الرفيق الدكتور عساف نعيمة… كان يَعِدُ بالكثير
من بين الرفقاء الذين عرفتهم حين توليّ مسؤولية رئاسة مكتب الطلبة في أواسط ستينات القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين لا يبرحون ذاكرتي، وقد ذكرتهم في أكثر من مناسبة 1 يحتل الرفيق الدكتور عساف نعيمة حيّزاً جيداً في أعماقي بعد أن كنا خسرناه باكرا جداً، وهو كان مرشحاً، كما يوضح الأمين لبيب غانم 2 لاحتلال دور متقدم، حزبياً وشعبياً، في بلدته بسكنتا.
بتاريخ 14/12/2015، كنت عممت النبذة التالية عن الرفيق عساف:
الرفيق المثالي، الدكتور عساف نعيمة مارس الطب مهنة انسانية
لا يمكنني أن أذكر بسكنتا أو ألتقي أحداً من الرفقاء فيها، إلا وأستذكر بكثير من الحنين ومشاعر الحزن رفيقاً مثالياُ في تعاطيه وفي التزامه هو الرفيق الدكتور عساف نعيمة.
عرفت الرفيق عساف في أواسط الستينات عندما كان طالباً للطب في الجامعة اليسوعية، وكنا معاً في «مكتب الطلبة» 3 للحزب، نعمل ونتحرك ونجول في المناطق، و»معنا» يعمل ويتحرك المكتب الثاني وتجول أعينه المتربصة في كل زاوية.
غادر في أوائل السبعينات إلى ديترويت في الولايات المتحدة، للتخصص، وبقينا نتواصل. فيها تولى مسؤولية العمل الحزبي 4 ، ونشط، وكنت أتولى مسؤولية رئيس مكتب عبر الحدود. ولما عاد إلى الوطن، استمر ذلك القومي الاجتماعي المؤمن، المحب، الصادق، المشع، الوفي لإيمانه ولصداقاته ولأهله ولمحبيه.
الحرب المجنونة أبعدته وأبعدتني. إنما كان يسأل عني الرفيقين كابي وسامي برباري كلما التقى بهما أو بأحدهما 5 وبدوري كنت أطمئن عنه، وانتظر يوماً نلتقي فيه.
كانا يرويان لي ما يُفرح عن حضوره الانساني في مستشفى القديس جاورجيوس مستشفى الروم 6 ، عن استمراره قومياً اجتماعياً لا يهاب من كشف هويته، أو أن يعرف الجميع أن اشعاعه المناقبي نابع من إيمانه الفذ بسعاده، معلماً وزعيماً وبانياً لنهضة الأمة.
كنت عرفت في تلك الفترة عقيلته الفاضلة هيام الزغبي وشقيقها ملحم عندما كان طالب هندسة في الجامعة اليسوعية، وعرفت لاحقاً خاله، الأديب والكاتب والمؤرخ وأحد بناة العمل القومي الاجتماعي في بسكنتا الرفيق سليمان كتانة.
رغم سنوات القهر والحواجز والحدود، وأمراء البحث عن الهوية، بقي الرفيق عساف في أعماقي أحنّ اليه وأصبو لأن نلتقي وأن نتحدث كما كنا نفعل. وبقيت أنتظر يوماً فيه نلتقي.
وانهارت السدود ذات يوم من العام 1990، كانت أمنيتي إلى منفذ عام المتن الشمالي الأمين أنطون خليل أن نتوجه سوياً إلى بسكنتا عند أول مناسبة. قلت له: منذ سنوات وأنا أمنّي النفس أن التقي الرفيق عساف نعيمة، أن أعبطه بكل الحب الذي أكّنه له، وبكل مشاعر التقدير والاعتزاز بما في أعماقه وسلوكه وتصرفاته من مزايا الالتزام الحقيقي بالحزب وبالنهضة.
