الدور الحمائي للإرهاب الصهيوني يحمي الإرهاب الوهابي
معن حمية
العمل الإرهابي الذي حصل في منطقة العريش المصرية، وأدّى إلى سقوط أكثر من 235 مدنياً مصرياً شهداء وعشرات الجرحى، يكشف عن حجم الخطر الذي يشكّله الإرهاب، ليس على مصر وسورية والعراق وحسب، بل على دول العالم كلّها. ومن الصعوبة في مكان وأد هذا الخطر الذي يتهدّد الشعوب والمجتمعات كلها، إذا لم تقم الدول قاطبة بخطوات جدية تؤدّي إلى تقويض بنية الإرهاب.
ما يحصُل راهناً، أنّ الإرهاب لا يزال يتمتع بالحماية من دول وأنظمة مُشغّلة، ويستفيد من دوره الوظيفي لمصلحة مشغّليه، لممارسة إجرامه.
القوى الغربية وفي مقدّمها الولايات المتحدة الأميركية، تتحمّل المسؤولية عن انتشار الإرهاب، لأنّ هذه القوى وعلى مدى عقود من الزمن، لم تقم بأية إجراءات في مواجهة الإرهاب «الإسرائيلي» الذي قتل مئات الآلاف من الفلسطينيين واللبنانيين وغيرهم. لا بل إنّ هذه القوى الدولية تغطي الإرهاب «الإسرائيلي» في المحافل الدولية، وتمنع التوصل إلى تعريف الإرهاب.
لم يقتصر دور الغرب وأميركا على تأمين الحماية للإرهاب الصهيوني القائم على التمييز العنصري، بل وصل حدّ الاستثمار في الإرهاب الذي نشأ على معتقدات «الوهابية» التي تكفّر المذاهب الإسلامية كافة، ووجدت واشنطن في تنظيم «القاعدة» بقيادة السعودي أسامة بن لادن ضالّتها لمحاربة الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، فوفّرت له أشكال الدعم كلها، ما مكّنه من توسيع نطاق نشر دعواته التي تحضّ على القتل والإجرام.
وعلى الرغم من أنّ تنظيم «القاعدة» عاد وارتدّ على أميركا، منفّذاً سلسلة من الهجمات الإرهابية المروّعة في 11 أيلول 2001 ضدّ الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ الإدارة الأميركية لم تتخذ خطوات جادّة للقضاء على تنظيم «القاعدة»، لا بل عملت على فتح منصّات جديدة له، عندما قرّرت غزو العراق وتفكيك جيشه وتطييفه، ونفّذت هذا الغزو عبر بعض البوابات الخليجية.
ومع بدء ما سُمّي بـ «الربيع العربي» وهو الاسم الحركي لمشروع «الفوضى الخلاقة» الأميركية الذي تمّ وضعه لتخريب المنطقة وتدميرها، لم تخفِ الولايات المتحدة ميلها إلى حركة «الإخوان المسلمون» بنسخها المتعدّدة، سواء نسخة يوسف القرضاوي أو نسخة ربطة العنق، أو «الدشداشة»، وبعض هذه النسخ يدين بالوهابية الموصولة بـ «إسرائيل».
وعليه اجتاحت الفوضى دولاً عربية عدة، بحيث لا تزال ليبيا مسرحاً للحرب المدمّرة، وكذلك اليمن، أما تونس ومصر فسرعان ما انتفضتا على حكم الإخوان، ولئن تركّز الضغط الغربي ـ الأميركي ـ «الإسرائيلي» والتركي والخليجي على سورية والعراق، فقد استطاع الإرهاب أن يتمدّد في الدولتين ويرتكب أفظع الجرائم، قبل أن ينجح الجيشان السوري والعراقي مع حلفائهما في توجيه ضربات موجعة للمجموعات الإرهابية وتحرير المساحات كلّها التي احتلّها «داعش» المولود من رحم «القاعدة»، بعد ان تخلّصت واشنطن من بن لادن.
ما تقدّم يثبت أنّ هناك دوراً وظيفياً يؤدّيه الإرهاب لمصلحة دول معروفة، ولذلك لن تكون مصر ولا أيّ بلد عربي أو أجنبي بمنأى عن خطر الإرهاب، ما لم يتوقف الاستثمار في الإرهاب من الدول الراعية.
إنّ الدور الحمائي للإرهاب العنصري الصهيوني الذي كانت ولا تزال تمارسه واشنطن وحلفاؤها، هو نفسه الدور الذي تمارسه بعض دول الخليج، والتي تعمل من أجل استبدال العداء لـ «اسرئيل» بالعداء لـ إيران، للتعمية على الإرهاب الحقيقي المتمثل بالعدو الصهيوني والمجموعات المتطرفة.
رئيس حكومة العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو قال أمس إنّ هناك «تعاوناً مثمراً بين إسرائيل ودول عربية وهو بشكل عام أمر سرّي إلا أنني واثق من أنّ العلاقات معها ستستمرّ بالنضوج، حيث سيسمح لنا ذلك بتوسيع دائرة السلام». ويشدّد على أنه «من دون اختراق الرأي العام العربي، فإنّ السلام سيظلّ بارداً»!
وعليه فإنّ ما حصل في مصر من عمل إرهابي فظيع، يستدعي إجراءات فاعلة ضدّ الإرهاب وتحميل مسؤوليات… والمسؤولية الآن تقع أولاً على مَن يدفع بالتصعيد في المنطقة نحو حافة الهاوية، وتحديداً الرؤوس الحامية في السعودية، وللعلم فإنّ الارهاب يتمدّد في الخراب وللخراب.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي