قمّة للمناخ في باريس لتعزيز تمويل محاربة الاحتباس الحراري
اجتمع نحو ستين من قادة العالم ومئات الوزراء ورؤساء الشركات والناشطين في باريس أمس، في مسعى لتمويل تحول الاقتصاد العالمي نحو الطاقة النظيفة، بعد عامين بالضبط من توقيع اتفاق دولي لتجنّب أسوأ سيناريو للاحتباس الحراري.
وحذّر خبراء عشية انعقاد «قمة العالم الواحد» من أنّ هدف الاتفاق المتمثل بإبقاء الاحتباس الحراري أقلّ من درجتين مئويتين سيظلّ حلماً ما لم يتمّ استثمار تريليونات الدولارات في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
وقال رئيس وزراء فيجي فرانك بانيماراما الذي ترأس محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ التي جرت في بون الشهر الماضي، «فيما التحدّي ضخم، علينا القيام بكل ما في وسعنا لمواجهته. ندرك أن ذلك يعني الفرق بين الحياة والموت بالنسبة لملايين الناس المعرّضين للخطر حول العالم».
وأضاف «هناك تريليونات الدولارات المخزنة في المؤسسات الاستثمارية الخاصة … علينا فكّ القفل عن هذا التمويل».
ودعا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى القمة جزئياً كرد على إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حزيران انسحاب واشنطن من الاتفاقية التي تفاوضت بشأنها مئتا دولة طيلة أكثر من عقدين.
من جهته، أعلن البنك الدولي أنه «سيتوقف عن تمويل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما اعتباراً من 2019».
وفي هذه الأثناء، تجمع نحو مئتي متظاهر في شوارع باريس مطالبين فرنسا بالتوقف عن دفع «أي يورو إضافي على طاقة الوقود الأحفوري».
وتتحمّل البشرية بحرقها الكثيف للنفط والفحم والغاز الطبيعي مسؤولية الغازات السامة التي ترفع درجة حرارة الأرض وتسببت بارتفاع معدلات درجات الحرارة حول العالم بنحو درجة مئوية حتى الآن.
ويحذر خبراء من أنه بالوتيرة الحالية لانبعاثات الغازات السامة، بات العالم في طريقه نحو ارتفاع من ثلاث درجات في المعدل، ما قد ينتج عنه عواصف مدمّرة وارتفاع منسوب مياه البحار وفيضانات وجفاف.
وسحبت إدارة ترامب الذي وصف التغير المناخي بأنه «خدعة»، تمويلات بمليارات الدولارات لقضايا المناخ، بما في ذلك ملياران من ثلاثة مليارات دولار تعهدت واشنطن بالمساهمة بها لما يُسمّى بـ «صندوق المناخ الأخضر».
ودعا ماكرون أمس باقي الشركاء إلى «تعبئة أقوى بكثير».
وقال لصحيفة «لو موند» «نحن بعيدون جداً عن هدف اتفاقية باريس بالحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى ما دون درجتين مئويتين».
وقالت الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ باتريسيا إسبينوزا إن التحرّك السياسي «لن يكون كافياً إذا لم نحدِّث ونعيد إطلاق البنية المالية العالمية ونجعل جميع أشكال التنمية منخفضة الانبعاثات ومرنة ومستدامة».
ولطالما شكلت المسائل المالية نقطة خلافية في خطط الأمم المتحدة المتعلقة بالمناخ، حيث تُصرّ الدول النامية على الحصول على مساعدة مالية لتتمكّن من سدّ كلفة التحول إلى مصادر طاقة أقل تسبباً للتلوث ولمواجهة العواصف والجفاف والفيضانات الناجمة عن التغير المناخي.
يتولى مهمة الدفاع عن قضايا المناخ رجال الأعمال والقادة الحكوميين المحليين وعلى مستوى المناطق، حيث مثلهم في باريس حاكم نيويورك مايكل بلومبرغ ومحافظ كاليفورنيا السابق ارنولد شوارزنيغر ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل غايتس.
وفي غياب أوباما، المدافع الأبرز عن قضايا المناخ والذي لعب دوراً أساسياً في إبرام اتفاقية باريس، سيتولّى المهمة رجال الأعمال والقادة الحكوميون على مستوى الولايات والمناطق، حيث مثلهم في باريس حاكم نيويورك مايكل بلومبرغ ومحافظ كاليفورنيا السابق ارنولد شوارزنيغر ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل غايتس.
وقال شوارزنيغر في باريس «لا يهمّ إن كان دونالد ترامب انسحب من اتفاقية باريس، لأن القطاعين الخاص والعام والجامعات لم يتخلّوا عنها. لم يتخلَّ أحد عنها».
وقال وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري على هامش القمة «إن عدم مشاركة بلاده في القمة مخيّبة للآمال، لا بل أكثر من ذلك، إنها عملياً عار عندما تؤخذ في الاعتبار الوقائع والعلم والحسّ السليم، وكل العمل الذي أنجز».
وبين القادة الذين حضروا قمة الثلاثاء الأمين العام للأمم المتحدة انتونيو غوتيريش ورئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم والرئيس المكسيكي انريكي بينيا نييتو ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي.
ولم يُدعَ ترامب إلى اجتماع أمس، حيث مثل الولايات المتحدة – أكبر ملوّث عالمي – مسؤول من السفارة في باريس.
وتغيّب عن القمة كذلك زعماء أبرز الدول المتسببة بالتلوث وهي الصين والهند والبرازيل وروسيا وكندا إضافة إلى المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان – كلود يونكر.
وأكد المفاوض الصيني الرئيسي في ملف المناخ شي شينخوا على «التزام بكين بالتحول إلى الطاقة النظيفة»، عارضاً «تفاصيل المشاريع الوطنية الجارية في هذا المجال».
وقال «في ما يتعلق بمكافحة التغير المناخي، حققت الصين أموراً عديدة، كانت ضرورية لنموّها المستدام».
وتعهدت الدول الغنية عام 2009 بجمع 100 مليار دولار كل عام كتمويل مرتبط بالمناخ مخصّص للدول النامية اعتباراً من العام 2020.
وأفاد تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنّه بناء على اتجاهات عام 2015، سيبلغ إجمالي التمويل الحكومي حوالي 67 مليار دولار بحلول هذا التاريخ.
وتقدّر وكالة الطاقة الدولية أنه ستكون هناك حاجة لاستثمارات تقدّر بنحو 3.5 ترليون دولار كل عام في قطاع الطاقة حتى العام 2050 لإبقاء الاحتباس الحراري تحت درجتين مئويتين، وهو ما يعادل ضعف الإنفاق الحالي.
وحثّ الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون الدول على «الاتفاق على برنامج يصل إلى هدف مئة مليار دولار بحلول العام المقبل».
وقال «إنه رقم ضخم، لكنني أعتقد أنه قابل للتحقق إذا توفرت الإرادة السياسية».