بدء مفاوضات جنيف بحضور «معارضة الرياض» وغياب الوفد السوري.. ولافروف يؤكد دور القوى الخارجية بزرع الإرهاب في المنطقة
استؤنفت في جنيف الجولة الثامنة من المفاوضات السورية، أمس، بعد وصول وفد معارضة الرياض الموحّد إلى مقر المنظمة الدولية للقاء المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وذلك بغياب وفد الجمهورية العربية السورية الذي بقي في دمشق أمس، ولم يغادر إلى جنيف لاستئناف الجولة الثامنة من المفاوضات كما أراد دي ميستورا، كما أن دمشق لم تنته حتى الآن من دراسة دعوة الأخير لاستئناف المباحثات.
ورجّحت مصادر غير رسمية في دمشق، ألا يغادر الوفد السوري دمشق اليوم الأربعاء أيضاً.
وكانت الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة في جنيف أليساندرا فيلوتشي، أفادت بأن المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا يخطط للقاء وفد معارضة الرياض الموحّد، موضحة أن المباحثات تبدأ في الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر.
ورداً على سؤال حول وفد الحكومة السورية أشارت فيلوتشي إلى أن دي ميستورا لا يزال جاهزاً لجذبه للمباحثات فوراً بعد عودته إلى جنيف.
وقالت مصادر إن اتصالات مكثفة بدأها المبعوث الأممي لتوضيح موقفه من ورقة المبادئ الجديدة التي تقدم بها، من دون استشارة الوفد السوري، الأمر الذي وصف بـ «الخروج عن مهامه»، من قبل رئيس الوفد بشار الجعفري، كما يعمل على تبرير موقفه من المشاركة في مؤتمر «الرياض 2» وثنائه على السعودية، علماً أن البيان الصادر عن الاجتماع كان مخالفاً للقرار 2254 من جهة عدم تمثيل أوسع أطياف المعارضة.
وتضمّن شروطاً مسبقة أعادت المفاوضات إلى المربع الأول، الأمر الذي اعتبرته دمشق محاولة سعودية متجددة لعرقلة مسار جنيف التفاوضي، وعدم الأخذ بعين الاعتبار الانتصارات السياسية والعسكرية التي تحققت خلال السنوات الماضية والعودة إلى المربع الأول في التفاوض.
ويراهن دي ميستورا على دور روسي في إقناع الوفد السوري بالعودة سريعاً إلى جنيف، إلا أن مصادر سورية أكدت أن موسكو ليست بوارد ممارسة أي ضغوط على دمشق وأن العلاقة بين العاصمتين هي علاقة احترام متبادل وحوار ونقاش.
وفي السياق، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن تدخلات خارجية في سورية والعراق وليبيا خلقت تربة خصبة لتنامي قوة الإرهاب هناك، مشدداً على مصلحة روسيا في منع انقسام طائفي في الشرق الأوسط.
وقال لافروف، خلال لقائه، الاثنين، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق، يوحنا العاشر: «إن هذه المنطقة تعايش فيها تقليدياً أتباع مختلف الطوائف الدينية والعرقية بصورة سلمية، وهي التي نشأت فيها الديانات العالمية الأساسية، ولدينا مصلحة حيوية في منع وقوع انقسام يحمل طابعاً دينياً في هذه المنطقة المحورية للعالم«.
وشدد لافروف على أن «روسيا الاتحادية تشارك بأكبر نشاط ممكن في الجهود الرامية إلى تجاوز التبعات السلبية لسياسة المؤامرة قصيرة البصر التي يتبعها اللاعبون الخارجيون، الذين بادروا بالتدخلات في العراق وليبيا وسورية، التدخلات، التي بثت الفوضى في المنطقة، وقوّضت أسس الدولة في عدد من البلدان وخلقت بيئة مواتية جداً لأنشطة الإرهابيين والمتطرفين«.
وأشار لافروف إلى أن روسيا تقوم، بالتزامن مع ذلك، «ببذل جهود لترتيب حوار وطني شامل لتسوية المشاكل في سورية والعراق وليبيا والدول الأخرى في المنطقة من أجل وضع الخلافات في المنطقة جانباً والتوحّد لمكافحة التهديد الإرهابي«، موضحاً أن «هذا الأمر سيُسهم أيضاً في تخفيف معاناة المسيحيين«، بحسب تعبيره.
على صعيد العدوان الصهيوني على «جمرايا«، أول أمس، وجّهت وزارة الخارجية السورية رسالتين إلى أمين عام الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن حول الاعتداء «الإسرائيلي«، مساء أول أمس الإثنين، والذي تمثّل بإطلاق صواريخ عدة باتجاه أحد المواقع العسكرية بريف دمشق، تزامناً مع اعتداءات بالقذائف من قبل تنظيمات مسلحة على أحياء دمشق وضواحيها السكنية.
وأشارت الخارجية في بيان نشرته وكالة سانا إلى أنّ «تزامن الاعتداءات «الإسرائيلية« مع اعتداءات شركائها من التنظيمات الإرهابية يشكل دليلاً دامغاً جديداً على التنسيق والشراكة والتحالف الذي يربطهما«.
كما أضافت الخارجية أن «وقوف «إسرائيل« إلى جانب الإرهابيين في حربهم على سورية لم يعُد سراً ولا أمراً يحتمل التأويل، فقد انفضح أمام كل دول وشعوب العالم، حيث أصبحت شريكاً معلناً لتنظيمي داعش والنصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التي تتلقى من كيان الاحتلال التسليح والتمويل وأوامر التخطيط والتنفيذ وكل أشكال الدعم اللوجستي«.
ميدانياً، فرضت وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية سيطرتها على تل شهاب بريف دمشق الجنوبي الغربي بعد القضاء على آخر تجمعات إرهابيي تنظيم جبهة النصرة فيها.
وأفادت مصادر في ريف دمشق بأن وحدات من الجيش بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية نفّذت عمليات نوعية خلال ملاحقة إرهابيي تنظيم جبهة النصرة بالريف الجنوبي الغربي وسيطرت على تل شهاب أو ما يُعرَف بالتلة الوسطى من سلسلة تلة بردعيا الاستراتيجية المشرفة على سهول مغر المير وحينة.
إلى ذلك، استشهد 8 أشخاص على الأقل، أمس، بانفجار إرهابي بحافلة ركاب في مدينة حمص.
ووقع الانفجار في أحد أطراف حي عكرمة الذي تعرّض لهجمات متكررة منذ بدء العدوان على سورية في العام 2011. وأكثرها دموية وقع في أكتوبر/تشرين الأول 2014، عندما أودى تفجير انتحاري قبالة مدرسة بحياة 54 شخصاً، من بينهم 47 تلميذاً لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة.
وفي الميدان نفسه أيضاً، أعلنت نسرين عبد الله، المتحدثة باسم وحدات حماية المرأة في «قوات سوريا الديمقراطية«، أن «قسد« تنسق مع الجيش الروسي شرق الفرات بغرفة عمليات مشتركة، ولكنها اضافت أنه «ليس لدينا أي عمل مشترك مع القوات السورية«.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن 6 قاذفات استراتيجية بعيدة المدى وجهت ضربة إلى مواقع تنظيم «داعش« في محافظة دير الزور السورية.
وأضافت الوزارة الروسية أنه «تمّ تدمير كافة الأهداف«، مشيرة إلى أن الضربة الروسية سمحت بكسر شوكة الإرهابيين بالقرب من السيال، ما ساعد في تقدّم القوات الحكومية السورية في الجبهة.