المبيّض: الإبداع لا حدود له… ورعاية المواهب واجب على كلّ مواطن
رانيا مشوّح
من دفء اللون في لوحاتٍ خطّت خيال العابرين، إلى عذوبة التفاصيل في صورة تاه منها الزمن، إلى غبارٍ تناثر من باطن تحفةٍ حملت ما بين شقوقها رحلة حبّ وحرب وأمل وألم. عشرات الفنانين تقاسموا اختلاجات الروح فأنتجوا لوحاتٍ وصوراً وتحفاً قصّت ألف حكاية وحكاية على حائط الفنّ الراقي.
وانطلاقاً من ذلك، أطلقت وزارة الثقافة السورية برعاية وزير الثقافة محمد الأحمد، بالتعاون مع مديرية الفنون الجميلة، المعرض السنوي للخطّ العربي والتصوير الضوئي والخزف، في قاعة مكتبة الأسد الوطنية في دمشق. ويستمرّ المعرض حتى الرابع من الشهر المقبل.
افتتح المعرض المهندس علي المبيّض معاون وزير الثقافة، الذي صرّح قائلاً: المعرض يضمّ أنواعاً مختلفة من الفنون كالخطّ والتصوير والخزف. هذه خطوة مهمة لوزارة الثقافة بإقامة مثل هذه المعارض، فالجميع يعلمون أنّ الخطّ العربي ليس نوعاً من أنواع الفنون فقط، بل هو حِرفة نعتزّ بها وأدخل السوريّون إليها تطويراً هامّاً.
وأضاف: المعرض اليوم إذا كنّا نتحدث عن الخطّ فهو عبارة عن تشكيل لوحات فنيّة فريدة، جميلة وجذابة، تعكس مرحلة التطوّر التي وصل إليها الفنان، وتشكّل منعكساً لتراكم الخبرات الطويلة التي عمرها آلاف السنين. أمّا أعمال التصوير الضوئي فضمّت عدّة لقطات ذكيّة لفنانين من فئات عمرية مختلفة، تبشّر بمستقبل واعد للفنان السوري، إضافةً إلى الأعمال الخزفية الواعدة والجميلة. وضمّ المعرض أعمالاً لكلا الجنسين وكافّة الأعمار. لذا، أدعو جميع المتابعين إلى زيارة المعرض ليطلّعوا على مرحلة هامّة تسعى وزارة الثقافة إلى تكريسها وتعزيزها من ضمن نشر الثقافة التي تُعدّ من أهمّ واجبات الوزارة.
وعن حدود الإبداع ومدى الإمكانيات المتاحة لدعمه ورعايته قال المبيّض: الإبداع ليس وظيفة، بل طموح. وبطبيعة الحال، الفنان السوري مبدعٌ تلقائياً. لذا فإنّ رعاية المواهب ورعاية الحالات الإبداعية واجب وطنيّ، وليس ثقافياً فقط، بل هو واجب كلّ فرد سواء كان يشغل منصباً، أو يُعدّ فرداً عادياً. ووزارة الثقافة ترعى هذه المواهب وتحاول العمل على تطويرها. وإقامة مثل هذه المعارض من حالات الدعم والرعاية، إضافة إلى اقتناء بعض اللوحات وفق ضوابط محدّدة يتمّ اختيار بعضها من قبل المختصّين في هذا المجال، وتسليط الضوء عليهم ضمن إمكانيات الرعاية في الوزارة والمؤسسات التابعة لها.
وبدوره، حدّثنا عماد كسحوت مدير مديرية الفنون الجميلة وقال: مديرية الفنون الجميلة لديها كلّ سنة مجموعة نشاطات، منها المعرض السنوي للخطّ العربي والتصوير الضوئي والخزف. منذ بداية الستينات إلى اليوم لم ينقطع المعرض، كان يرافق معرض الخريف. في السنوات السبع السابقة فصلنا المعرضين، فأصبح في وقت مختلف عن معرض الخريف تحت مسمّى المعرض السنوي. ومديرية الفنون في وزارة الثقافة هي الداعم الرئيس للفنّ التشكيلي والتطبيقي بكلّ فئاته. لدينا تجارب وفنانون يعملون بحسّ عال، كما لديهم أفكار وأمور يسعون إلى تقديمها للجمهور. نحن نقدّم لهم المكان والوقت وإمكانيات وزارة الثقافة ليقدّموا نتاجهم وخبراتهم للناس، ليروا إلى أيّ مكان وصلت هذه الفنون.
وأضاف: كلّ سنة يكتسب المعرض أهمية عن السنة الفائتة، من خلال رفع السويّة أو من خلال التقديم من الفنانين. نحن نطمح أن يكون التقديم على مستوى أكبر يتناسب وتاريخ سورية وحضارتها.
