«القوّات» تعزل نفسها عشية الانتخابات
حسين حمّود
بحسب العارفين بكواليس العلاقة بين تيّار «المستقبل» وحزب «القوّات»، فإن «الحليفين اللدودين» متّجهان نحو مزيد من التباعد، بالرغم من إشاعة وزراء ونوّاب وقيادات «القوات» بشكل شبه يومي أن التصدّع الذي اعترى العلاقة مع التّيار الأزرق تجري معالجته، وأن التواصل قائم بينهما، لكن المطلوب المزيد من الحوار بينهما.
إلاّ أن ما تظهره المعطيات لا يستقيم مع ما يبشّر به القواتيون، ولا سيما عدم حصول أي لقاء بين رئيس التيّار سعد الحريري وبين رئيس حزب «القوّات» سمير جعجع منذ عودة الأول من «إقامته الجبرية» الموقتة في السعودية.
كما أن الحريري بدا من لحظة عودته، أنه يسعى إلى الإمساك بقرار تيّاره وتوجّهاته محلياً، عبر تحجيم مناوئيه داخل التيّار، بحرصه على ترؤسه شخصياً اجتماعات كتلة «المستقبل» بعدما كان يسند هذه المهمة إلى رئيس الكتلة النائب فؤاد السنيورة منذ إنشائها.
وتبعاً لذلك، فإنه يسعى إلى سد الثُّغَر التي نفذ منها حزب «القوات» إلى الزرق، ومشى بعضهم مع مخطط جعجع، تحت خيمة بعض المسؤولين السعوديين، لإضعاف الحريري داخل تيّاره وفي الحكم، عبر محاولته الوصول إلى «أصحاب المونة» السعوديين ونصحهم من جانب جعجع بذلك وفي المقابل إعادة إحياء فريق 14 آذار المحتضر ليتولى رئاسته رسم سياساته الجديدة ووسائل تنفيذها. وهي تهدف بالإجمال إلى مناوئة حزب الله في الحكم وفي الشارع إن اقتضى الأمر لتحجيم نفوذه، وذلك عبر حملات شعواء تركِّز على سلاحه وتشويه صورته، وذلك بالتقاطع مع توجهات بعض النافذين في القيادة السعودية.
وهذه المهمة لم يقم بها الحريري الذي لا بدّ من إقصائه بحسب العارفين، وإفساح الطريق أمام «القوات» لتولّي الأمر.
لذلك تلقف حزب «القوّات» استقالة الحريري من رئاسة الحكومة، علماً أن الأول كان قد روّج، قبل الاستقالة، لإمكان حدوث هزّة حكومية عبر استقالة وزرائه.
لكن الهزّة قَلَبَها الحريري باتجاه مناوئيه في التيّار الأزرق وخارجه، أولاً حين تريّث في يوم الاحتفال بذكرى استقلال لبنان، في الاستقالة تلبية لتمني رئيس الجمهورية ميشال عون، وثانياً حين أعلن العودة عنها. وبين الموعدين لم يتوقف التحريض للحريري على الاستمرار في استقالته مع هجوم مبطَّن عليه ولسياساته، خصوصاً تبريده الأجواء مع حزب الله وإيران.
يعتبر العارفون أن هذا ليس هو لبّ الموضوع، بل وضع «القوات» في المرحلة المقبلة، ولا سيماً في الانتخابات النيابية المقررة في شهر أيّار المقبل.
فـ «القوات» على خلاف مع التيّار الوطني الحرّ، نشب بينهما على خلفية محاولة «القوات» تمثيل دور الوصي على العهد من خلال رسم استراتيجيته في الحكم داخلياً وأيضاً كيفية التعاطي مع الشؤون والأحداث الإقليمية والدولية.
وبعد ذلك جاء الخلاف لهذه الأسباب وغيرها، مع الرئيس الحريري، ليصبح حزب «القوّات» تبعاً لذلك، من دون صديق قوي وحليف يعتمد عليه في الوصول إلى السلطتين التشريعية والتنفيذيّة. وإضافة إلى خسارته المزدوجة المذكورة، ابتعد قبل ذلك عن حزب الكتائب، وبعدما كان يعوِّل على تحالف ما مع تيّار «المردة» فإن الأخير يرفض هذا التوجّه.
«القوات» عشيّة الانتخابات في شبه عزلة سياسية، وبالتالي شعبية، ساهمت هي في جلبها لنفسها بسبب حساباتها السياسية الخاطئة، وهذه السمة فيها يعرفها جداً حلفاء «القوات» الأميركيون، ونتيجة لذلك، لن تكون «القوّات» في الانتخابات المقبلة في أحسن أحوالها، كما كانت تروّج طيلة الفترة الماضية، يقول العارفون.