«داعش» ذراع الصهيونية وأميركا

جمال العفلق

لم يعد مقبولاً اليوم أن نسمي «داعش» على أنها حلم دولة الخلافة الإسلامية. ولم يعد مقبولاً اليوم أن نربط «داعش» أو حركة «الإخوان المسلمين» أو أي حركة تحمل شعار السلفية على أنها حركات تستمدّ أدبياتها من الإسلام.

فهذه الحركات الأصولية الإسلامية كما تدعي تستمدّ وجودها من خلال تمويل أشدّ الأنظمة العالمية رجعية وتخلّفاً وعلى رأسهم آل سعود الذين يتحكّمون بثروات أرض الحجاز، وتستمدّ وجودها العسكري من خلال أشدّ الأنظمة العالمية عداء للإنسانية وهي الولايات المتحدة الأميركية، فصورة «داعش» التي قدمت لنا في الإعلام ومن خلال تقارير غربية موجهة ومنسقة على أن «داعش» عملاق كبير وكيان حقيقي يحتاج لعقد من الزمن حتى يُزال أو يُحجّم!

ولكن حقيقتها أنها مجموعة مرتزقة جمعهم أساس ديني مذهبي مريض وغسل للأدمغة ودربوا على يد الحركة الصهيونية وأميركا وعلى أراضي عربية وإسلامية. هدف هذا التشكيل الوحيد هو إضعاف المنطقة وتمزيقها من أجل سلامة وأمن ما يسمى «إسرائيل».

وقد استفادت أميركا من تجربتها الطويلة في أفغانستان وتجربتها مع «طالبان» و»القاعدة»، واستطاعت تجاوز الثغرات والأخطاء بأنها قامت بتدريب مجموعات أشد تطرفاً وأشد تخلفاً ودعمت وجود تلك الجماعات في عقول البسطاء مستفيدة من جهل من قدموا أنفسهم على أنهم مثقفون في كل من سورية والعراق ولبنان والعالم العربي. ومستفيدة كذلك من حقدهم ورغبتهم بالوصول إلى السلطة حتى لو قتل ثلثا الشعب العربي، حيث ساهم هؤلاء بتقديم هذا الكيان على أنه تجربة من تجارب الكفاح المسلح. من خلال ما سمي حينها مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري، هذا الكفاح الذي يصب في تدمير الأراضي الوطنية وتدمير الكيان الرسمي للدولة، ولكن هذه الجماعات وأولئك المثقفين لا يجدون حرجاً في التنسيق مع ما يسمى «إسرائيل» وتقديم كل فروض الطاعة والولاء لعقيدة الجيش الصهيوني الهادفة لتمزيق المنطقة. فاليوم الكيان الصهيوني يعاني أمنياً من ضعف الإمكانيات في حماية المستوطنات. وأعلن الخبراء الصهاينة أن حماية الاستيطان أمر أصبح صعباً جداً إذا لم يكن مستحيلاً فوجد الحل بحماية تلك البؤر السرطانية بإضعاف المحيط وكسر حلقات المقاومة الممتدة من لبنان جنوباً حتى طهران مروراً بدمشق… وإضعاف الروح الوطنية الحالمة بالاستقلال والتحرر في فلسطين المحتلة من خلال عزل أصحاب الفكر المقاوم عن المحيط المقاوم والاستفراد فيهم من خلال احتضان تركيا لحماس وفرض الشروط الصهيونية على الشعب الفلسطيني.

فالمنطقة اليوم مقسومة إلى ثلاثة محاور محور الحياد الذي لا يعرف ماذا يريد ومتقلب في مواقفه… المحور الثاني هو محور المقاومة الذي يعلم تماماً أن قتاله لهذه المجموعات هو واجب وطني وأخلاقي لا يمكن المساومة عليه، فمحاربة «داعش» وأخواته ليس من باب الصراع المذهبي كما يحب البعض أن يسميه أو يسوّق له محاربة «داعش» هي محاربة التمدد الصهيوني العالمي على أراضي وثروات المنطقة.

والمحور الثالث هو محور دعم «داعش»، وهذا المحور منتشر في مناطق الحرب حيث يسوّق لـ»داعش» ويدافع عنه من خلال انتقاده للمحور الثاني المقاوم إماً طائفيا أو عسكرياً حيث لا يخجل أصحاب هذا المحور من إعلان خضوعهم لواقع «داعش» وقبول وجوده، وذلك من أجل بعض المصالح الآنية والشخصية، وهذا المحور لا يمتلك قراره أصلاً. فمن الخطأ التحاور معه أو مناقشته لأنه في حقيقة الأمر هو فرع وليس أصلاً ويستمد تعليماته من مكاتب الاستخبارات المنتشرة من خلال سفارات أميركا وبريطانيا وفرنسا وتركيا ودويلات عربية مثل قطر والسعودية وتجربة ما قالوا عنه «تحالف دولي ضد الإرهاب» داعش يؤكد تماماً أن هذا الكيان لم يتعرّض لأي ضربة حقيقة ولم يتوقف عن التوسع كيف يمكن لإنسان بسيط أن يقبل ادّعاء التحالف المزعوم أنه يضرب «داعش» وهو يتمدد على أراضي سورية والعراق ويحاصر مدناً؟

فالواضح أن ضربات التحالف هي مجرد أصوات وصور إعلانية يدفع آل سعود من أموال النفط ثمنها، ولكنها ليست إلا مجرد رقصات استعراضية على حساب دم الشعب العربي.

هي إذا حرب كونية على المنطقة… وليس لدينا إلا خيار واحد هو القتال وقطع هذه الذراع الصهيونية والقضاء عليها.

فالحكومة التركية التي تسهّل مرور عناصر الإرهاب تريد اليوم من «داعش» تسديد الفاتورة الخاصة بها من خلال محاربة عناصر «حزب العمال الكردستاني»، وتشريد الأكراد من مدنهم ليسهل عليها إكمال دورها الدموي في التصفية العرقية التي عرف بها الأتراك عبر التاريخ من خلال ذبح العرب والأرمن والأكراد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى