بمشاركة الولايات المتحدة تفتتح الأسرة الدولية.. قمة المناخ الـ23 في بون
افتتحت قمة المناخ الـ23 أمس، في بون بدعوات مؤثرة ولا سيما من رئيسها الفيجي إلى «التحرّك بصورة عاجلة ضد الاحتباس الحراري»، في أول لقاء من نوعه منذ إعلان الانسحاب الأميركي من اتفاقية باريس حول المناخ.
وقال رئيس وزراء فيجي ورئيس القمة المعروفة بـ «كوب 23» فرانك باينيماراما، خلال مراسم افتتاح القمة التي تنظمها الأمم المتحدة «طلبنا الجماعي إلى العالم هو أن يحافظ على الوجهة التي حددت في باريس» عند التوصل إلى الاتفاق حول المناخ في نهاية 2015.
وفي ظلّ التقارير المناخية الأخيرة المقلقة، تجتمع الأسرة الدولية حتى 17 تشرين الثاني بهدف إحراز تقدم في تطبيق اتفاق باريس حول المناخ، وهو موضوع ملحّ غير أنه في غاية الدقة.
وتشارك الولايات المتحدة في القمة، رغم إعلان الرئيس دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق في قرار لا يدخل حيّز التنفيذ سوى عام 2020.
وأكد تقرير علمي أميركي صدّقه البيت الأبيض الجمعة الماضي «أنّ المرحلة الحالية هي الأكثر حراً في تاريخ الحضارة المعاصرة»، محذراً بأنّ «الوضع سيتفاقم في غياب تخفيض كبير للغازات المسببة للاحتباس الحراري».
ومن المتوقع أن يكون 2017 العام الأكثر حراً بين الأعوام التي لم تشهد ظاهرة إل نينيو، الظاهرة التي تحدث كل ثلاث إلى سبع سنوات وتتسبّب بارتفاع الحرارة، بحسب ما أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أمس في بون.
وقال الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس إنّ «السنوات الثلاث الأخيرة هي الأعوام الأكثر حراً على الإطلاق، وهي تندرج في إطار ميل الكوكب إلى الاحترار على المدى البعيد».
وقبل أيام من انعقاد قمة المناخ، حذرت حصيلة صادرة عن الأمم المتحدة من الفارق «الكارثي» بين الأفعال والحاجات، في ختام سنة شهدت كوارث طبيعية كبرى رجّح الخبراء أن تتواصل في ظل اختلال المناخ، وبينها الإعصار إيرما، أشدّ إعصار في التاريخ في المحيط الأطلسي، والإعصار هارفي الذي تسبّب بأمطار كانت الأكثر غزارة التي تمّ تسجيلها على الإطلاق بعد إعصار.
وهذه أول مرة تترأس فيها قمة المناخ جزيرة صغيرة هي من الدول التي تواجه أشدّ الأخطار وهي أكثرها التزاماً في هذه المعركة.
وقال رئيس تحالف الجزر الصغيرة طارق ابراهيم، وهو من المالديف، «إن كانت مشاهد الدمار في الكاريبي لا تعطي أدلة واضحة بما يكفي على حقيقة الخسائر، إذا لا أعرف ما الذي يمكن أن يشكّل دليلاً».
وتابع «لحسن الحظ، نرى كل الدعم الذي قدّم لاتفاق باريس منذ 2015 من مستوى الميدان إلى أعلى المستويات، ونرى اقتصادات كبرى تعلن عن مبادرات طموحة. نأمل أن تتواصل هذه الدينامية».
والتزمت الدول في نهاية 2015 في باريس بنسب تخفيض للغازات المسبّبة للاحتباس الحراري تبدو اليوم غير كافية. ويحذر العلماء من أنه في حال أراد العالم إبقاء الاحتباس دون نسبة 2 في المئة بالمقارنة مع حقبة ما قبل العصر الصناعي، فإن ذروة انبعاثات غازات الدفيئة ينبغي أن تسجل عام 2020 كأبعد تقدير.
والمطلوب الآن هو حمل الدول على مراجعة طموحاتها. والمرحلة الأولى تقضي ببدء «حوار» في بون يستمر سنة حول الخطوات المتخذة والواجب اتخاذها.
كما يتحتم على هذه القمة الـ23 إحراز تقدّم بشأن قواعد تطبيق اتفاق باريس، وهي مرحلة فنية إلى جانب كونها سياسية بامتياز، ومن النقاط التي تشملها كيفية رفع الدول تقارير حول ما تتخذه من خطوات، وآلية متابعة المساعدة المالية التي تُعدّ بها الدول الغنية.
وتُعقد القمة في ظل الغموض الذي يلفّ الموقف الأميركي. فواشنطن التي تعتزم الخروج من اتفاق باريس غير أنه لن يكون بوسعها تنفيذ قرارها عملياً قبل تشرين الثاني 2020، أكدت مرة جديدة عزمها على المشاركة في المناقشات حول قواعد التطبيق سعياً «لحماية مصالحها» الوطنية.
لكن أندرو ستير الخبير في «معهد الموارد العالمية»، مركز الدراسات الذي يتخذ مقرّاً له في واشنطن، قال «لا نتوقّع إنجازات كبرى» من الجانب الأميركي.
وقال الخبير إن «هذا المؤتمر المناخي في غاية الأهمية، لأن التحدّيات على أعلى مستوى: فالمطلوب خلال سنتين لا يقتصر على أن تحقق الدول ما وعدت به فحسب، بل كذلك أن تلتزم بالمزيد».
وذكر ازدهار الطاقات المتجدّدة والجهود الصينية على صعيد البيئة، موضحاً «الوضع مشجّع، لكن المشكلة الوحيدة هي أن الأمور لا تسير بالسرعة الكافية».
كما قالت الخبيرة في معهد الموارد العالمية باولا كاباليرو «نرى الكثير من الدول والمدن والشركات تمسك بزمام الأمور»، مضيفة «إنها أهم رحلة لجنسنا البشري حتى الآن: لدينا فرصة متاحة لإعادة تحديد نمط نمونا. وقمة المناخ هي المرحلة المفصلية من أجل ذلك».
وينتظر أن تجمع قمة بون حوالى عشرين ألف مشارك من مندوبين ورؤساء دول بينهم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 أيلول، وناشطين وعلماء، وكذلك ممثلين عن مجموعات محلية أو شركات.
وسيتوزّع المشاركون بين منطقة المفاوضات ومساحة شاسعة مخصصة لعرض واختبار الحلول العملية، وهي مساحة باتت تعتبر ركيزة لا غنى عنها لقمم المناخ، غير أنّها لن تتضمّن هذه السنة جناحاً أميركياً.