الرئيس الروسي: سنضمن أمننا دون الانخراط في سباق التسلّح.. أولويّتي هي رفع مستوى معيشة الروس
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمره الصحافي السنوي الذي عقده أمس، تمسّك موسكو بـ «المعاهدات الدولية الخاصة بالأسلحة الاستراتيجية»، وحذر من أن «انسحاب الولايات المتحدة منها قد يضرّ بالأمن والاستقرار الدوليين».
وذكر بوتين، «أن روسيا لن تنسحب من أهم المعاهدات الدولية التي تشكل الحجر الأساس للأمن الدولي، بما فيها معاهدة إزالة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى ومعاهدة ستارت الجديدة ومعاهدة الحدّ من أنظمة الصواريخ المضادة للدفاع الصاروخي».
وأشار الرئيس الروسي إلى أن «واشنطن تحاول توجيه أصبع الاتهام بخرق المعاهدة إلى موسكو، بينما نشرت هي نظام أيجيس المضاد للصواريخ في رومانيا، ويمكن استبداله بسهولة بصواريخ متوسطة المدى».
وذكر بوتين أنّ «الأحاديث تسمع اليوم في الولايات المتحدة بأن معاهدة ستارت الجديدة المتعلقة بتقليص الترسانة النووية ليست مفيدة بالنسبة لها»، محذراً من أن «انسحاب الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية سيكون أمراً سلبياً للغاية من ناحية الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين».
وشدّد الرئيس الروسي على أن «النفقات العسكرية في روسيا متوازنة، نظراً لضرورة ضمان أمن الدولة من جهة ومنع الإضرار باقتصادها من جهة أخرى»، مشيراً إلى أن النفقات العسكرية الروسية في عام 2018 ستبلغ 46 مليار دولار، وهذا أقلّ بـ15 مرة مما في الولايات المتحدة نحو 700 مليار دولار».
على صعيد داخلي، نفى بوتين «أن يكون راغباً في استبعاد أي معارضة في البلاد»، ورداً على سؤال حول عدم وجود معارضة قوية، قال الرئيس الروسي الذي يحكم البلاد منذ 18 عاماً «الأمر لا يعود لي، لكي أشكّل منافسين»، وذلك بحضور أكثر من 1600 صحافي تناول أمامهم المسائل المحلية والدولية.
وأكد أنّ «ضعف المعارضة الروسية الليبرالية ناجم عن عدم وجود رغبة لدى الروس للقيام بانقلاب، مثلما حدث في أوكرانيا، حيث أدى تحرك حركة الميدان إلى إسقاط الرئيس الموالي لروسيا في 2014».
وأضاف «أعتقد أنّ النظام السياسي كما الاقتصادي، يجب أن يكون تنافسياً وأرغب في العمل على تشجيع ذلك» قبل أن ينسب ضعف معارضيه إلى «نجاح سياسته الاقتصادية» وضرورة أن يقدم منافسوه اقتراحات «فعلية».
من جهة أخرى، دافع عن «مصالح روسيا أمام الاتهامات بالتدخل في الانتخابات الأميركية أو تعاطي رياضييها المنشطات». وبعد أن أقرّ بأنّ روسيا «مذنبة» جزئياً، أكد بوتين أن موسكو ستدافع عن رياضييها أمام المحاكم واعتبر أنّ الأميركيين «يتلاعبون» بغريغوري رودتشنكوف مصدر فضيحة المنشطات، مشيراً إلى أنه «يعمل لصالح أجهزة الاستخبارات الأميركية». وقال «من الواضح أنّ هذه الفضيحة ضخّمت بما له علاقة بالبرنامج السياسي الروسي» في إشارة واضحة إلى الانتخابات الرئاسية.