وفعلاً توجهنا، إنما لنذرف دمعة على رفيق خطفه القدر ذات ليلة، ونقف مع الألاف من رفقائه وأهله ومحبيه وأبناء بلدته، نستذكر سيرته الرائعة، ومناقبه التي جعلت كل من تعاطى معه وتعرّف عليه، يحبه كثيراً ويستمر.
في الصيف الماضي تسنى لي أن اترافق مع الأمين غانم لزيارة عقيلة الرفيق عساف، السيدة هيام الزغبي، التي كنت تعرفتُ إليها بعد عقد قرانها إلى الرفيق عساف، وتعرّفت إلى شقيقها المهندس ملحم الذي كان يتابع تخصصه في كلية الهندسة في الجامعة اليسوعية.
في دارتها المطلّة على تلال الزعرور، وعلى بلدات ضهور الشوير، الخنشارة، وغيرهما، سجلّت للسيدة هيام المعلومات التالية عن الرفيق الراحل الدكتور عساف نعيمة.
مواليد 1941
الأب: الصيدلي جورج نعيمة
الأم: هيفاء كتانة 7
بعد تلقيه دروسه الابتدائية في مدرسة الفرير في بسكنتا، انتقل الرفيق عساف إلى «مدرسة مار يوحنا» في الخنشارة، فالى مدرسة «الفرير» في منطقة الجميزة في بيروت، لينتقل لدراسة الطب في الجامعة اليسوعية.
في 1/7/1967 وبعد أن انهى دراسته في كلية الطب في الجامعة اليسوعية، غادر إلى ديترويت ملتحقاً بمستشفى «سان جون» متابعاً تخصصه الجامعي في الجراحة العامة، وتخصيصاً في جراحة الشرايين.
واذ عاد إلى الوطن عمل في كل من مستشفى السيدة في جونية، وفي مستشفى القديس جاورجيوس مستشفى الروم في الأشرفية بيروت
تعرّض الرفيق عساف بسبب هويته الحزبية إلى مضايقات شتى من جانب خصوم الحزب في منطقة زوق مكايل، وصولاً إلى وضع متفجرة تحت مقعد في سيارته 8 الا أن قرابته لرئيس بلدية الزوق، الاستاذ نهاد نوفل ابن خالته وتعاطيه الراقي مع الجميع وتقديمه الخدمات الطبية مجاناً في معظم الأحيان، جعله يحتل حضوراً متقدماً في ساحل كسروان وبالنسبة لكل من تعاطى معهم بحكم مهنته الانسانية، فتوقف الخصوم عن مضايقته، وتوقف هو عن العمل الحزبي العلني مستمراً على ايمانه، وحمله قضية الحزب في عقله ووجدانه، وفي كل تعاطيه مع محيطه.
بتاريخ 1/11/1989 وافت المنية الرفيق الدكتور عساف نعيمة اثر سكتة دماغية فجرى له مأتم حاشد في بسكنتا، عبّر فيه أهلها ورفقاؤه، عن عظيم محبتهم له، وتقديرهم لخصاله، ولتجسيده فضائل النهضة في كل تصرفاته.
لفت نظري وأنا ادخل دارة الرفيق الدكتور عساف لوحة تحمل قصيدة مترجمة لوالده الصيدلي جريس عساف نعيمة، ولفتني، وقد قرأت الأبيات الأولى منها، متانة اللغة والسبك الشاعري الرائع.
من السيدة هيام هذه المعلومات عن السيد جريس عساف نعيمة:
ـ ولد جريس عساف نعيمة، سنة 1909.
ـ سافر والده إلى الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الاولى، فـرّبته والدته مع شقيقتيه.
ـ تلقى علومه الابتدائية في مدرسة «المونسنيور حبيقة» في بسكنتا، ثم إنتقل إلى «مدرسة برمانا العالية» لتلقي علومه الثانوية ثم انتقل إلى دمشق لدرس علم الصيدلة. في هذه الاثناء عاد والده من الولايات المتحدة.
ـ اقترن سنة 1939 من هيفاء يوسف كتاني وأنجبا الطبيبين عساف وزهير نعيمة.
ـ كان يحبّذ فكر الزعيم سعاده.
