال الشخصية مع بقائه ضمن سلطة القانون الذي احتفل بموجبه في بلد العقد من دون تحديد لشكل هذا العقد، مدنياً كان أم دينياً، ويبقى الزواج المعقود مدنياً في بلد أجنبي خاضعاً لقوانين هذا البلد شكلاً ومضموناً.
وأردف: إذا كان نظام الأحوال الشخصية الذي يخضع له الزوج لا يعترف بهذا الزواج، فيكون الزواج صحيحاً ونافذاً ويستوجب القيد في السجلات المدنية من دون اتخاذ أيّ إجراء دينيّ يقابله، إنما على أساس تطبيق قاعدة المكان يسود العقد، ويبقى للمحاكم المدنية اللبنانية الصلاحية الشاملة للنظر في كل خلاف ينشأ عن عقد زواج مدنيّ في بلد أجنبي بين لبنانيين، أو بين لبناني وأجنبي إذا كان مستوفياً أحكام القانون المدني الأجنبي، أي قانون مكان إجراء عقد الزواج طالما لا يوجد بعد في لبنان قانون مدنيّ في قضايا الأحوال الشخصية.
وقال: إن نقابة المحامين في بيروت، وهي راعية الحرّيات وسندها، كانت ولا تزال الرائدة في طرح القانون المتعلق بالزواج المدني الاختياري في لبنان. وها نحن اليوم، ومن خلال لجنة صوغ هذا المشروع، القديم الجديد، أمام مشروع قانون عصري للزواج المدني الاختياري عقب نيله موافقتنا على النحو المقدم من هذه اللجنة التي يرأسها الزميل البروفسور ابراهيم طرابلسي. إنه مشروع قانون عصريّ مستوحى من أحدث التشريعات والأنظمة المعمول بها، لا سيما من تلك التي صيغت منذ عقود في لبنان. هذا المشروع له الطابع الاختياري ولا يمسّ على الإطلاق مؤسّسة الزواج الديني، لكنه يعطي في الوقت عينه أيّ مواطن الحقّ باختيار إحدى هاتين المؤسّستين، عنيت بهما الزواج المدني أو الزواج الديني.
وأضاف الهاشم: إن نقابة المحامين سعت وتسعى جاهدة في إيّ مشروع تقوم به، إلى مراعاة مبدأي العدالة والحداثة. هذا المشروع دونه عقبات، إلا أنه يلبّي رغبة شريحة كبيرة من اللبنانيين ويخفّف عنهم أعباء الانتقال إلى البلاد المجاورة لعقد الزواج. وإلى جانب هذا وذاك، فالمشروع يحول دون تفكّك العائلة. والسلطة الصالحة لعقد الزواج هي واحدة، من دون أن ننسى أنه، رغم اختلاف الطائفة والمذهب، فإن المساواة في الحقوق والواجبات تبقى متحقّقة في هذا المشروع.
وتابع: لقد آلينا على أنفسنا بأن نسعى، رغم الصعوبات التي واجهتنا والتي قد تواجهنا، في سبيل إعمال وتفعيل مشروع قانون الزواج المدني بالتعاون الوثيق والبنّاء مع مختلف الشرائح السياسية وهيئات المجتمع المدني توصّلاً إلى إقراره عبر السلطة التشريعية. فالمشروع هذا هو بحجم الوطن ويعني كل اللبنانيين، فلا إمكان بعد اليوم لتأجيل إقامة الدولة المدنية.
وأردف: لهذا، فإننا ندعو الجميع إلى المشاركة في العمل على إقامة الدولة المدنية بكلّ أبعادها حيث لا يكون فرض لدين بالإكراه ولا رفض لدين بالإنكار. كما وندعوهم إلى الانخراط في بناء الدولة المدنية متساوين أحراراً، فبلادنا جمهورية لبنانية والشعب مصدر السلطات.
وختم الهاشم: يبقى أن نذكّر بأن العمل السياسي أمر، ومصلحة الوطن أمر آخر. فعندما يتحوّل العمل السياسيّ لدى رجال السياسة إلى معادلة أخلاقية، تسقط كلّ المغريات، وتبقى الكرامة المرتبطة بنبل الذات، بنبل القضية التي لطالما التزم بها، خلاصتها محبة الناس وحماية القيم ومصلحة الوطن.
طرابلسي
وتحدّث رئيس لجنة صوغ المشروع الدكتور فؤاد طرابلسي عن إشكالية القانون المدنيّ للأحوال الشخصية. واستعرض مراحل اعتراف الدستور بالطوائف التي زاد عددها إلى 18.
وتطرّق إلى ظروف تشكيل لجنة صوغ المشروع التي جاءت استكمالاً لنضال نفابة المحامين، لأنّ هؤلاء الشباب من أوّل أهداف النقابة، والمشروع يشكل صون الحرّيات والانصهار الوطنيّ.
وشدّد طرابلسي على أنّ حرّية المعتقد مصانة بالدستور، والمشروع لا يعني الإلحاد.
وأشار إلى مشاريع سابقة مقدّمة في هذا الخصوص، منها المشروع المقدّم من كتلة نواب الحزب السوري القومي الاجتماعي، وغيره من الأحزاب، وصولاً إلى مشروع الحكومة الكامل الذي صدّق عليه مجلس الوزراء عام 1998 في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، ولم يسلك طريقه إلى التنفيذ لأنّ الرئيس رفيق الحريري الراحل أيضاً لم يوقّعه.
ودعا طرابلسي إلى ترك الحرّية للناس ليقرّروا، وكفى استيراد قوانين من الخارج. فدور النقابة المشاركة في التشريع وهي حارسة وضابطة. مذكّراً بأنّ دولتنا هي دولة علمانية. ولنتحاور حول المشروع بالاحترام والمحبّة، لا برشق من ينادي به بالإلحاد.
مشاركات
وفصّلت الدكتورة زينة عبيد أبواب الكتاب والعناوين التي اندرجت ضمنها القوانين الـ101. وتحدّث المحامون: إيلي قليموس، لمى حريز، جينيفر فرحات، وألين نمّار عن مواد مشروع القانون الواردة تحت أربعة كتب هي: عقد الزواج، انحلال الزواج، الهجر، والوسائط الإجبارية.
أخيراً، أثنى المحامي موريس الجميّل على دور النقابة واللجنة التي مكّنت المشروع ليبصر النور، وشكر الحضور. ووُزّع كتيّب على المشاركين يتضمّن المشروع ومواده.