آخر محاولات أميركا العودة إلى نسخة جنيف المحروقة!
معن حمية
على هامش مشاركتهما في قمة المنتدى الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ أبيك المنعقدة في فيتنام وقع الرئيسان الروسي والأميركي فلاديمير بوتين ودونالد ترامب على بيان مشترك حول سورية، تضمّن في عناوينه الرئيسة، تأكيداً على وحدة سورية وعلى الحلّ السياسي، وتشديداً على مواصلة الحرب ضدّ تنظيم «داعش» الإرهابي.
واضح أنّ محتوى البيان لا يحتمل التأويل، فهو أكد على منهجية العمل التي تتبعها روسيا الاتحادية إزاء ما يحصل في سورية، لكنه في المقابل وضع الولايات المتحدة أمام تحدّي الالتزام بما تضمّنه البيان، لا سيما وحدة سورية، وهي التي قدّمت كلّ أشكال الدعم لعدد من المجموعات بينها «قسد»، في سياق سعيها الحثيث لفرض أمر واقع تقسيمي تفتيتي.
لكن، ما الذي يجعل واشنطن تذهب إلى التوافق مع موسكو على بيان مشترك يؤكد على وحدة سورية، وهي أيّ واشنطن تمارس عكس ذلك؟
ما هو مؤكد أنّ التسريع الأميركي في عملية استبدال عناصر «داعش» في الرقة بعناصر «قسد» لم يُخرج هذه المدينة عن خريطة العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري وحلفاؤه، وبعد تحرير دير الزور صدرت مواقف سورية واضحة، بأنّ دمشق لا تعتبر الرقة محرّرة من الإرهاب، إلا حين يبسط الجيش السوري كامل سيطرته عليها. وهذه المواقف السورية، جعلت الأميركي في حالة من الارتباك، فهو من جهة، يدرك أنّ أيّ عملية عسكرية سورية باتجاه الرقة، ستنفذ بدعم وتغطية جوية وصاروخية روسية، ومن جهة ثانية، هناك قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وافقت عليه واشنطن، ويؤكد وحدة الأراضي السورية، وبالتالي فإنّ هناك قراراً دولياً يغطي الدعم الروسي.
إضافة إلى ذلك، فإنّ واشنطن تلمّست في الآونة الآخيرة، أنّ هناك نتائج ملموسة للمسار السياسي الذي تقوده موسكو، ونتائج واضحة لمسار العمليات العسكرية السورية ضدّ الإرهاب، وأنّ روسيا نجحت من دون أميركا في جعل اجتماعات أستانة تشكل مدخلاً لإقامة مناطق خفض التصعيد، وقطعت شوطاً كبيراً في التأسيس لعقد مؤتمر في سوتشي في روسيا، ويشي التحضير له بنتائج إيجابية، لذلك لم تجد واشنطن مناصاً من أن تضمن حضوراً في مسار الحلّ السياسي، من خلال محاولة العودة إلى مسارات جنيف، التي انطلقت في مرحلة، كانت فيها الموازين في مصلحة الإرهاب ورعاته الدوليين والاقليميين والعرب.
لكن العودة إلى مسار جنيف، لا تعني العودة إلى ما انتهى إليه، لأنّ نتائج مسار أستانة، وخريطة الطريق التي وضعت لمؤتمر سوتشي، تشكل منطلقات للحلّ السياسي. وهذا ما قد يجعل الأميركيين يذهبون في اتجاه إعطاء تفسيرات تتناقض مع مضمون البيان الروسي الأميركي المشترك. وهذا أيضاً ما يدفع العدو الصهيوني إلى الحديث عن اتفاق روسي أميركي أردني حول مناطق جنوب سورية يقضي بإنهاء وجود حلفاء سورية وفي مقدّمهم إيران، غير أنّ هذا الحديث لا يستند إلى الصدقية. وهو محاولة لدقّ إسفين بين حلفاء سورية…!
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي