استئناف جلسات النقاش حول وضع حدّ لتفوّق القوانين الأوروبية على القانون البريطاني بعد «بريكست»
دخلت رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي أمس، في قلب معركة برلمانية كبيرة، مع استئناف جلسات النقاش حول مشروع القانون الذي يهدف بعد «بريكست» إلى وضع حد لتفوق القوانين الأوروبية على القانون البريطاني.
وكان مجلس العموم صدّق في قراءة أولى في أيلول 2017 على هذا النص الذي من المفترض أن يتيح للمؤسسات في المملكة المتحدة مواصلة أعمالها بشكل طبيعي، بعد انفصالها بشكل تام عن الاتحاد الأوروبي.
لكن مراجعته بشكل تفصيلي شهدت تأخيراً. وبرّرت الحكومة ذلك بـ «ضرورة أخذ الوقت الكافي لدراسة نحو 500 تعديل تم التقدم بها».
وتواجه الحكومة إمكانية التعرض لانتكاسات حول بعض التعديلات الأساسية في حال وقف نواب محافظون متمرّدون مع نواب حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة. فرئيسة الحكومة لا تملك في الواقع سوى غالبية صغيرة في البرلمان بفضل تحالفها مع الحزب الوحدوي الإيرلندي الشمالي.
وخلال لقائه اليومي مع الصحافة، أشار المتحدّث باسم الحكومة إلى أنه من مصلحة «الجميع» عدم حرف مشروع القانون عن مساره حتى تتمّ عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي «بلا عوائق».
ويأتي هذا الاختبار في الوقت الذي تجد فيه رئيسة الحكومة نفسها في موقف ضعيف بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة في حزيران 2017 وتواجه صعوبة في فرض سيطرتها حتى داخل حكومتها نفسها.
ففي الأسابيع الماضية، قدّم وزيران استقالتهما، الأول على خلفية فضيحة تحرّش جنسي، والثاني بعد اتهامه بالقيام بدبلوماسية موازية مع «إسرائيل» من دون علم الحكومة.
كما تشهد الحكومة تجاذباً واضحاً بين مؤيدي طلاق واضح وآخرين يفضلون مقاربة أقل صرامة مع الاتحاد الأوروبي.
وأوردت صحيفة «ميل أون صنداي» أنّ وزيرَيْ الخارجية بوريس جونسون والبيئة مايكل غوف وكلاهما من «الصقور» الداعين إلى تطبيق بريكست صارم، اشترطا الاستعداد بشكل واضح ومفصل لاحتمال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى اتفاق مع بروكسل.
كما سيكون على ماي أن تواجه نفاد صبر بروكسل في وقت لم تشهد فيه المفاوضات حول بنود الطلاق، تقدماً أو شهدت القليل منه.
وأمهل كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه المملكة المتحدة أسبوعين لتوضيح التزاماتها إذا كانت تريد الحصول على ضوء أخضر من بروكسل بحلول نهاية العام من أجل إطلاق المفاوضات التجارية لمرحلة ما بعد «بريكست».
وهي مهلة يبدو أن ماي تريد تجاهلها، حيث أشار المتحدث باسمها إلى أنها تعمل «في أفق» القمة الأوروبية المقررة في 14 و15 كانون الأول المقبل.
وحذر تقرير برلماني نشر أمس، من «أنّ عدم التوصل إلى اتفاق ، الأمر الذي تخشاه الشركات، يمكن أن تكون له آثار كارثية على المستوى الجمركي».
وقالت إيما مارسيغاغليا رئيسة «بيزنس يوروب» جمعية أصحاب العمل الأوروبيين لبلومبيرغ «طلبت من وزير بريكست ديفيد ديفيس، ما إذا كان يعتقد أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق من الآن وحتى القمة الأوروبية، «وقال لي الاحتمالات 50/50». لكن الوزارة نفت هذه التصريحات.
وسيكون الصدام الأول عندما سيسعى حزب العمال إلى إجراء تصويت على تعديل يمدّد فترة انتماء المملكة المتحدة في السوق الموحّدة والاتحاد الجمركي وضمن صلاحيات محكمة العدل الأوروبية خلال المرحلة الانتقالية.
وتبدأ هذه المرحلة بعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي وتستمر لعامين تقريباً. لكن الحكومة شدّدت على أنّ البلاد ستكون منفصلة تماماً عن الاتحاد الأوروبي بمجرد خروجها منه في 29 آذار 2019.
وأثار هذا الموعد الدقيق والذي أتى بموجب تعديل في القانون اعتراض بعض النواب المحافظين.
وقال دومينيك غريف أحد النواب المحافظين «إن هذا التعديل كان غير ضروري إطلاقاً وسيأتي بنتيجة عكسية ويزيل أي هامش للمناورة في حال تأخّر المفاوضات».
أما عمليات التصويت الأكثر توتراً فستتم في الأسابيع المقبلة عندما سيسعى غريف ونواب محافظون آخرون للحدّ من السلطة التي يمنحها نص القانون إلى الحكومة في مجال تعديل القوانين الأوروبية بالتوازي مع نقلها إلى التشريعات المحلية.