تسرّعت بالأفول
سناء البنّا
فاجأتني يا عصام
أبلغوني أنّك عبرتَ حيث النوم الطويل
حيث يتآخى الطين مع الطين
ويتنامى سقف المقابر
ليتك لم تسافر
هل أرغمك حرّاس الهيكل؟
كابرتَ أم هادنتَ؟
يا ليتك انتظرت
ربّما منعوك عن القهوة وتدخين السجائر
كيف قبلت أن تهاجر؟
أنت المرصود لهذه المدينة عيناً ساخرة
من فَرش لك درب الحرير؟
أيّها الأنعم من منقوشة صعترك البرّي
لا أقلام هناك
لا أوراق
لا طاولة ولا رفاق
تسرّعت بالأفول
ليس من عادة البحر أن ينام في حفرة
ولا من عادة الموج أن يغطّ في سبات
أبلغوني وما صدقتهم
يدك التي سطّرت الحرف على عيون النمل
كيف تكفّ عن مسامرة النساء؟
أيّ حقيبة تتّسع للشعر والفكاهات
لجبل ضحوك بخفاياه وأسحاره البلاغية
للشجر لأرقّ السنوات البرّية والأوراق البهيّة
لم أصدّق أيّ مثقال خطّ دربك للموت
أنك تكيّفت مع الخطى
وأنت الثابت في حراك اللامنتهي
بالأمس القريب أشهرت الثورة على من سبقوك
أتغصّ بلفحة موت؟
بسطتَ هامتكَ للشعر للمعضلة
كيف اكتفيت بهذا القليل من سكون الصوت؟
لن تموت كما الآخرون
هم يغطّون في سفر
وأنت تضرم النار لسهرة استيهامات
على مقام الاستئناف!
في اعتقادي
الروح لا تجاري الجسد موتاً
ولا الشاعر يموت في قصيدته الحيّة.
التواصل افتراض الأحياء دوماً
ومريدوك لن يتنازلوا عن ركنك
مهما أوغلت بالفراق
سنلبس يوماً أشواقنا ونوافيك
أحمال الشوق ستقرع اسمك
في كلّ الأمكنة الحميمة
سنراك في مستقبل اللغة
نجم العصر الذي لا يأفل!
والمحكية أنت تميمتها الأزلية.
نم يا صديقي نوم العوافي
ننتظرك كلّ مساء
الروض لا يليق بك
ارفع سقف الموت قليلاً
ننتظرك حيث تشاء
في كلّ بيروت المفجوعة.
أيتامك نحن المشرّدون
بين الروضة أو الحمرا!
شاعرة لبنانية