متطوّع سوري يجسد لقاء الحضارات في إيطاليا
تجذب اللوحات الجدارية لكنيسة سان ماوريتسيو في ميلانو السياح من أنحاء العالم كافة، وتعكف مجموعة من المتطوّعين على تعريفهم عليها، من بينهم المواطن السوري محمد حمادي الذي يناصر في عمله هذا فكرة لقاء الحضارات.
وهذا الرجل 69 عاماً من مدينة حمص وسط سورية، التي أتى عليها النزاع المدمّر المتواصل في هذا البلد منذ سنوات. لكن حمادي غادر حمص قبل عقود طويلة من الحرب عليها.
وهو يستذكر من أيامه فيها الانسجام الذي كان يطبع العلاقات في مدرسته الأرثوذكسية بين زملائه من مختلف الانتماءات الدينية.
ويقول «كان التلاميذ من المسلمين والمسيحيين، ولم نكن نلتفت لذلك، بل كان التلاميذ المسلمون أكثر من زملائهم المسيحيين في هذه المدرسة».
مرة في الأسبوع، كان محمد وزملاؤه يحضرون حصة دراسية عن المسيحية، وأخرى عن الإسلام، وكان المسلمون يهتمّون بحصّة الدين المسيحي والعكس.
ويضيف «كان التنوّع مصدر غنى لهذا البلد».
ترك محمد بلده وهو شاب في العشرين من العمر.
وتوجّه محمد أول الأمر إلى بيروت حيث درس الحقوق، ومنها انتقل إلى الكويت ثم إسبانيا، واختار أخيراً أن يستقرّ في إيطاليا وتزوّج من شابة من ميلانو.
أمام اللوحات الجدارية المذهلة لكنيسة سان ماوريتسيو، يروي محمد للزوار تاريخ الدير ويشرح لهم ما تصوّره الرسوم.
في بعض الأحيان يفاجأ الزوار بأن رجلاً مسلماً هو من يقودهم للتعرّف على معالم الكنيسة، وهو يردّ بالقول «إنه أمر ثقافي وليس دينياً».
ويضيف «أنا أحب الفن، قرأت الكثير من الكتب التاريخية، وسورية أرض فيها ثقافات كثيرة بسبب توالي الغزاة عليها، من الفينيقيين والفرس واليونان، إلى الرومان والعثمانيين والفرنسيين».
يتقن محمد لغات أربع، هي الإيطالية والفرنسية الإنكليزية إلى جانب لغته الأم، وهو يرى في تواصله مع الزوار وسيلة «لإنارة عقول الناس».
وهو أصبح اليوم مستشاراً لبلدية سيستو سان جوفاني في ضاحية ميلانو، ويفضّل ألا يتكلّم في السياسة ولا في موضوع «الاندماج».
وهو يرى أن الناس ينبغي عليهم أن «يعيشوا معاً ويتكلموا معاً ويأكلوا معاً، لكن هذا لا يعني بأي حال أن ينسى المرء جذوره».
ميدل إيست اونلاين