أمّا رنا حسين، رئيسة دائرة المعارض والمقتنيات في مديرية الفنون الجميلة فقالت لـ«البناء»: المعرض يضمّ عدداً من لوحات الخطّ العربي لفنانين من كافة الفئات العمرية، والتصوير الضوئي والقطع الخزفية. ويتمّ اقتناء مجموعة من الأعمال الرائدة التي تنتقيها لجنة مختصّة من مديرية الفنون كلّ سنة. وسيكون هناك جديد حتى من غير قصد وباللاوعي يكون هناك جديد كلّ سنة، من خلال مشاركات من الفنانين المتوقّفين عن العمل. العدد يزيد عن كلّ سنة سابقة، المكان يختلف تبعاً لأعداد الفنانين وأعداد الأعمال.
وأجرت «البناء» لقاءات مع عدد من المشاركين في المعرض، أوضحوا آليّة مشاركاتهم. حيث قالت الفنانة التشكيلية زويا قرموقة: مشاركتي عبر عمل خزفيّ عبارة عن قطعة شطرنج، كتمثيل لمعركة الحياة التي يمتزج بها اللونان الأبيض والأسود، الموجودان ضمن تفاصيل حياتنا. هذه المعركة كلّ شخص يراها من زاويته.
كما حدثّنا الخزّاف بشار قوبا عن العمل المشارك به ضمن المعرض: أشارك كل سنة في المعارض التشكيليّة التي تقيمها مديرية الفنون ووزارة الثقافة، نشكر رعاية مثل هذه المشاريع ورعاية الفنانين. مشاركتي خزفية نحتية تحت عنوان «مقتبسات من غاودي»، وهو نحّات إسباني عمّر مدينة برشلونة في إسبانيا واعتمد في أعماله على أشكال الحيوانات المبسّطة والضفادع والأشكال الحلزونية في البناء المعماري لمدينة برشلونة، جمعت كل ذلك بكتلة خزفية منحوتة وهي معروضة اليوم في هذا المعرض.
وفي الإطار نفسه، قالت الفنانة هنادي ناصر الدين: مشاركتي ضمن قطاع الخزف وهي عبارة عن تشكيل خزفي يشي بنواة الحياة، وهي عبارة عن بيضة داخل وردة. الوردة ترمز إلى الحياة والتفاؤل، والبيضة هي نواة الحياة. كل شيء في الكون يبدأ من بيضة صغيرة. اخترت هذا التعبير للإيحاء إلى وجوب التفاؤل والولادة من جديد.
في حين تحدّث عبدو هناوي أحد المشاركين في مسابقة التصوير الضوئي: اشتركت بلوحة التقطتها في منطقة المعضمية في ريف دمشق، وهي عبارة عن قذيفة هاون في الأرض لم تنفجر بعد، هذه الصورة تعبّر عن سبع سنوات حرب، هي حالة مختلطة من المشاعر والسنوات الأليمة التي عصفت بنا.
أما تركية جبّور إحدى المشاركات في المعرض ضمن قطاع التصوير الضوئي فقالت: اللوحة التي اخترتها للمشاركة تحت اسم «غروب» هي عبارة عن حالة غروب الشمس وانعكاساتها على سنابل القمح الذهبية. المشهد إبداعي لا يحمل أيّ رسالة، وبخاصة أن الإبداع لا يقف عند أيّ حدّ. فهذه اللوحة عبارة عن لوحة ملتقطة بواسطة كاميرا الجوال.
ومن التصوير الضوئي إلى الخطّ العربي، إذ التقت «البناء» عدداً من الفنانين في هذه الحرفة. حيث قالت مريم زهرا عن مشاركتها: بدأت منذ سنة في هذا المجال، مشاركتي بلوحة كتبتها بالخطّ الرقعي، وقد أخذت ضمن نقطة الرقعة. هذه المشاركة الأولى لي في معرض وسعيدة بهذا الدعم الفنّي الحاصل من قبل القائمين.
كما قالت المحامية آلاء البيش وهي إحدى المشاركات في المعرض: اعتمدت في لوحتي على أسلوب الزخرفة لعبارات دينية، بأسلوب غريب ومنحنيات وزوايا مختلفة، الخطوط كانت بالمسطرة، لكن الجديد يكمن بالزخرفة.
وأضافت: الفنّ يأخذك إلى الهدوء والطمأنينة، وهذا هو سبب انضمامي إلى هذا المجال البعيد عن مهنتي الأساسية كلّياً.
في حين قالت راما هشام الجيك، الأولى على دفعتها في كلّية الفنون الجميلة، والمشاركة في المعرض عبر لوحتين: شاركت بلوحتين ضمن اختصاصين: خطّ عربي وزخرفة إسلامية، وبتشجيع من أساتذتي تقدّمت إلى هذا المعرض.