ـ كان مشهوراً باستقامته ونزاهته وأمضى عمره في عمل الصيدلة اولاً في بلدته بسكنتا ثم في المريجة الضاحية الجنوبية
ـ توفي سنة 1985.
من جهته يوضح الأمين لبيب غانم أن الصيدلي جورج كان من اوائل رفقائنا في بسكنتا إلى جانب الرفقاء سليمان كتانة، انطون ابو حيدر، ادمون ابو حيدر، وصليبي خوري المحامي ..
من جهة ثانية فإن والد السيدة هيام، غنيم الزغبي كان ايضاً من اوائل رفقائنا في بسكنتا، وكذلك عقيلته ادال. هذا ما اوضحه عميد الثقافة السابق الأمين ميشال نخلة مضيفاً أن السيدة ادال توّجت في وقت سابق أما ًمثالية في بلدتها بسكنتا، وأن شقيقه كان شاعراً معروفاً.
غنيم ملحم الزغبي
نشكر السيدة هيام التي زوّدتنا ايضاً بالمعلومات التالية عن والدها الرفيق غنيم الزغبي.
ـ ولِد في «كفرتيه» بسكنتا سنة 1910
ـ سافر والده إلى الولايات المتحدة قبل نشوء الحرب العالمية
ـ في بداية الحرب العالمية الاولى ذهب مع والدته وشقيقاته الثلاث إلى سهل البقاع هرباً من الجوع.
ـ بعد نهاية الحرب عادوا إلى كفرتيه فيما عاد والده من الولايات المتحدة.
ـ درس في مدرسة «المونسينور بطرس حبيقة» وفيها اكمل دراسته الابتدائية والتكميلية. ثم نزل إلى بيروت حيث درس التجارة في معهد Pigier للمحاسبة، وحاز على شهادة المعهد. ثم عمل في دائرة المساحة.
ـ عرف بصدقه واستقامته. وهو من اوائل المنخرطين إلى الحزب في «كفرتيه» .
ـ اقترن من أدال قازان وكان لهما خمسة اولاد : امال، هيام، ملحم، هدى، انطون.
ـ توفي في حادث سيارة عام 1950.
هوامش
1 – أذكر على سبيل المثال الرفيق الشهيد ايليا نقولا، والرفقاء يوسف سالم، انطون خوري، نبيل حبيقة، غسان ابو حيدر، طنوس طعمة.
2 – لبيب غانم: رجل أعمال مهاجر في غانا، يتردد باستمرار إلى بلدته بسكنتا التي يحتل فيها موقعاً لافتاً، حزبياً وشعبياً، ومثله شقيقه الرفيق نديم.
3 – أذكر من الرفقاء الذين نشطوا في المكتب: الأمين الدكتور جورج يونان، الأمين كمال الحلبي من ينطا راشيا الوادي والرفيق يوسف المسمار من الهرمل، مقيم وناشط في البرازيل .
4 – تولاها بعده الرفيق الأمين لاحقاً أميل حمود مكارم، شبيه الرفيق عساف، مناقب وترفعاً والتزاماً نهضوياً في الحزب، وأذكر من الرفقاء ايلي ساسين كوسبا وعجاج العنداري خلوات فالوغا . تولى الدكتور اميل لاحقاً مسؤولية متقدمة في إدارة المختبر المركزي في بيروت. كانوا يضعون على مكتبه شيكات بدون رصيد، مقابل ان يسمح بمرور شحنة فاسدة من اللحوم، الخ…، فلم يكن يقبل.
5 – ابنا الأب ايليا برباري الذي عرّف سعاده قبل ساعات قليلة من استشهاده.
6 – كان طبيباً معروفاً للكلى. مارس الطب مهنة انسانية لا وسيلة لكسب المال.
7 – هيفاء كتانة: شقيقة الأديب والمؤرخ الرفيق الراحل سليمان كتانة، للاطلاع على ما كتبت عنه مراجعة قسم «من تاريخنا» على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
8 – اقتصرت المتفجرة على اضرار مادية.