وبعد أسبوع على إعلان ترشّحه رسمياً لولاية رابعة تبقيه في السلطة إلى 2024 في حال فوزه بها، شدّد بوتين على أنّ «أولويته هي رفع مستوى معيشة الروس الذين تضرروا من جراء الأزمة الاقتصادية ونفى أن يكون يسعى لإسكات الأصوات المعارضة».
فيما انتقد محاولات الأحزاب والقوى السياسية الأميركية المعارضة، «نزع الشرعية عن مواقف وسياسات الرئيس، دونالد ترامب»، معتبراً أنّ «هذا يسبب ضرراً لبلاده بأكملها».
وأعلن بوتين رداً على طلب مقدم برنامج «أي بي سي» الإخباري في أميركا، التعليق على اتصالات ترامب وفريقه مع روسيا في أثناء الحملة الانتخابية، «إنها كلها مزاعم أطلقها أناس يعارضون ترامب من أجل إضفاء طبيعة غير شرعية وغير قانونية على كل ما يقوم به الرئيس الأميركي».
وأوضح الرئيس الروسي «أن مثل هذه الاتهامات تبدو غريبة بالنسبة له، وعلاوة على ذلك، فإنها تضر بالأميركيين أنفسهم».
وقال الرئيس بوتين: «بالنسبة لي إنها اتهامات غريبة جداً، وأنا أقول لكم بكل صراحة، أن الأناس الذين يطلقونها يبدو كما لو أنهم لا يفهمون أنهم يلحقون الضرر بالوضع السياسي الداخلي في البلاد، ربما هذا استنزاف للرئيس المنتخب. وهذا يعني أنهم لا يحترمون الناخبين الذين صوتوا لصالحه في الانتخابات».
ورداً على سؤال حول علاقته الشخصية مع الرئيس ترامب، أعرب الرئيس الروسي عن «أمله في أن يتمكن نظيره الأميركي من إقامة علاقات طبيعية مع روسيا».
ورجّح بوتين «أن تكون علاقته طيبة ودون تكلف مع الرئيس الأميركي، لو أتيحت لهم فرصة إجراء لقاءات أكثر، إذ إنّهما لم يلتقيا حتى الآن سوى مرتين، وعلى نحو عابر».
وقال بوتين: «خلال لقاءاتنا نادينا بعضنا البعض بالأسماء ودون أي ألقاب، وربما كنا وصلنا لمخاطبة بعضنا البعض بصيغة الفرد التي تعني رفع التكلف والبروتوكول، وليس بصيغة الجمع».
من جهة أخرى، يبدو بوتين المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 18 آذار، وقال إنه سيخوضها «كمرشح مستقل» وليس مدعوماً من حزب روسيا الموحّدة الموالي للكرملين، مؤكداً أنه يعتمد على «دعم كبير من المواطنين».
وأشار آخر استطلاع للرأي لمركز ليفادا المستقل «أن الرئيس يأتي في الطليعة من الآن بحصوله على تأييد 75 في المئة من الناخبين، متقدماً بفارق كبير على الشيوعي غينادي زيوغانوف والقومي فلاديمير جيرينوفسكي اللذين يتحفّظان على انتقاد الكرملين علناً».
والرجل الذي بدا المعارض الأول لبوتين، الليبرالي أليكسي نافالني لن يتمكن من الترشح بسبب ملاحقات قضائية ضده، يؤكد «أنها سياسية».
يرشح المعسكر الليبرالي نجمة التلفزيون كسينيا سوبتشاك، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى «أنها لن تحصل على أكثر من واحد في المئة من الأصوات». وقد استفادت من عملها كصحافية في قناة «دويد» المعارضة للحصول على اعتماد للمؤتمر الصحافي أمس.
والتحدّي الرئيسي الذي سيواجهه بوتين هو إقناع الروس بالتصويت في هذه الانتخابات التي تبدو نتائجها محسومة. وقد أكد 28 في المئة فقط من الناخبين أنهم «متأكدون» من أنهم سيُدلون بأصواتهم في آذار، حسب استطلاع مركز ليفادا.